دانت فصائل ومؤسسات فلسطينيّة عديدة، اليوم الخميس 13 آب/ أغسطس، ما وصفوها بالجريمة مكتملة الأركان، بعد أن أقدمت طائرات الاحتلال الصهيوني فجر اليوم على استهداف إحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في مُخيّم الشاطئ غرب مدينة غزّة بصاروخٍ موجّهٍ، لكنّه لم ينفجر وتسبّب بإغلاق المدرسة حتى إشعار آخر وعرقلة سير العملية التعليمية التي بدأت لتوها.
وتظاهر عشرات الطلاب اللاجئين اليوم أمام المدرسة المُستهدفة، في خطوةٍ احتجاجيةٍ على ما جرى، إذ صرخوا بأعلى صوتهم "لا لاستهداف مدارسنا"، وحملوا اللافتات التي أكَّدت على ضرورة وقف جرائم الاحتلال بحق المنشآت التعليميّة.
بدوره، قال المتحدّث باسم وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزّة إياد البزم لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إنّه "وفي ساعات الصباح الباكر تلقت الشرطة إشارة بوجود استهداف إسرائيلي لمدرسة تابعة لوكالة "أونروا" في مُخيّم الشاطئ، وعلى الفور توجّهت قوّة من شرطة هندسة المتفجرات إلى المكان المذكور وتمت معاينته وإزالة الخطر الناجم عن هذا القصف الذي استهدف المدرسة وإزالة كافة الشظايا للقنبلة التي سقطت على هذه المدرسة".
"كنّا أمام كارثة وفاجعة حقيقية"
وأكَّد البزم خلال حديثه لموقعنا، على أنّ "شرطة هندسة المتفجرات لا زالت تتابع تحقيقاتها بهذا الخصوص"، لافتاً إلى أنّ "هناك أضرار بالتأكيد نتيجة هذا القصف في عدد من الفصول داخل المدرسة، وهناك كارثة وفاجعة كادت أن تحصل نتيجة هذا القصف لأنّ هذه المدرسة تحتوي داخلها أكثر من ألف طالب، ولكن لولا تدخل العناية الإلهية لكنّا أمام كارثة حقيقيّة نتيجة هذا القصف".
وبيّن البزم أنّ "القنبلة تزن 10 كيلو جرامات وتحتوي على أكثر من 1500 شظية معدنية، وكل شظية كافية لقتل طفل داخل المدرسة، أي كنّا أمام جريمة إسرائيلية جديدة بحق شعبنا الفلسطيني"، مُطالباً "بتحقيقٍ دولي في هذه الجريمة حتى لا يتكرّر استهداف مثل هذه المنشآت مرة أخرى".
كما أكَّد البزم خلال حديثه على أنّ "الاحتلال الإسرائيلي دائماً ما يرتكب الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني بشكلٍ مستمر، ولكن هذه جريمة جديدة من أجل ترهيب شعبنا، والسؤال هنا لماذا يستهدف الاحتلال مدرسة للأطفال؟!".
وفي السياق، أوضح المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" عدنان أبو حسنة، أنّه "تم العثور على الصاروخ بمدرسة الشاطئ الإبتدائية "د" التابعة لوكالة أونروا في مُخيّم الشاطئ غرب مدينة غزة وتم تعطيل الدراسة فيها والتي تحتوي على أكثر من ألف طالب، لأنّها تعرّضت لأضرار نتيجة الغارات الإسرائيليّة على قطاع غزة الليلة".
"أونروا" تواصل التحقيق
وأشار أبو حسنة لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أنّ "وكالة أونروا فتحت تحقيقاً في الأمر، ويبدو أن هناك شيئاً لم ينفجر داخل المدرسة، كما أنّنا نعمل على حصر الأضرار في الوقت الحالي، والوكالة عقب الانتهاء من حصر الأضرار وإصدار تقرير بذلك ستُطالب بمُحاسبة كل المسؤولين عن هذا الأمر وتحميلهم المسؤولية الكاملة عمّا جرى".
وأكمل أبو حسنة خلال حديثه لموقعنا، أنّ "مُخيّم الشاطئ هو الأعلى اكتظاظاً على مستوى العالم، فهناك أكثر من 90 ألف لاجئ فلسطيني في أقل من كيلو متر مربّع"، لافتاً أنّ "أونروا تنظر لهذه الحادثة بخطورة بالغة، لكنّنا لا نعرف ما الذي جرى بالضبط لكن التحقيق ما زال جارياً".
وأوضح أنّ "مكتب الأمين العام للأمم المتحدة سيكون على إطلاع بكل التفاصيل، من أجل تحميل المسؤولية لكل من كان وراء هذا الفعل الخطير لمُحاسبته، ولا سمح الله لو وصلت هذه القذيفة أثناء عملية الدراسة لكان الموضوع خطير جداً".
الاحتلال يتفنّن في خرق القوانين الدولية
أمَّا أستاذ القانون العام المساعد بكلية الحقوق في جامعة الأزهر بغزة د.محمد شبير، فقد رأى أنّ "كل الاتفاقيات التي أوجدها المجتمع الدولي والإنسانية جمعاء لحماية الطفل والمرأة وكبار السن والممتلكات والمنشآت المدنية وعلى رأسها اتفاقية جنيف التي تحمي سكّان الأرض المحتلة، قد كان الاحتلال عدواً لدوداً لها بل يتفنّن ويكرّس كل جهوده في لخرقها وانتهاكها بما يؤدي إلى مُصادرة أي حق طبيعي للشعب الفلسطيني وأبنائه ولاجئيه".
وشدّد شبير خلال حديثه لموقعنا، على أنّ "المعركة القانونيّة التي تقودها القيادة الفلسطينيّة والحكومة والفصائل في كافة مؤسسات المجتمع الدولي هي لخلق عزلة للاحتلال وإظهار وجهه القبيح الذي يرتكب الجرائم بحق الطفل والإنسان الفلسطيني".
محاولة للتجهيل المتعمّد
وفي السياق، أصدرت فصائل المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة بياناً مشتركاً عقّبت من خلاله على استهداف مدرسة وكالة "أونروا"، إذ عبَّرت عن إدانتها "لهذا الاعتداء الصهيوني على مدرسة الشاطئ، والذي يضاف إلى سجل جرائم العدو الصهيوني بحق شعبنا الصابر ومؤسساته التعليمية".
وأكَّدت الفصائل على أنّ الاحتلال "لن تفلح محاولاته المستمرة للتجهيل المتعمَّد وتعطيل المسيرة التعليميّة التي يقودها العدو الصهيوني بحق طلابنا وطالباتنا، بل ستكون دافعاً لمزيدٍ من العطاء في مسيرة التقدّم والنجاح".
وطالبت الفصائل في بيانها، كافة "المؤسسات الدولية بمُحاسبة قادة الاحتلال على كافة الاعتداءات الآثمة التي تستهدف شعبنا الفلسطيني والتي ترتقي لجرائم حرب يعاقب عليها القانون الدولي".
استهداف ممنهج لمدارس "أونروا"
يُشار إلى أنّ هذا الاستهداف الصهيوني لإحدى مدارس وكالة "أونروا" ليس سابقة من نوعها في الاعتداء على مؤسسةٍ أمميّة، إذ استهدفت قوّات الاحتلال يوم الخامس من يناير في العام 2009 مدرسة الفاخورة للاجئين شمال قطاع غزّة في مجزرةٍ راح ضحيتها في حينه 42 فلسطينياً، وفي يوم الرابع والعشرين من شهر يوليو في العام 2014 استهدفت قوّات الاحتلال إحدى مدارس "أونروا" في بيت حانون شمال القطاع بأكثر من 10 قذائف، وفي يوم الرابع عشر من نوفمبر في العالم 2019 استهدفت قوات الاحتلال ساحة مدرسة الشجاعية للاجئين شرق مدينة غزّة، وخلال عدوان العام 2014 فقط استهدفت قوات الاحتلال سبعة من المدارس التابعة لوكالة الغوث الدوليّة واستشهد مئات الفلسطينيين جرّاء هذه الاستهدافات، إذ كانت تستخدم هذه المدارس كملاجئ لإيواء المشردين بفعل العدوان.
وتستمر سلطات الاحتلال الصهيوني في انتهاك القوانين والأعراف الدوليّة صباح مساء على قاعدة "من أمِن العقاب أساء الأدب"، في ظل أنّ المجتمع الدولي لا يتحرك بشكلٍ فاعل لردع ولجم "إسرائيل" مُكتفياً بإصدار بيانات التنديد والاستنكار.. رغم ندرتها.