وقّعت مئات الشخصيات الفلسطينية والعربيّة من مثقفين وحقوقيين مناهضين للظلم والعنصريّة، وعشرات المنظمات والمؤسسات، رسالة تضامن مع القيادي في حزب العمّال ورئيسه السابق والنائب في مجلس العموم البريطاني" جيرمي كوربين" بعد تعليق عضويته في الحزب والمجلس على خلفيّة موقفه من القضيّة الفلسطينية، واتهامه بـ" معاداة الساميّة".
وجاء في نص الرسالة التي وصل لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" نسخة منها :" نحن الموقعين أدناه، نعرب عن تضامننا مع السيد كوربن في أعقاب قرار حزب العمال البريطاني المجحف بحق هذا الرجل صاحب المبادئ، والمتمثل في تعليق عضويته في الحزب".
وأضافت:" بالنسبة لنا جميعًا في فلسطين، تمثل مواقف السيد كوربن طريقًا مبدئيًا نحو العدالة الاجتماعية والحرية لجميع البشر بغض النظر عن الجنس أو العرق أو المعتقد أو الإيديولوجيا أو الآراء السياسية. ونعتبر مواقفه من قضية فلسطين بمثابة تعويض معنوي عن المسؤولية الأخلاقية التي تتحملها بريطانيا العظمى، كقوة منتدبة، عن خلق النكبة، عدا عن فشلها في الالتزام بميثاق عصبة الأمة (المادة 22) بوضع فلسطين على طريق الاستقلال وتقرير المصير هذا فيما نجحت نجاحاً باهرا في تنفيذ وعد بلفور".
واستنكر الموقعون، الاتهامات التي وجهّت لكوربن ومنها تهمة " معاداة الساميّة"، وجاء في رسالة :" عرفنا السيد كوربن مناضلاً صلباً ضد العنصرية، بما في ذلك معاداة السامية، ونشاركه دائمًا مواقفه في مكافحة العداء للسامية وكراهية الإسلام وجميع أشكال العنصرية".
ورأى الموقعون في هذه الاتهامات :" محاولة خبيثة لتغطية القمع الإسرائيلي والظلم وجرائم الحرب التي ارتكبت وترتكب بحق الشعب الفلسطيني منذ عقود طويلة على أيدي الإمبريالية والصهيونية الاستيطانية".
كما أكّدت أن "فضح الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين لا يعتبر بأي حال من الأحوال شكلاً من أشكال معاداة السامية، بل أن تغطية هذه الجرائم يمثل إهانة لذكرى كل اليهود الأبرياء الذين فقدوا حيواتهم في الهولوكوست. وعليه، فإننا نوجه هذه الرسالة تعبيراً عن دعمنا وتضامننا مع السيد كوربن وما يمثل".
لن نخذلك يا جيرمي
وعلّق أحد الموقعين، الباحث الفلسطيني جابر سليمان، على قرار تعليق عضوية "جيرمي كوربين" والاتهامات الموجّهة اليه وقال :"يريدون بهذ الإجراء الظالم ضد جيرمي كوربين تحويله من رجل مبادئ شريف مؤمن بالعدالة الطبيعية لجميع بني البشر إلى رجل عنصري معاد للسامية، لكل هذا نحن الموقعين على هذه الرسالة نتضامن معه، ونقول : لن نخذلك يا جيرمي".
وجاء في تعليقه عبر " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" : " يريدوننا أن نصدق بأن الحملة الظالمة والمحمومة ضد رئيس حزب العمال السابق جيرمي كوربين، التي تكللت أخيرا بتعليق عضويته في حزب العمال ومجلس العموم البريطاني ،كانت بسبب قصوره أو عزوفه عن التحقيق في مزاعم معاداة السامية، في فترة زعامته للحزب، وفق تقرير اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان تحت عنوان "التحقيق في معاداة السامية في حزب العمال؟!"
ووصف سليمان، ما تعرّض له كوربين بـ " الاغتيال السياسي" المصحوب بحملة غير مسبوقة من الامتهان والتحقير والشيطنة بحقه، داحضاً ما يجري ترويجه حول الحملة المناهضة له، بأنّ سببها كان بسبب توجهات كوربين الاشتراكية في الاقتصاد.
واعتبر سليمان، أنّ "المسألة أعقد من ذلك بكثير، حيث أن اللوبي المؤيد لإسرائيل في بريطانيا هو من وجّه له هذه الضربة القاسية، بسبب مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية".
ودلل سليمان على ذلك، بالحضور الساطع للقضيّة الفلسطينية في مؤتمر حزب العمّال السنوي في أيلول/ سبتمبر 2018، و تلويح المندوبين بالأعلام الفلسطينية في قاعة المؤتمر، حيث كان العلم الفلسطيني هو العلم الوحيد الذي سمح برفعه إلى جانب العلم البريطاني في القاعة، إضافة إلى وقبل كل شيئ من خلال تصريحات كوربين نفسه، بحسب سليمان.
وأشار سليمان إلى إعلان كوربين، بأنّه سيعترف بالدولة الفلسطينية في حال فاز برئاسة مجلس الوزراء، وأنه يعارض التوسع الإستيطاني الكولنيالي، ونقل السفارة السفارة الأمريكية إلى القدس، كما أنه يرفض فكرة " يهودية الدولة" والممارسات الإسرائيلية ضد المدنيين والأطفال في الضفة الغربية وغزة.
وختم سليمان: " إنه، حقا، أول مسؤول بريطاني يفصح يشكل علني عن مسؤولية بريطانيا العظمى عن الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني جرّاء النكبة، خلافاً لموقف رئيسة وزراء بريطانيا السابقة تيريزا ماي، التي رفضت في الذكرى المئوية لوعد بلفور، تقديم أي شكل من أشكال الإعتذار للشعب الفلسطيني، بل أمعنت في عنصريتها وتفكيرها الإستعماري إلى حدّ اعتبار أن خلق " دولة إسرائيل" كان حاجة أخلاقية لبريطانيا وللعالم الحرّ، كما تراه".
وكان حزب العمّال البريطاني، قد أعلن يوم 29 تشرين الأوّل/ أكتوبر الفائت، عن تعليق عضوية رئيسه السابق" جيرمي كوربين" بسبب " رد فعله على تقرير بشأن معاداة الساميّة" وفق ما نقل الحزب.
وكان تقرير صادر عن "لجنة المساواة وحقوق الإنسان" في الاتحاد الأوروبي، قد أشار إلى مخاوف بشأن " معاداة الساميّة" في حزب العمال، "كانت قد ظهرت في السنوات الأخيرة التي تتضمن فترة قيادة الزعيم السابق للحزب، جيرمي كوربين، الممتدة من العام 2015 وحتى العام 2019" وفق المزاعم التي اعتمدها مجلس العموم والحزب ضد كوربين.
وعُرف من أبرز مواقف " جيرمي كوربين" تعهده بالتزام حكومته بالاعتراف بدولة فلسطينيّة إذ فاز بالانتخابات البرلمانية، خلال مؤتمر حزبه في العام 2018، وانتقد قرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة، دونالد ترامب، نقل سفارة بلاده لدى الاحتلال إلى القدس، داعياً إلى "حل الدولتين" عبر قيام دولة فلسطينية “قابلة للحياة” إلى جانب “إسرائيل”، بحسب ما صرح، معتبراً أنّ هذا هو طريق تحقيق "السلام" في الشرق الأوسط.