تستمر الوقفات الاحتجاجية والرافضة في مختلف مُخيّمات اللاجئين في قطاع غزّة رفضاً لسياسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بحق اللاجئين، لا سيما مع القرارات الأخيرة للوكالة التي زادت من وتيرة هذه الاحتجاجات، خاصة قرار "توحيد الكوبونة الغذائية" التي توزّع على اللاجئين في القطاع.
"الشرائح الأكثر فقراً ستزداد في غزة"
وأكَّد مدير مكتب الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في غزة صلاح الدين عبد العاطي، أنّ "بند "توحيد الكوبونة" سيتم تحته قطع الكوبونة "المساعدة الغذائية" على كل من لديه أي مصدر دخل، وهذا يعني إلغاء شرائح واسعة من الموظفين في قطاع غزة والضفة الغربية البالغ عددهم ما يزيد عن 100 ألف أسرة، وهذا يعني إضافتهم إلى الشرائح الأكثر فقراً وخاصة أنهم في ظل ما يتقاضوه من رواتب 50 % أو أقل من 50% يعني أنهم لا يتمتعون بالحد الأدنى من الأمن الغذائي المطلوب وانضموا إلى شريحة الفقراء بسبب تضافر عوامل "كورونا" والحصار والعقوبات الجماعية المفروضة من السلطة على قطاع غزة".
وتابع عبد العاطي لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بالقول: "وبالتالي هذا التقليص يعني تقليص فاتورة الخدمات والمساعدات المقدمة للاجئين إلى ما يزيد عن الثلث وهذا انتهاك لحق اللاجئين".
"غالبية القطاع يُعاني من الفقر"
من جهتها، قالت اللاجئة الفلسطينية في مُخيّم الشاطئ رجاء الديريني، إنّ "السلة الغذائية أصبحت عبارة عن جزء بسيط والجزء الآخر لم يتم تسليمه نهائياً، وفي مقولات كمان إنه بيقولوا إنه احتمال تلتغى خالص عن الموظفين"، مُضيفةً: "طيب احنا الموظفين هدول كمان بحاجة لهذه الكوبونة لأنه نصف شعبنا وأكثر من 80 % أو 90 % من قطاع غزة يعاني من فقر حتى لو كان الراتب حالياً 50 % ما في أكثر من هيك".
وشدّدت الديريني خلال حديثها لموقعنا، على أنّ "نسبة اعتمادنا على هذه الكوبونة تتجاوز 70 % أو 80 % حقيقة لأنه الشعب يعتمد على رغيف العيش (الخبز) الطحين والحمص والسكر والأشياء هذه الأساسيات في البيت أصلاً".
"إعدام لكل اللاجئين"
مسؤول ملف اللاجئين في غزة إيهاب أبو زيد، فاعتبر أنّ "توحيد الكوبونة وشطب كل من له دخل ثابت بمثابة إعدام لكل اللاجئين الفلسطينيين الذين يقاضون راتباً لأن الكوبونة أو السلة الغذائية نعتبرها حقاً مكتسباً لكل لاجئ فلسطيني لأن لها ارتباطاً سياساً ووجدانياً وتاريخياً في حياة هذا اللاجئ".
وأضاف أبو زيد لموقعنا أنّه "عندما تقدم إدارة الوكالة على توحيد الكوبونة معنى الكلام أن الموظف الذي يعمل على برنامج المسح الاجتماعي أو البحث الاجتماعي ليس له لزوم داخل هذه المؤسسة، وبالتالي قد يكون هناك استغناء أيضاً عن موظفين جدد".
"سنقف ضد هذه القرارات"
وفي السياق، أوضح عضو اللجنة المركزية للجبهة العربية الفلسطينية جميل عاشور لموقعنا، أنّ "قضية اللاجئين هي قضية عادلة كفلتها كل المواثيق الدولية والأمم المتحدة، ونحن هنا لا نقبل بديلاً عن عودتنا إلى فلسطين، وجئنا نقول للعالم كله بأسره ولوكالة الغوث أنّ هذه القرارات قرارات ظالمة للشعب الفلسطيني وسنقف ضدها".
ومنذ صباح اليوم، استمرت التظاهرات والوقفات الاحتجاجية أمام مقرات وكالة "أونروا" من جنوب القطاع وحتى شماله، رفضاً لهذه السياسات والقرارات الجديدة للوكالة بحق اللاجئين.
ففي مُخيّم النصيرات، نظمت اللجنة الشعبية للاجئين وقفة جماهيرية حاشدة أمام مقر تموين "أزنروا" بمشاركة حشود كبيرة من لاجئي المخيم وممثلي اللجان الشعبية للاجئين والقوى الوطنية والإسلامية والشخصيات الوطنية والاعتبارية وممثلي المؤسسات الأهلية والأندية الرياضية ومؤسسات المرأة والشباب وممثلي المخاتير ورجال الإصلاح.
وقال ماهر نسمان رئيس اللجنة الشعبية للاجئين في مُخيّم النصيرات، إنّه "في كل مرة نقف في اعتصامات جماهيرية وشعبية حاشدة نحاول فيها ألا نكون على صراع مع وكالة "أونروا"، ونترك الأبواب مفتوحة حتى يبقى جسور التواصل ممتداً معها للحفاظ على هُوية وصفة اللاجئ الفلسطيني، ولكن هذه الوقفة في هذا الوقت الخطير والحسّاس يحمل مضامين مختلفة عن سابقتها جرّاء خطورة ممارسات وسلوكيات إدارة أونروا في قطاع غزة وإصرارها على تمرير مواقف وبرامج لا تنطلي علينا ولا على شعبنا وهدفها قصم ظهر شعبنا ومحاولة ترهيبه وتجويعه وفرض أجندات سياسة على قاعدة التنازل مقابل لقمة العيش، وهذا الأمر الذي ينذر بخطر شديد يداهم المنطقة ويحولها إلى ساحة توتر يقودها عرّاب التقليصات ماتياس ليشبع رغبات ممن يتلقى منهم الأوامر، سعياً لتنفيذ أجندات هشّة وتحقيق هدف سياسي على حساب قضية اللاجئين والقضية الفلسطينية برّمتها".
وأضاف نسمان "منذ أن مارست وكالة الغوث في عام 1950 أعمالها وفق القرار الأممي رقم (302) لسنة 1949، وهي تعبر عن مسؤولية المجتمع الدولي لما حدث للشعب الفلسطيني عام 1948 من نكبة أدت إلى تهجير وتشريد نحو مليون فلسطيني، تحولوا إلى لاجئين في المنافي والشتات، وأصبحت وكالة الغوث مسؤولة عن هؤلاء اللاجئين في أكثر الأماكن تركزاً، وهي ما عرفت بمناطق عمليات الوكالة (الضفة الغربية، قطاع غزة، الأردن، سوريا، ولبنان)، ولم تعترف الوكالة بغير هؤلاء اللاجئين القاطنين في مناطق عملياتها، ووضعت تعريفاً يتناسب مع ظروف عملها، وهذا التعريف حرم ما يزيد عن 25% – 30% من اللاجئين من خدمات وكالة الغوث، ومن الاعتراف بهم كلاجئين لهم حقوق اللاجئين المهجرين، وهم الذين لم يقطنوا في مناطق عملياتها".
وأكد أنّه "من الواضح أن سياسة وكالة الغوث تحت قيادة عرّاب التقليصات ماتياس هي سياسة مبرمجة وممنهجة لتنفيذ سياسات دولية عالمية لتجويع وتركيع أبناء الشعب الفلسطيني الصابر وتحويله من شعب مناضل وثائر لشعب متسول يبحث عن قوت يومه لتمرير مؤامرات عدة وشتّى من تهجير وتوطين وتمرير ما تسمى بصفقة القرن وضمّ الضفة والأغوار".
وبيّن نسمان أنّ "ما نحتاجه الآن وليس غداً وقفة رجل واحد يقف سداً منيعاً في مواجهة هذه السياسات والتقليصات والتي طالما عمدت أونروا على تنفيذها بهدف تقليص خدماتها وسلب حقوق الشعب الفلسطيني، ولم تعلم أونروا أن الحقوق تُنتزع لا تُستجدى فحقنا راسخ كرسوخ جبال الكرمل والجليل"، مُشيراً إلى أنّ "أونروا مُلزمة شاءت أم أبت أن تلبي مطالبنا، ويكفي أن تسعى كل يوم لتطالعنا هذه الوكالة بتقليصات ومؤامرات جديدة، فالأخطار مُحدقة وتحتاج لوقفة شجاعة وجادة من قبل الكل الوطني والإسلامي والمجتمعي".
ودعا نسمان في الوقفة الجماهيرية الحاشدة "مدير عمليات أونروا ماتياس إلى إعادة النظر في كل قرارات التقليصات، وأن يعمل على الغائها، وإعادة التشغيل وفق برامج أونروا المُعلنة، وزيادة حصص الكابونات وعدم توحيد الكابونة البيضاء والصفراء وتقدير الفقر الشديد في قطاع غزة، كذلك إعادة الموظفين المفصولين جميعاً وتعزيز دور عمل برامج الصحة خاصة في هذه الظروف في ظل انتشار وباء كورونا، واستيعاب المزيد من الخريجين وفتح العيادات وتقديم الدواء اللازم".
وأكد نسمان أنّ اللجنة الشعبية للاجئين "ستواصل فعالياتها الرافضة للتقليصات بحق شعبنا وبحق فقراء اللاجئين الأشد فقراً، وهذه الفعاليات اليوم ما هي إلا ضوء انذار للعودة إلى رشد أونروا، والبحث عن أفضل الطرق لمعالجة سياساتها وبرامجها وموازناتها، لأننا وكافة اللاجئين نرفض التقليصات ونرفض غياب أو ذهاب أونروا الشاهد على تهجيرهم وطردهم من أرضهم وممتلكاتهم، فنحن في حالة انخراط تام مع جماهير شعبنا من لجان شعبية وقوى وطنية وإسلامية ومؤسسات ومخاتير ولجان إصلاح من أجل ثني أونروا عن قراراتها التي تمس حق العودة بالدرجة الأولى".
وتحت عنوان "لا لتعدي على حقوق اللاجئين لا للتقليصات بوحدتنا سنسقط المؤامرات"، نظمت الجبهة الشعبية صباح اليوم وقفة احتجاجية أمام مقر مسؤول عمليات وكالة "أونروا" في المنطقة الجنوبية في منطقة معن في خانيونس، تنديداً بسياسة التقليصات التي تنتهجها وكالة الغوث بحق اللاجئين الفلسطينيين.
وفي مُخيّم الشاطئ أيضاً، نظّمت لجنة اللاجئين للجبهة الشعبية وقفة احتجاجية ضد تقليصات الوكالة، أمام مركز تموين الشاطئ للوكالة، بمشاركة واسعة من أهالي مُخيّم الشاطئ.
وفي المحافظة الوسطى، نظمت اللجنة المشتركة للاجئين وقفة احتجاجية حاشدة أمام مكتب وكالة الغوث بمشاركة فاعلة من الهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية والشخصيات الاعتبارية والوجهاء والمخاتير، احتجاجاً على سياسة التقليصات التي تتبعها وكالة الغوث.
ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية والافتات المطالبة برحيل ماتياس شمالي، والتي ندّدت بتقليصات وكالة الغوث.
وخلال الوقفة قال مسئول اللجنة الشعبية للاجئين التابعة للجبهة الشعبية توفيق البابلي، إنّ "قطاع غزة يعيش أسوأ حالاته، ففي الوقت الذي يعاني فيه سكان القطاع مرارة الحصار وقسوة الفقر تداهمنا جائحة كورونا لتترك مئات المصابين بين صفوف شعبنا وبخاصة في مُخيّمات اللاجئين، وتطل علينا وكالة الغوث بسياسة تقليص جديدة لخدماتها وببطء تفاعلها بتقديم الخدمات للاجئين واهمال يتلوه اهمال بحق اللاجئين الفلسطينيين".
ولفت إلى أنّ هذه الوقفة تأتي "استشعارًا بالخطر الداهم من تلك السياسات التي يحاول تمريرها مدير عملياتها في قطاع غزة "ماتياس شمالي" صاحب السجل الأسود، وخلال مشاوراتنا واجتماعاتنا المكثفة التي جرى عقدها مؤخراً وسعياً لتوحيد الجهود المبذولة من أجل التصدي لتلك المخططات برؤية موحدة وعمل وحدوي ضاغط يجري إعداده وتنسيقه على كافة المستويات الشعبية والوطنية والسياسية".
وشدّد على أنّ "اللاجئين لن يتوقّفوا عن مطالبة أونروا بالإيفاء بواجباتها والتزاماتها، فهذه حقوق لشعبنا وليس منة من أحد"، مُشيراً إلى أنّ "الفعاليات ستسمر حتى تتراجع وكالة الغوث عن سياساتها الظالمة بحق شعبنا الفلسطيني المكلوم".