اللاجئون الفلسطينيون الذين هجّروا من أراضيهم عام 1948، ويعيشون في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات المعيشة الإنسانية الكريمة، هم الفئة الأكثر تضرراً من الوعد الذي أعطاه وزير الخارجية البريطاني "آرثر لفور" إلى أكبر زعيم يهودي في بريطانيا " والتر روتشيلد" عام 1917 بإنشاء "وطن قومي لليهود" على أرض فلسطين.
ومن المفارقات المؤلمة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات وحول العالم، أن ذكرى إعطاء الوعد الـ103 تتزامن مع وعود وممارسات سياسية وخطط تطلقلها الإدارة الأمريكية برئاسة "دونالد ترامب" لاستكمال ما بدأه بلفور قبل قرن وأكثر.
فخطة ترامب المعروفة بـ"صفقة القرن" والتي أطلقت بنودها السياسية قبل أشهر تتقاطع من من حيث أهدافها القائمة مع الوعد البريطاني على إضاعة الحقوق الفلسطينية، لا سيما حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وللأسف يُساعد في ذلك تهافت عربي لم يُشهد له مثيل في السنوات السابقة للتطببيع مع الاحتلال الصهيوني، وليد الوعد.
وعد يقابله مشروع تهجير الفلسطينيين
في هذا السياق يقول الباحث الفلسطيني اللاجئ في مخيم مار الياس ببيروت فتحي كليب لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "طالما أن وعد بلفور هو الذي هيأ الأرضية لبدء التطبيقات الميدانية لعمليات القتل والإرهاب والتهجير، بالتواطؤ مع الانتداب البريطاني وبعض الدول الغربية لاحتلال فلسطين، لذا فإن الجميع يتحملون المسؤولية الكاملة عن جريمة العصر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية تحت عنوان تطبيق وعد بلفور."
وأشار كليب إلى أنه حين اعترف الوعد بما يسمى "حق اليهود في فلسطين" وسمح لهم بجلب يهود العالم لاستيطانهم في فلسطين، فهذا كان يقابله مشروع حيك بعناية شديدة لتهجير الغالبية العظمى من شعب فلسطين خارج أرضه، لافتا إلى أن كل مهاجر يهودي كان يستوطن أرض فلسطين كان يقابله قتل أو تهجير فلسطيني آخر أو مجموعات من أرضها، وهذا ما يفسر سبب استيلاء الانتداب البريطاني على أراضي واسعة من أرض فلسطين ومن ثم تسليمها للعصابات الصهيونية تحت ذرائع وحجج تخدم جميعها المشروع الصهيوني.
وأكّد الباحث الفلسطيني، أنّ "التاريخ سيبقى يسجل أن الشعب الفلسطيني بجميع فئاته وما آلت إليه أوضاعه هو ضحية للسياسات الاستعمارية لبريطانيا وللدول الاستعمارية الغربية التي جعلت من الكيان الاسرائيلي صنيعتها في المنطقة.،وان العقلية الاستعمارية التي مازالت تتحكم بالعديد من عقول ساسة الغرب، وعلى الأخص في بريطانيا، التي مازالت ترفض حتى الآن الاعتراف بمسؤولية بلادها عن الجريمة النكراء".
الوعد أسس لمأساة مستمرة إلى اليوم.
وتقول عضو المجلس الوطني الفلسطيني سميرة صلاح لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "إن وعد بلفور ذكرى مشؤومة لكن لا بدّ من الحديث عنها، ففي عام 1917 أعطت بريطانيا لليهود حقًّا في ما لا يملكون وأنشأت لهم وطنا على أرض فلسطين، وأضافت هذا الوعد أسس لمأساة العصر ولا تزال المأساة مستمرة حتى يومنا هذا,
وتأتي الذكرى هذا العام بحسب صلاح "أشدّ مرارة وألمًا أمام تهافت الدول العربيّة المطبّعة مع العدوّ الاسرائيلي ضاربة عرض الحائط بمأساة شعب بكامله مهجّر ما زال ينتظر العودة خارج وطنه وأرضه، يعيش في مخيمات اللجوء التي لا يوجد فيها الحد الأدنى من مقوّمات العيش الكريم خاصة في مخيمات لبنان، بالاضافة إلى منعهم من الحقوق المدنية والاجتماعية مما يؤثر سلباً على حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".
نطالب بإدراك خطورة اللحظة والعودة لمربع الوحدة.
وأمام هذا الواقع، طالبت صلاح عبر بوابة اللاجئين الفلسطينين، الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والإسلامية إدراك خطورة هذه اللحظة والعودة إلى مربّع الوحدة الوطنية والمقاومة بكلّ أشكالها ورفض كلّ ما يتعلّق بالتطبيع مع العدوّ الاسرائيلي للحصول على الحقوق المشروعة وإقامة الدولة على أرض فلسطين.
إنهاء قضية اللاجئين هدف أساسي
من جهته قال أمين سر العلاقات في حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، هيثم أبو الغزلان: إنّ قضية اللاجئين الفلسطينيين إحدى مرتكزات القضية الفلسطينية التي حاول العدو الإسرائيلي إنهاءها بالتشريد أو التوطين وبشطب حق العودة وبوسائل أخرى لكنه لم يستطع.
وأوضح الغزلان لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أنّ قضية اللاجئين ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحق العودة والتحرير وأنّ أيّ مشروع لا تكون العودة والتحرير أساسه لن يكتب له النجاح سواء أكان ما بات يطلق عليه "صفقة القرن" أو غير ذلك.
الفلسطينينون في لبنان يتجرعون مرارة الوعد
وأشار الغزلان إلى أنه رغم أن اللاجئين في لبنان يعيشون في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية صعبة ويفتقرون لأبسط أنواع العيش الكريم، إلا أنهم لا يزالون يتمسّكون بحق العودة إلى الديار التي هجروا منها قسرًا.
في ذات السياق، قال مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس في لبنان أبو أحمد فضل: إنه بعد ١٠٣ سنوات على وعد بلفور و٧٢عاما على النكبة مازال الشعب الفلسطيني يعيش تحت ظل الفقر والبطالة والأمراض والأوبئة وتراجع الخدمات وتراجع دور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إضافة إلى الحرمان من العمل، ودعا فضل عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى عقد مؤتمر للفصائل والقوى الفلسطينية و"أونروا" لوضع خطة طوارئ صحية واجتماعية قبل وقوع كوارث.
تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني.. أثر كارثي للوعد.
ومن الآثار الكارثية لوعد بلفور بحسب منسق مركز حقوق الانسان عائدون محمود العلي، هو تفتيت وحدة الشعب الفلسطيني، وتحويله إلى جماعات متفرقة، أكثريتها لاجئون في الخارج إضافة الى مهجرين في الداخل، ما أدى الى تدمير البنية الوطنية للشعب الفلسطيني ومحاولة لإنهائه، بالتوازي مع سياسات صهيونية أخرى ضوء أمريكي وبريطاني كالاستيطن والتهويد والاعتداءات المستمرة.