أطلقت اللجنة الشعبية للاجئين في مُخيّم البريج للاجئين الفلسطينيين، حملة تواقيع تدعو لتجريم وإبطال إعلان بلفور المشؤوم والآثار الناجمة عنه، وذلك وسط المُخيّم بعد مرور 103 أعوام على هذا الوعد المشؤوم.
وبحسب اللجنة الشعبيّة، فقد انطلق أعضاء ومتطوعي اللجنة منذ صبيحة يوم الأربعاء 11 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى جميع أنحاء المُخيّم وعلى المدارس لجمع التواقيع على العريضة التي تجرّم وعد بلفور، بالإضافة إلى جمع التواقيع على مدخل مُخيّم البريج للاجئين من المارة.
وبيّنت اللجنة أنّ العريضة التي حملت عنوان "الدعوة لتجريم وإبطال إعلان بلفور والآثار الناجمة عنه"، قد نصت على التالي: نحن الموقعين أدناه فلسطينيين وفلسطينيات، ومؤيدين ومناصرين للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره، ومن جنسيات عربية وعالمية مختلفة ندعوكم لمشاركتنا في التوقيع على هذا البيان الذي يدعو إلى تجريم إعلان بلفور الصادر عن حكومة بريطانيا في الثاني من تشرين الثاني من العام 1917.
ورأت اللجنة أنّ وعد بلفور وثيقة غير أخلاقية وغير قانونية تنافي ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتخالف بشكلٍ واضح وصريح ما نص عليه القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، بحيث مهد هذا الإعلان، - وهو وعد من لا يملك لمن ليس له حق -، لقتل وتهجير وتشريد شعب بأكمله في جريمة ما زالت مستمرة منذ مئة وثلاثة أعوام ومن أهم آثارها سلب حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وشدّدت على أنّ بلفور هو نهج استعماري ونظام فصل عنصري تشاركت في وضع خططته حكومة بريطانيا ودول استعمارية أخرى وبالتخطيط والشراكة والتعاون التام مع الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية لتأسيس "وطن قومي لليهود" على أنقاض الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فقد جاء نص إعلان بلفور، والذي لاحقاً تم تضمينه في صك الانتداب البريطاني على فلسطين بموافقة عصبة الأمم المتحدة، على نحو فيه تنكراً وإلغاءً كاملاً لحقوق الشعب الفلسطيني في أرض فلسطين التاريخية، والذين كانوا يشكلون قرابة 92% من السكان الأصليين الذين يعود تاريخهم إلى العصر الحجري، ووصفهم بالطوائف الغير يهودية دون تسميتهم كشعب فلسطيني ودون أن يعترف بأي حقوق سياسية أو سيادية لهم، وفي الوقت الذي منح كل الحقوق لليهود الذين كانوا يشكلون 8% فقط من سكان فلسطين وجلهم أتوا إلى فلسطين عن طريق هجرات بدأت منذ العام 1882.
وأشارت إلى أنّه قد سبق صك الانتداب البريطاني على فلسطين قيام بريطانيا باحتلال فلسطين لمدة عامين خلالها ارتكبت فظائع وجرائم موصوفه بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته، وخلال فترة انتدابها لفلسطين، والتي استمرت ما بين الأعوام 1922-1948، استمرت هذه الجرائم، بالإضافة إلى دعمها ومساندتها للجرائم والفظائع التي ارتكبتها الحركة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته، وسهلت وساعدت حكومة الانتداب الحركة الصهيونية في استجلاب المستعمرين الصهاينة من كل أنحاء العالم ورعتهم وساهمت بشكلٍ فعلي في تدريبهم وتسليحهم وايجاد غطاء مادي ومعنوي للمستعمرين الجدد، ومع انتهاء الانتداب البريطاني لفلسطين، عملياً سلّمت بريطانيا فلسطين للحركة الصهيونية التي أعلنت تأسيس "دولة إسرائيل" على أرض فلسطين، كترجمةٍ فعلية لما نص عليه إعلان بلفور.
وتابعت اللجنة في بيانها: لقد أصدرت هيئة الأمم قرار تقسيم فلسطين في العام 1947، وأعطت الفلسطينيين ضمن هذا القرار 46% من أراضي فلسطين التاريخية وكانوا وقتها يشكلون 92% من السكان، ونحن نعتبر أن هذا القرار أيضاً جائر وغير أخلاقي وغير قانوني، ومنذ قيام "دولة إسرائيل" ولغاية يومنا هذا لا زالت تعتبر نفسها فوق كل القوانين، وتمعن في جرائمها بحق الشعب الفلسطيني وتؤسس لنظام فصل عنصري عبر قوانين عنصرية وبدعم كامل من الولايات المتحدة الامريكية التي أعلنت على لسان رئيسها صفقة القرن،- كامتداد لوعد بلفور-، واعترفت بالقدس عاصمة لــــ"دولة إسرائيل" امعاناً بإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني، وتطاولاً واستخفافاً بقرارات الشرعية الدولية، ولا زالت تسعى إلى تحقيق حلم الحركة الصهيونية بإقامة "الدولة اليهودية" من النيل إلى الفرات وتحويل الشعوب العربية إلى مجرد خدم وعبيد عند هذه الدولة.
وبيّنت اللجنة أنّه وأمام كل هذه الجرائم المستمرة بحق لحقوق الشعب الفلسطيني وقضيته، ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية العادلة قررنا وبعد مشاورات حثيثة واستجابة لتوصيات المؤتمر الوطني الذي عقده التجمع الوطني للمستقلين بالشراكة مع وزارة العدل الفلسطينية وجامعة القدس وبمشاركة أعضاء من اللجنة التنفيذية وقيادات الفصائل، وتم تقديم توصياته إلى الرئاسة ورئيس الوزراء، إطلاق مبادرتنا المتمثلة بمقاضاة بريطانيا ودول الاستعمار على الجرائم التي ارتكبوها و/أو كانوا سبباً في ارتكابها و/أو شاركوا الآخرين في ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني في محاكمة نسعى لأن تكون "محاكمة القرن" انتصافا للكرامة الإنسانية والعدل والحق.
وأكَّدت على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، داعيةً إلى الانتصار للمبادئ الإنسانية والتي أساسها العدل، مُشددةً على "ايماننا بحق الشعب الفلسطيني في استخدام كافة الوسائل المشروعة في مقاومة الاحتلال واستعادة حقوقه التاريخية بما في ذلك الخيار القانوني بموجب القانون الدولي الذي منح الحق الكامل بمقاضاة الدول والأفراد الذين ارتكبوا جرائم جسيمة ضد الإنسانية، وعليه تقرر التوجه للقضاء الوطني الفلسطيني ابتداء، ثم للقضاء الدولي والأجنبي والبريطاني، ومحاكم حقوق الإنسان ضمن برنامج متكامل".
كما رأت أنّ "ما بني على باطل فهو باطل، وبأن العالم أجمع ملزم بتحمّل مسؤوليته اتجاه إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه"، داعيةً أحرار العالم لدعم الجهود المبذولة لمتابعة حقوق الشعب الفلسطيني قانونياً، ويجب تنظيم أوسع مبادرات لمحاكمة بريطانيا.
وفي ختام بيانها، أكَّدت اللجنة على أنّها مستمرة في فعاليتها وأنشطتها الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني وخاصة اللاجئين لتعزيز صمودهم في ظل المؤامرات الدولية على حقوق شعبنا الفلسطيني.
ويصادف الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر، الذكرى الـ103 لصدور وعد بلفور المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا الحق لليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين، إذ كان "وعد بلفور" بمثابة الخطوة الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين؛ استجابة مع رغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
وجاء الوعد على شكل تصريحٍ موجّه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر جيمس بلفور في حكومة ديفيد لويد جورج في الثاني من تشرين الثاني عام 1917، إلى اللورد روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى، واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة.