تناثر الفرح في قطاع غزّة ومخيماته فور الإعلان عن نتائج الثانويّة العامة (التوجيهي) لهذا العام 2020، وبالرغم من كل المنغّصات والأزمات التي تعيشها المُخيّمات، لاسيما مع أزمة جائحة "كورونا" التي تأخذ منحاً تصاعدياً وليس العكس.
هذا الفرح الذي أضحك أبناء اللاجئين وعوائلهم في المُخيّمات، جاء أيضاً رغماً عن أنف الحصار الصهيوني المتواصل منذ قرابة 14 عاماً على قطاع غزّة، واعتداءات الاحتلال المتواصلة في كافة الأراضي الفلسطينيّة.
"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" رصد هذا الفرح والبصمة التي صنعها أبناء اللاجئين في المُخيّمات والمدن بقطاع غزة، إذ يقول الطالب اللاجئ أنس أبو هيبة والذي حصد المرتبة الثانية على مستوى فلسطين: "أن ولدت وترعرعت في مدينة غزّة، ولكن أصلي لاجئ من مدينة يافا، وأتمنى أن أعود إليها في يومٍ من الأيّام".
وحول الصعوبات التي واجهت أنس خلال مسيرة الدراسة للثانوية العامّة، يُضيف: "هناك جزء من المنهاج لم يُشرح في المدرسة، بل إلكترونياً، لكنّ هذا الأخير لم يكن بجودة الشرح الوجاهي بل كان أداة مساعدة فقط".
ووجّه الطالب أنس رسالةً إلى الطلبة المقبلين على الثانوية العامة، بأنّ يبدؤوا الدراسة منذ بداية العام وبشكلٍ تدريجي وتقسيم المواد بشكلٍ عادل حتى لا تتكاثر عليهم المواد المطلوبة، وأن ينجزوا دراستها أولاً بأوّل.
وفي ذات المنزل، أوضحت والدة الطالب أنس أبو هيبة، أنّ "الصعوبات التي واجهها نجلها خلال مسيرة الدراسة تمثّلت في أن المنهاج لم يتم تكملته في المدرسة وجاهياً بسبب أزمة فيروس كورونا، وآخر فترة من الدراسة أكملوها إلكترونياً".
وفّرنا كل سُبل الراحة والهدوء
وتابعت: "لكن الحمد لله كان أنس يُتابع كل شيء أولاً بأوّل وكان مجتهداً على الدوام، ونحن في البيت وفّرنا له كل سُبل الراحة والهدوء حتى يأتي لنا بأفضل النتائج، وهذا فعلاً ما جرى".
يقولون أنّ تحصيل الدرجات العلميّة هو انتصارٌ لشعبٍ يتذوّق يومياً كل أنواع المرارة على يد الاحتلال الصهيوني الجاثم على صدور الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 72 عاماً.
وفي ذات السياق، قالت الطالبة اللاجئة من بلدة الجورة المهجرة عام 1948 التي تقطن حالياً في مُخيّم جباليا شمالي قطاع غزّة، إسلام عيّاش: "أنا لاجئة من بلدة الجورة ومن سكّان مُخيّم جباليا، والصعوبة الوحيدة التي واجهتني هي الانقطاع عن الذهاب لإكمال الدراسة في المدرسة، فما كان هناك تواصل مع المعلمين للسؤال أو الاستفسار عن شيءٍ ما في المنهاج".
سأختار تخصّصاً يمكنني من خدمة شعبي
وعبَّرت إسلام الحاصلة على معدّل 99.6% عن شكرها "لوزارة التربية والتعليم التي وفّرت لنا عن طريق إذاعتها معلمين لنتمكّن من سؤالهم والاستفسار منهم"، وحول التخصّص التي تنوي دراسته في المرحلة الجامعيّة، بيّنت إسلام أنّه "لا يوجد تخصّص معيّن الآن في ذهني، ولكن بالتأكيد سأختار تخصّصاً اُحبه وتكون لديّ المقدرة على الابداع فيه وأتمكّن من خلاله خدمة شعبي وتحسين أوضاعنا الحاليّة".
أمَّا والد الطالبة المتفوّقة إسلام، قال: إنه "أمضى في سجون الاحتلال 14 عاماً، وكنّا محرومين بسبب الاحتلال من الأولاد والزوجة، وكنّا نطمح ونسعى لأن يكون لنا زوجة وأولاد، ولذلك أهدي هذا النجاح إلى جميع الأسرى وجميع الشهداء وجميع من عانوا من الاحتلال الصهيوني، هذه الفرحة أهديها إلى كل أبناء الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال".
وأردف والد الطالبة إسلام: "لقد اُفرج عني من سجون الاحتلال عام 1999، وكنّا نسمع أخبار المتفوقين والناجحين ونشاركهم الفرحة، لكن كنّا محرومين ونطمح لأن تكون استراتيجيتنا في الحياة هي تعليم أبناؤنا، لأنّ العلم هو سلاحنا الأمضى في وجه الاحتلال".
في حين، قالت اللاجئة الفلسطينية إيمان أبو شمالة الحاصلة على المرتبة الأولى على مستوى فلسطين، إنّ "بلدتي الأصلية هي بيت درّاس التي يُقال عنها أنّها أول بلدة تدارس فيها العلم في فلسطين"، مُشيرةً إلى أنّ "ظروف البلد بشكلٍ عام صعبة على الجميع، ظروف الحصار، وظروف كورونا".
وبيّنت إيمان لموقعنا: "كنت عندما أسمع خبر استشهاد أي فلسطيني أو أسره أشعر بالحزن، وكنت دائماً أقول أن هناك طالباً في التوجيهي فقد أحد أفراد أسرته أو هدم الاحتلال بيته، كل هذه الأمور تؤثّر على نفسيّة طالب التوجيهي".
ويبقى هذا الفرح مربوطاً ببضع سويعاتٍ تعيشها مُخيّمات اللاجئين وسكّانها من كل عام حين الإعلان عن نتائج الثانوية العامة، لكنّ سرعان ما يتلاشى هذا الفرح، إذ ينتشر الفقر في المُخيّمات، ولا يقوى الكثيرون على تعليم أبنائهم في الجامعات بفعل الظروف القاهرة التي تعيشها المُخيّمات الثمانية في قطاع غزّة.
شاهد التقرير