على الرغم من مضي أيام أربعة على انفجار مرفأ بيروت المأساوي، إلا أن عمليات الإنقاذ والبحث عن المفقودين لا تزال جارية.
وفي آخر الإحصائيات، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية أن حصيلة ضحايا الانفجار ارتفعت إلى 158، فيما تجاوز عدد المصابين ستة آلاف.
وقال أمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير في لبنان، فتحي أبو العردات، منذ يومين، إن فلسطينياً قضى وأصيب 13 آخرين جراء انفجار مرفأ بيروت، مشيراً إلى أن 4 فلسطينيين كانوا في عداد المفقودين، وجد منهم شخص في أحد المستشفيات، فيما بقي ثلاثة مجهولي المكان.
ولا شك أن انفجاراً بهذه الضخامة، يفوق قدرة القطاع الطبي اللبناني، المنهك أساساً بفعل الأزمة الاقتصادية وتفشي فيروس "كورونا"، لذا كان عليه أن طلب العون والمساعدة من المؤسسات الصحية والإغاثية الأخرى، بل إنه استعان بفرق أجنبية وأرسلت عديد الدول مستشفيات ميدانية جراء أعداد الضحايا والمصابين الكبيرة.
كان من أوائل من استجاب للمناشدات اللبنانية، القطاع الصحي الفلسطيني في لبنان، على الرغم من محدودية العتاد الذي يمكله، وعدد العناصر غير الكبير، إلا أنه شرع بعمليات الإغاثة والإسعاف منذ لحظة وقوع الانفجار.
هذا التقرير يسلط الضوء على عمل الفرق الفلسطينية وآلياته، خلال مناشدتهم اللبنانيين في مصابهم الجلل.
بيروت تنزف وقلوبنا تنزف معها
المسؤول الإعلامي في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور عماد الحلاق، بدأ حديثه بالتعبير عن الوجدان الذي تمثله بيروت لكل فلسطيني، قائلاً: "بيروت تنزف وقلوبنا تنزف معها.. لطالما امتزج الدم الفلسطيني واللبناني".
وأكد، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنه "فور وصول المعلومات عن حجم الحدث في بيروت، تم التواصل مع القيادة الفلسطينية وسفارة دولة فلسطين، وبناء لتعليماتهم، وقرار رئيس الجمعية، يونس الخطيب، بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني، أعلنت حالة الطوارئ في جميع مستشفيات الجمعية الخمسة، وتم فتح باب التبرع بالدم، إضافة إلى استنفار غرف الطوارئ في المستشفيات وفرق الإسعاف والطوارئ".
وأشار الحلاق إلى أن أربع فرق تابعة للجمعية انطلقت من صيدا وبيروت، وشاركت في انتشال الجرحى وفي عمليات البحث عن المفقودين.
كما أن مستشفى حيفا داخل مخيم برج البراجنة، بحكم أنه الأقرب باعتباره في بيروت، استقبل 44 جريحاً، حيث تلقوا العلاج، وكانت إصاباتهم بين المتوسطة والخفيفة، وغادروا المستشفى.
ومنذ اليوم الثاني وحتى اليوم، أبقي على سيارات الإسعاف وطواقمها في مكان الحادث، على أهبة الاستعداد، وجرى نصب خيمة في منطقة الانفجار، ووضع طاقم طبي هناك لتقديم المساعدات الطبية للمحتاجين.
وفي بيان سابق، ذكرت الجمعية أن سيارات الإسعاف التابعة لها نقلت جثتين، و7 مصابين إلى مستشفيات أخرى، موضحة أنها أرسلت 4 سيارات إسعاف و20 مسعفاً، وتمكنت من جمع 48 وحدة دم.
استنفار لأيام
كما برز دور لجمعية الشفاء الطبية، حيث كانت سياراتها من أولى السيارات التي تصل لإسعاف المصابين.
وأوضح رئيس الجمعية، الدكتور مجدي كريم، أنه مع اندلاع الانفجار، تحركت سيارتان تابعتان للجمعية من منطقة بيروت، ومن ثم تحركت باقي السيارات من من صيدا وصور ووادي الزينة، بعدما تبين حجم الدمار والخسائر.
وأشار إلى أن الفرق قسمت إلى مجموعتين، الأولى تعمل في المرفأ، والثانية في الجميزة وقرب مسجد الأمين، وبلغ عدد المسعفين المشاركين 47، معهم 9 سيارات إسعاف.
وعن الأعمال التي قاموا بها، ذكر كريم أنهم نقلوا الجرحى والضحايا، وأجروا عشرات الإسعافات الميدانية، وبسبب الأعداد الكبيرة، جرى أحياناً نقل 3 أو 4 جرحى في نفس السيارة.
وأكد أن عناصر الجمعية استمروا خلال الأيام التي تلت الانفجار، حيث أجروا عمليات مسح ميدانية في بعض المناطق، وعثروا في اليوم الثاني، على أحد الضحايا في المرفأ، وجرى نقله بالتنسيق مع الجيش اللبناني.
الأعمال شملت كذلك تنظيف الأماكن المدمرة والجمع تبرعات الدم، والتي كانت من بيروت ومن خارجها، تحديداً صيدا وصور.
وكشف كريم أن الجمعية تعتزم توزيع أدوية للأمراض المزمنة في المناطق التي تضررت، بالتنسيق مع عدد من الجمعيات.
عملية إنقاذ استمرت لـ 11 ساعة
وفي سياق متصل، كان دور الدفاع المدني الفلسطيني في غاية الأهمية، حيث تمكن من إنقاذ عدد من المصابين من تحت الأنقاض.
وأوضح قائد فوج مخيّم عين الحلوة في الدفاع المدني الفلسطيني تامر الخطيب، أنه عند وقوع الانفجار، توجهت إلى موقع الحدث ومحطيه، أفواج بيروت، المتمثلة في فريقي شاتيلا وبرج البراجنة، حيث نقلوا الضحايا والمصابين إلى المستشفيات.
وعند مساء ذلك اليوم، توجهت فرق عين الحلوة وبرج الشمالي، ومعها فرق بيروت إلى الأشرفية، لإجلاء المصابين من مبنى تهدم بفعل الانفجار، حيث وجدوا فيه ضحيتين، وتمكنوا من نقل مصابَيْن اثنين.
وأشار الخطيب إلى أن عملية إجلاء المصابيْن المذكورين استغرقت نحو 11 ساعة.
كما أكد أن الدفاع المدني الفلسطيني نقل عشرات الإصابات وعدداً من الضحايا.
وفي اليوم التالي للانفجار، تحركت فرق الدفاع المدني الفلسطيني الموجودة في مخيمي نهر البارد والبداوي، لتؤازر عناصر الدفاع المدني اللبناني، في عمليات البحث والإنقاذ ونقل المصابين.
وأكد الخطيب أن فرق الدفاع المدني الفلسطيني الستة على أهبة الاستعداد والاستنفار بانتظار أي إشارة من الدفاع المدني اللبناني لمساندتها في أي مهمة.