مُناشداتهم من أجل النظر في أحوالهم المعيشيّة وإعانتهم على مواجهة صعوباتها، لم تتوقف منذ مجيئهم إلى قطاع غزّة هرباً من الحرب في سوريا، نحو 400 عائلة هُجّرت من مخيّماتها في بلد نكبتها الحرب، وقصدوا جزءاً لا يتجزّأ من بلدهم الأم فلسطين، ليختبروا واقعاً أكثر قساوة مما توقعوه في القطاع المُحاصر، قبل أن تتقلّص أعدادهم إلى 160 عائلة، بسبب ميل العديد منهم إلى الهرب مُجدداً، و الهجرة عبر طرق متعددة طوال السنوات الفائتة.
هربنا من الإبادة في سوريا
لاجئون فارّون من أهوال عظيمة، حاول أحد ممن التقاهم فريق "بوابة اللاجئين الفلسطين" تلخيصها بكلمات وعبارات عايشها واقعياً، فيقول العجوز المهجّر من مخيّم درعا للاجئين الفلسطينيين جنوب سوريا محمد الدباري:" كان لنا منازل في مخيّم درعا، و الناسّ فّرّت من بيوتها، فالقصف كان عشوائيّاً يأتي من كل الاتجاهات، هناك أناس أبيدوا، وآخرون أصيبوا وشلّوا، وانقطع الطعام والشراب، وشحّ الخبز، وصار القتل عبر القناصين يطال النساء على أبواب الأفران".
ويضيف دباري:" حين رأينا الوضع يزداد توتراً، أخذت أولادي ولجأت إلى مصر أأمن مافي الدول العربية، قلت لنفسي أنجو بأولادي، بعد أن انضرب المنزل وانضرب الرزق".
وفي مصر ذاق الحاج المذّلة وفق قوله بسبب تعثّر حصوله على الإقامة، وتعقيدات الإجراءات التي فرضها واقع مصر الجديد بعد انقلاب حزيران/ يونيو 2013، وإلغاء الحكومة المصريّة منح الإقامات للاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق الصادرة من سوريا، وهو ما جعل قطاع غزّة المكان الوحيد والمُتاح للتوجه إليه، ويقول :" كبونا على غزة ووصلنا لغزة وقعدنا بغزة .. وشفنا البهدلة أكثر وأكثر وزادت المذلة طين ووحل".
واقع معدوم في غزة دفع كثير منهم لمغادرتها
عبد المولى الدباري، ابن محمّد ويقيم مع والده في غزة، فيقول :"إنّ مقوّمات الحياة معدومة في القطاع، ووضع اللاجئين المهجّرين هو الأسوأ" مشيراً في حديث لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إلى غياب المُساعدات عنهم بشكل مطلق.
ويعتبر عبد المولى، أنّ حكومة قطاع غزّة تقاعست تجاه اللاجئين المهجّرين من سوريا، ويعبّر مُتأسّفاً من واقع الحال :" صحيح أنا من بئر السبع وكذلك والدي، ولكن غزّة هي أرضي، ولكن للأسف الكثير من اللاجئين الهجّرين الذين قصدوا غزّة يغادرون، فلاشيء يدفعهم للصمود، وابن غزّة غير قادر على تحمّل صعوبة الحياة فكيف باللاجئ المهجّر الذي يريد الانطلاق من الصفر؟"
ويشير عبد المولى، إلى عشرات العائلات السوريّة كذلك، قصدت قطاع غزّة منذ العام 2014، إلى جانب الفلسطينيين المهجّرين من البلد المنكوب، يتشاركون مع الفلسطينيين _ السوريين ذات الأوضاع المعيشيّة، والعديد منهم آثر الرحيل عند أقرب فرصة.
كيف تعيش العائلات المهجّرة من سوريا في القطاع؟
آمنة، ربّة إحدى العائلات الفلسطينية_السوريّة، يعكس واقع عيشها وأسرتها، مثيله لدى معظم العائلات المهجّرة من سوريا، و تعيش في منزل فقير مع أطفالها الثلاثة، و زوجها الذي يعاني وضعاً صحيّاً خاصّاً، حيث تعرّض لأربع إصابات في صدره خلال الحرب السوريّة، ومن بعدها وهو في حال نفسيّة مَرَضية، ويحتاج إلى علاجات دائمة، وغير متوفّرة بشكل دائم في القطاع المُحاصر، حسبما قالت لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
أمّا زوجها عبد الباسط دباري، فشرح لـفريقنا كيف يعيشون وعلى ماذا يقتاتون، ويقول :" ليس عندي دار ولا أرض، وليس لنا سوى كيس طحين تقدّمه لنا وكالة أونروا، وعلب السردين (خربان) ومبلغ مالي بسيط لا يكفي لشيء".
ويعبّر عبد الباسط عن استيائه من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" اذ تقدّم له مبلغاً كل أربعة أشهر، لا يكفي لعلاج ابن من ابنائه، ولا علاج له حيث أنّه يتناول دواءً دائماً، وأحياناً يضطّر للاستادانة من الناس اذا مرض أحد أبنائه حسبما أوضح، مضيفاً :" كل 10 أيام بدي إبرة بـ 65 شيكل، وحبوب بشي 10 شيكل كمان كل 10 أيام، ومصاريف وأولادي لا يجدن لباساً ولا المال".
أمّا آمنة، فترجو أن يقدّم لها أحد المُساعدة من أجل تكوين مشروع بسيط، يدرّ عليها ما يسد رمقها وأسرتها، وتقول : أنا أحلم بمشروع، أقدر على القيام به بنفسي، لأجل تربية أولادي الأولاد هنا، مشروع صغير استطيع تربية أولادي من انتاجه" وتضيف :" "أنا اقدر على تربية الغنم والدجاج وماشابه بجانب المنزل".
شاهد الفيديو