إعداد صابر حليمة
في العشرين من حزيران/يونيو من كل عام، تحيي الأمم المتحدة "اليوم العالمي للاجئين".
لا شك أن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي من أطول قضايا اللجوء حول العالم، إن لم تكن الأقدم بالفعل، لاستمرارها لما يزيد عن سبعين عاماً.
من هم اللاجئون الفلسطينيون في نظر الأمم المتحدة؟
في أعقاب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الفلسطينيون في عام 1948، جرى تأسيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول/أكتوبر 1949، بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئين الفلسطينيين، لتبدأ الوكالة عملياتها مطلع أيار/مايو من عام 1950.
تعرّف "أونروا" اللاجئين الفلسطينيين بأنهم: "أولئك الأشخاص الذين كانوا يقيمون في فلسطين خلال الفترة ما بين حزيران 1946 وحتى أيار 1948، والذين فقدوا بيوتهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.
وتضيف: "وتعد الخدمات التي تقدمها الأونروا متاحة لكافة أولئك اللاجئين الذين يقيمون في مناطق عملياتها والذين ينطبق عليهم هذا التعريف والذين هم مسجلون لدى الوكالة وبحاجة إلى المساعدة. كما أن ذرية أولئك اللاجئين الفلسطينيين الأصليين يستحقون أن يتم تسجيلهم في سجلات الوكالة"، بحسب الموقع الرسمي للوكالة.
وتشير الوكالة الأممية إلى أنها كانت تعمل على الاستجابة لاحتياجات ما يقارب من 750 ألف لاجئ فلسطيني في عام 1950، لكن العدد وصل اليوم إلى نحو 5 ملايين لاجئ.
ما هي الحقوق التي تكفلها الأمم المتحدة للاجئين؟
ضمن اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئ، المصادق عليها من 145 دولة، للاجئين حقوق أساسية أبرزها:
- حظر الطرد إلا تطبيقاً لقرار متخذ وفقا للأصول الإجرائية التي ينص عليها القانون، على أن يُتاح للاجئين حق الاعتراض
- ألا تفرض الدول على اللاجئين عقوبات جزائية بسبب دخولهم إقليمها أو وجودهم فيه دون إذن
- الحق في العمل
- الحق في السكن
- الحق في التعليم
- الحق في الحصول ما يُمنح في مجال الإغاثة والمساعدة العامة
- الحق في ممارسة الطقوس الدينية
- حق التقاضي الحر أمام المحاكم
- الحق في حرية التنقل ضمن أراضيها
- الحق في الحصول على بطاقات الهوية ووثائق السفر
نظرة عامة على أحوال اللاجئين الفلسطينيين
- اللاجئون الفلسطينيون.. لاجئون داخل الوطن
بلغت نسبة اللاجئين داخل فلسطين حوالي 41% من مجمل السكان الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بواقع 26% من السكان في الضفة الغربية هم لاجئون، في حين بلغت نسبة اللاجئين في قطاع غزة نحو 70 % من السكان بحسب رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار النائب جمال الخضري في تصريح سابق لبوابة اللاجئين الفلسطينيين.
تحمل معاناة اللاجئين في الضفة الغربية وجهين، الأول الاحتلال الصهيوني، الذي يواصل اقتحاماته واعتداءاته على اللاجئين والمخيمات، إلى جانب سوء الأوضاع المعيشية والظروف المزرية التي تعيشها مختلف المخيمات، بفعل شبه انعدام المستلزمات الأساسية.
في قطاع غزة، الذي يبلغ عدد اللاجئين فيه ثلثي عدد السكان، يلقي الحصار المستمر منذ 12 عاماً بآثاره على مناحي الحياة كافة، إذ إن نسب الفقر والبطالة هي من النسب الأعلى في العالم، ويبلغ الاعتماد الأساسي على المساعدات المقدمة من قبل "أونروا".
- فلسطينيو لبنان بين "كورونا" وسوء الأوضاع المعيشية
يعاني اللاجئون الفلسطينيون في لبنان من قوانين عنصرية ممتدة لعقود، يتمثل أبرزها بالحرمان من مزاولة أكثر من 30 مهنة، والحرمان والتملك ومنع إدخال مواد البناء إلى المخيمات، وتحديداً تلك الواقعة في جنوبي البلاد.
لكن العام الماضي 2019 شهد احتجاجات غير مسبوقة في المخيمات الفلسطينية كافة، عقب إصدار وزير العمل السابق، كميل أبو سليمان، إجراءات تشترط حصول الفلسطينيين على إجازات عمل، ومعاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة الأجانب، على الرغم من الوضع الخاص والظروف الصعبة التي يكابدونها.
يمكن اعتبار تلك الفترة بداية مرحلة معاناة معيشية واقتصادية لا تزال آثارها مستمرة حتى اليوم. فكثير من الفلسطينيين فقدوا أعمالهم وتضررت مصالحهم جراء إجراءات وزارة العمل، لكن الأمور ازدادت سوءاً مع دخول لبنان في أزمة اقتصادية حادة.
هذه الأزمة، التي انخفض معها، ولا يزال، سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وفرضت البنوك إجراءات تقيد التحويلات المالية وسحب الإيداعات، ساهمت برفع نسب البطالة والفقر في المخيمات التجمعات الفلسطينية (وبالتأكيد في جميع المناطق اللبنانية).
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل جاءت أزمة فيروس "كورونا" لتضع معاناة فوق معاناة، ارتفعت معها أصوات اللاجئين المناشدة لـ "أونروا" ومنظمة التحرير الفلسطينية ومختلف الفصائل، بالشروع بحملات إغاثية خوفاً من انفجار معيشي، وإيجاد حلول لدعم اللاجئين في ظل هذه الأزمات، وخصوصاً للقادمين من سوريا إلى لبنان هرباً من الحرب.
شرعت الوكالة بحملة مساعدات نقدية (زهيدة) للاجئين الفلسطينيين، ولكن سوء التخطيط وعدم إيجاد آلية منظمة للتوزيع، جعل توزيع تلك المساعدات بين التعليق والاستئناف بين فترة وأخرى.
- فلسطينيو سوريا.. نكبات متلاحقة
دون أدنى شك، تركت الحرب في سوريا بالغ الأثر على اللاجئين الفلسطينيين فيها. فسوريا، التي قطن فيها أكثر من نسف مليون لاجئ فلسطيني قبل الحرب، اضطر كثير منهم إلى الهجرة إلى أوروبا، حيث تشير بعض الارقام إلى وصول 100 ألف منهم إلى الدول الأوروبية، هذا عدا عن النزوح إلى دول عربية، كالأردن ولبنان، إضافة إلى النزوح الداخلي، وتحديداً عقب تدمير عدد من المخيمات الفلسطينية.
اليوم، يعيش اللاجئون الفلسطينيون المتبقون في سوريا أوضاعاً غاية في الصعوبة، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، واشتداد حدة الأزمة الاقتصادية والعجز عن تأمين الاحتياجات اليومية الأساسية، إلى جانب أزمة "كورونا" وغلاء الأدوية وفقدان بعضها، ويضاف إلى ذلك ارتفاع إيجارات المنازل في المناطق التي نزحوا إليها.
اللاجئون الفلسطينيون المهجّرون إلى الشمال السوري
وأفرز الواقع السوري شريحة جديدة من اللاجئين توصيفهم " لاجئون مهجّرون" يعيشون في مخيّمات الشمال السوري، تشير متابعاتنا إلى قرابة 1400 عائلة هجّرت قسريّاً من مخيمات اليرموك وخان الشيح وحندرات ودرعا، تعيش في مخيّمات التهجير في مناطق " دير بلّوط- أعزاز- عفرين وسواها" في الشمال السوري، يعانون كسواهم من المهجّرين أوضاعاً إنسانيّة وإيوائيّة مزريّة، ويعتمدون في معيشتهم على معونات شحيحة تقدّمها الهيئات الإغاثية العاملة في الشمال، في حين لا يتلقّون أي مساعدات من وكالة "أونروا" المسؤولة عن غوث اللاجئين الفلسطينيين، كما أنّهم محرومون من خدماتها التعليمية والصحيّة، ويشتكون من غياب أي دور لمنظمة التحرير الفلسطينية المفترض أنها الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين حول العالم، وكذلك الفصائل الفلسطينية التي تدعي تمثيلها للقضية الفلسطينية.
في تركيا.. لاجئون مهجّرون بلا حقوق
ومن جملة اللاجئين الذي هجّرتهم الحرب السوريّة، شريحة تعد بين 7 إلى 8 آلاف لاجئ فلسطيني سوري يقيمون في تركيا، جزء ليس بقليل منهم غير حاصل على بطاقة الحماية المؤقتّة " الكملك" وبالتالي محروم من أيّة حقوق إنسانية واجتماعية كالحق في العمل والطبابة والتسجيل في المدارس، حتّى عدم تمكنّه من شراء خط هاتف باسمه.
وتكمن مشكلة هؤلاء اللاجئين، بعدم وجود قانون في تركيا ينظم أوضاعهم، حيث أنّ الفلسطيني ضمن القانون التركي هو القادم من الأرضي الفلسطينية ويحمل جواز سفر السلطة الفلسطينية، ودخل إلى تركيا بموجب فيزا، بينما فلسطينيو سوريا الذين يملكون وثيقة سفر صادرة عن السلطات في دمشق لا يعاملون معاملة الفلسطيني، وفق ما وثّق بوابة اللاجئين الفلسطينيين.
وتعاني هذه الشريحة من اللاجئين الفلسطينيين من غياب أيّ معبر سياسي فلسطيني عنها، وعدم اهتمام السفارة الفلسطينية بشؤونهم، وغياب التحركات القانونية لحلحلة قضاياهم القانونية والمعيشيّة.
- فلسطينيو الأردن والتمييز الاجتماعي
في الأردن، تشير التقديرات إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين فيه يتجاوز ثلاثة ملايين، يعاني اللاجئون الفلسطينيون في الأردن من تمييز اجتماعي-اقتصادي، وخصوصاً القاطنين في المخيمات ومناطق السكن العشوائي المحيطة بالمدن، إذ يعيشون حياة مزرية، تفتقد شروط الحياة الكريمة.
وما زاد من حدة المعاناة، تقليصات "أونروا" التي استهدف القطاع الصحي والتعليمات والخدمات الاجتماعية.
- فلسطينيو العراق..
قبيل الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003، كان يعيش في العراق نحو 34 ألف لاجئ فلسطيني، يتمركزون بصورة رئيسية في بغداد.
قانونياً، بقي وضع اللاجئين الفلسطينيين ملتبساً، حتى صدور قرار "202" لسنة 2001، والذي ساوى اللاجئ الفلسطيني بالمواطن العراقي بكافة الحقوق والواجبات باستثناء الحقوق السياسية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في العراق غير مُدرجين ضمن سجلات "أونروا"، فمع إنشاء الوكالة عام 1949، رفضت الحكومة العراقية أن يكون العراق من مناطق عملياتها وتعهد العراق للوكالة الدولية، بالإشراف الكامل على شؤون الفلسطينيين، وتقديم كافة المساعدات مقابل عدم دفع العراق أي مبالغ للوكالة.
في عام 2017، صادق رئيس الجمهورية العراقي، فؤاد معصوم، على قانون يقضي بتجريد الفلسطينيين اللاجئين في العراق من كل الامتيازات والحقوق التي كانوا يتمتعون بها قبل عام 2003.
أما اليوم، زادت أزمة "كورونا" والإجراءات الحكومية على هذه المعاناة، خصوصاً وأن غالبية الفلسطينيين من أصحاب الدخل المحدود الذين يعملون مقابل أجر يومي بسيط.
وزاد من التعقيدات قرارات الحكومة العراقية وقف الراتب التقاعدي للموظف المتوفَّى، وقطع منحة الرعاية الاجتماعية للأرامل وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.
لم تقف الأمور هنا، بل قررت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وقف برنامج "بدل الإيجار" عن 200 أسرة فلسطينية، ويرافقها توقف المساعدات والعلاج التي كانت تقدمها.
الفلسطينيون حول العالم
نتيجة أزمات متلاحقة عصفت بالدول المضيفة للاجئين كالحرب الأهلية اللبنانية والغزو الأمريكي للعراق وما تبعه من استهداف ممنهج للاجئين الفلسطينيين، وظروف سياسية أخرى في فلسطين وخارجها، لجأ إلى الدول الأوروبية والأمريكتين آلاف الفلسطينيين الذين يتجاوز عددهم اليوم مئات الآلاف، دون وجود إحصائية دقيقة لعددهم، نتيجة عدم وجود تمثيل فلسطيني موحد للفلسطينيين في العالم.
وحتى اليوم، لا يزال لاجئون فلسطينيون لجؤوا منذ سنوات قد تتجاوز في بعض الأحيان عشر سنوات، وبعضها سنوات قليلة، من سوريا ولبنان وقطاع غزة، يحاولون الحصول على لجوء في الدول الأوروبية.
ففي السويد، اعتصامات الفلسطينيين مستمرة حتى اليوم، ويعيش نحو 3700 فلسطيني في السويد، بلا أيّة حقوق في السكن والطبابة والرعاية الاجتماعية، بسبب رفض دائرة الهجرة منحهم حقّ اللجوء، وبعضهم تجاوزت فترة وجودهم في السويد 12 عاماً، وبعضهم حديثي الوفود، في حين يحذّر ناشطون من تبعات الرفض، على شريحة المرضى وذوي الاحتياجات الخاصّة وكبار السنّ والأطفال، الذين يعيشون بلا أي غطاء صحّي وتعليمي.
وفي اليونان، يتشارك أكثر من 6 آلاف لاجئ فلسطيني من سوريا وقطاع غزّة وفق تقديرات غير رسميّة، الحياة في الجزر اليونانية مع آلاف آخرين، في مخيمات تضم أعداداً أكثر من طاقتها الاستيعابيّة، وسط ظروف إنسانية وخدميّة متدنيّة وصحيّة، حيث يؤوي مخيم موريا، وهو أكبر مخيمات جزر ليسبوس، أكثر من 19 ألف طالب لجوء بينما لا يتسع المخيم سوى لنحو 2840 لاجئاً.
هذه الأوضاع تنسحب على كثير من اللاجئين الفلسطينيين في الدول الأوروبية.
وبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فإن عدد الفلسطينيين في الشتات يصل إلى 5.986 ملايين في الدول العربية، ونحو 727 ألفاً في الدول الأجنبية.