دينا آغا، لاجئة فلسطينية شابة في لبنان، استطاعت تحقيق حلمها بنشر كتابها الأول الذي عنونته بـ "لاقطة الأحلام" . ظروف عديدة لم تساعد دينا القاطنة بمدينة صيدا جنوبي لبنان على تحقيق حلمها الذي كان يراودها منذ سنوات، لكن شغفها وحبها للمطالعة والكتابة ظل يلاحقها الى أن قررت اتخاذ خطوات جديّة وتبدأ بالكتابة.
بعد 32 ربيعاً.. يتحقق الحلم
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قالت دينا: "شعوري يوم توقيع كتابي، أول كتاب لي، أول حلم أحققه بعد ثلاثين سنة، كان شعورا خياليّا."
شغف دينا الشديد للكتابة الإنشائية والأدبية كان واضحاً منذ أن كانت تلميذة في مدارس "أونروا" من خلال أسلوب كتابتها في مواضيع التعبير الأدبية في اللغة العربية واللغة الانكليزية.
تقول دينا: "منذ طفولتي كان عندي عشق لقراءة القصص والكتب مما كوّن عندي معجماً واسعاً من المفردات والعبارات مع الوقت، وساعد ذلك على الإبداع في الكتابة الإنشائية باللغتين، العربية والانكليزية،"
وأكملت "ظهرت هذه الموهبة جليّاً عندما كنت طالبة في المرحلة الثانوية حيث كان هناك مسابقة لكتابة قصة قصيرة وطنيّة وربحت الجائزة الاولى على صعيد مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ‘الاونروا‘ وهكذا بدأ يتكون لدي حلم بأن أصبح كاتبة."
ولكن الظروف حكمت دينا في مرحلة معينة، حيث درست في الجامعة اختصاصاً بعيداً عن الأدب ، ثم تلاه مشوار البحث عن فرصة عمل مناسبة، كل ذلك أنساها حلمها الأول.
وعلى الرغم من كل ذلك، العودة الى القراءة النهمة بعيداً عن ضجيج الحياة كانت المغناطيس الذي جذبها إلى طريق تحقيق الحلم من جديد.
كتاب بعنوان "زمن الخيول البيضاء" للكاتب إبراهيم نصر الله، جعل فكرة تأليف كتاب تلح على دينا بقوة حيث قالت: "أعجبني الكتاب بشدة من حيث الصياغة والأسلوب وخيال الكاتب المبدع الذي أثر بي شخصياً لدرجة أنني شعرت بأن صوتاً من داخل صفحاته يقول لي أن أعود الى الكتابة وأتبع شغفي من جديد."
وأكملت "دافع أخر شجعني على تأليف كتابي، هو حبي للاقطة الأحلام والمعتقد الذي تحمله، القادم من شعوب أمريكا اللاتينية، حيث يؤمنون بأنها عندما توضع فوق سرير النائم، تلتقط الكوابيس السيئة وتحولها عبر ريشها الى أحلام سعيدة، فهذا دفعني الى تأليف كتاب يتحدث عن لاقطة الأحلام من خلال قصة، لذلك كانت قصة لاقطة الأحلام بطلة كتابي."
ليس من السهل كتابة ما يستحق ان يوضع بين دفتي كتاب
خلال ثلاثين يوماً, في أواخر عام 2019، أنهت دينا كتابة المسودة الأولى لكتابها ثم انتقلت المسودة الى مرحلة التدقيق اللغوي لكي تصبح جاهزة لرحلة البحث عن دار النشر.
وأوضحت دينا قائلة: "صحيح أنني أنجزت كتابا في 30 يوماً، لكنها أيامك كاتنت كفيلة باستخدام عصارة مخيلتي، فكتابي يضم قصصاً قصيرة، كل قصة عبارة عن عشر صفحات، وأنا تعمّدت أن لا أكتب رواية طويلة لأنها أول تجربة لي في نشر كتاب ويهمني أن يكون المحتوى غنيّاً مركّزاً بأسلوب سلس وبأقل أخطاء أدبيّة ممكنة."
كتاب "لاقطة الأحلام" يضم ثلاث قصص وملحق. القصص الثلاثة : "موعدنا بكرة وشو تأخر بكرة"، "تعويذة مدينة"، و"لاقطة الأحلام" تدور أحداثها في جو من الحب والرومنسية التي يعجنها الفراق في النهاية.
في هذا الصدد تقول دينا: "جعلت الجو السائد في القصص يشوبه الفراق لأن معظمنا وبحكم تجاربنا في الحياة، نجد مؤخّرا أن قصص الفراق أكثر بكثير من قصص الوفاق وذلك بسبب ظروف الحياة، العقلية الشرقية المتعصبة، وحتى تغيّر معادن الناس،"
وأضافت "بعض القصص مستوحاة من تجارب شخصية ومن تجارب المجتمع المحيط، لذلك أحببت أن أسلط الضوء على موضوع الفراق ومدى صعوبته والأثر الموجع الذي يتركه."
اتفقت دينا مع دار للنشر والتوزيع على نشر كتابها، الا أنه لم يكن من السهل أن يبصر الكتاب النور. حيث قالت دينا: "كان من المفروض أن أستلم كتابي مطبوعاً خلال أسبوعين، فالكتاب كان سيتم نشره بعد شهر من كتابته فقط، وهو وقت قياسياً، إلا أن الظروف التي مر بها لبنان منذ شهر تشرين الأول من تظاهرات وإغلاق للطرقات حالت دون ذلك."
بعد شهرين، ولد كتاب دينا. وأوضحت قائلة: "كانت الخطة أن يكون توقيع كتابي الأول في معرض بيروت الدولي للكتاب ومن ثم السفر مع دار النشر لتوقيع الكتاب في اسطنبول في تركيا ولكن جائحة كورونا العالميّة لعبت دورا أساسيا في تأجيل خطة العمل"
ولكن دينا لم تدع الظروف توقفها عن نشر كتابها، فأقامت حفل توقيع كتابها في مدينة صيدا وتم توزيع "لاقطة الأحلام" في عدد من المكتبات في لبنان.
وأشارت دينا قائلة: "وزّعت دار النشر كتابي في أكثر من خمس مكتبات في صيدا، بيروت، البقاع، وحاصبيا، كما ونشر كتابي بنسخة الكترونية على موقع .“Google Books”
مذاق تحقيق الأحلام
تنظر دينا الى المستقبل بأمل وتفاؤل. قالت: "أؤمن أن كتابي يستحق أن ينتشر بشكل واسع في العالم العربي لأسلوبه الشيّق وسلاسة نصّه،"
وتابعت "أتمنى أن أصبح في المستقبل كاتبة معروفة لكي تصل كتاباتي الى أكبر عدد ممكن من الناس، وأتمنى أن أصل الى المرحلة التي يتم فيها ترجمة كتبي الى اللغة الانكليزية لتتخطى حدود العالم العربي الى كل دول العالم،"
وأكّدت "ليس هناك شيء مستحيل، نعم هناك صعاب في طريق الوصول الى الهدف، ولكن مع الإيمان بالذات ودعم الأهل والعمل بجهد وصبر وثبات نصل الى أهدافنا كلها."
وقالت "يجب ان نظل نحلم ونظل نسعى لنلتقط أحلامنا لأن مذاق تحقيق الأحلام لا يوصف."
شاهد الفيديو