أكد عضو اللجنة القطاعية لاتحاد المعلّمين في لبنان، فتح شريف، أن التقليصات التي تقوم بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ذات بعد سياسي وليس مالي، وتمثل "تهديداً حقيقياً لها".

وفي حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، طالب شريف المفوض العام للوكالة، فيليب لازاريني، بالتنحي عن مهامه فوراً لمن "هو أهلٌ بهذا المنصب"، مشدداً أن المعلمين سيواجهون قرارات "أونروا" بكلّ قوّة حتى انتزاع كامل حقوق الشعب الفلسطيني.

كلام شريف جاء خلال اعتصام مئات اللاجئين من أفرادٍ، ومؤسساتٍ، وفعالياتٍ، وأحزابٍ، وحركاتٍ، وقوى مجتمعيةٍ، وروابط، وأنديةٍ، ولجانٍ شعبيةٍ وأهليّةٍ، اليوم الجمعة، أمام المكتب الرئيس لـ "أونروا" في بيروت، رفضاً لسياسة التّقليصاتِ التي تنتَهجُها الوكالة بحقّ الشعب الفلسطيني.

المعتصمون عبّروا عن غضبهم مما جاء في بيان المُفوّض العام الأخير، من إجراءاتٍ تقشّفيّة وصفوها بغير المقبولة وغير المسؤولة وغير الإنسانيّة، وطالبوه بالتراجع عن هذا القرار الذي يمسّ مستقبل آلاف العائلات الفلسطينية.

 

رواتب الموظفين "خط أحمر"

بدوره، قال اتحاد المعلّمين في لبنان، إنّ قرارات لارزيني التي أطلقها قبل يومين، تتنافَى معَ أبسطِ الحقوقِ الإنسانيةِ الأساسيّة، حيث تحدّث عن تقليصٍ في الخدمات التي تُقدّمها "أونروا" وقد تصلُ إلى تجميدِ الوظائف، وإغلاقِ فرصِ العملِ، وحسم جزء من رواتب الموظفينَ، وربّما كلّ الرّاتب في مرحلةٍ تاليةٍ، الأمر الذي يحملُ مخاطرَ كبيرةً على مستقبل الشعب الفلسطيني وموظفينه ويُنذِرُ بمُضاعفاتٍ جسيمةٍ على أمنِهم المعيشيّ ومستقبلهمّ.

وأكد الاتحاد في بيان أن "رواتب المُوظّفينَ خطّ أحمر دونَها حياتُنا، ولن نقبل بحسمِ فِلسٍ واحدٍ من رواتِبنا"، مضيفاً: "وإذا كانَ هدفُ هذا الإجراءِ هو التّغطية على فشلهم في إدارةِ الأزمة الماليّة، فليُبادروا للبحثِ عن سُبُلٍ أخرى، لا أن يلجأوا إلى تهديد الأمن المعيشيّ للمُوظّفين، وبخاصّةٍ أنّنا نعيشُ وسط أزمةٍ اقتصاديّةٍ خانِقةٍ".

واعتبر الاتحاد أنه "بدلًا من تحسين الرّواتبِ، ومُضاعفةِ المَعُوناتِ، وتوسيعِ دائرةِ المساعداتِ الإنسانيّة، واتّخاذ إجراءات تكفل صمودَ شعبِنا وتضمنُ مُقوّماتِ بقائِه إذ بهم يعتمدون سياسةً غريبةً تهدفُ إلى خنقِنا وإذلالِنا وتركيعِنا والتّلذّذ برؤيتنا نموتُ بِبُطء، وهذا ما نرفضُه جملةً وتفصيلًا".

 

قضايا حقوقية وتربوية في انتظار الحلول

كما استنكر الاتحاد "استهتار المدير العام في لبنان السّيد كوردوني وفريقه فيما يتعلّق بموضوع المُعلّمين المُياوِمينَ"، مبدياً أسفه لعدم استِدعائهم حتّى اللّحظةِ، سواءً في نِظامِ التّعليم عن بُعد أو نِظام التّعليمِ المُدمَج رغم الحاجة الملحّة لوجودهم.

واستغرب من عدمِ إنجاز التّشكيلات الصّفيّة ونحنُ على أبوابِ شهر كانون الأول/ديسمبر.

وتابع: "وليكُن معلومًا أنّنا سنُعطي المُدير العام فرصةً أخيرةً لتدارُكِ خطئه والبدء فورًا بملءِ الشّواغر من المعلمينَ، وإلّا فإنّ جميعَ مدارس "أونروا" في لبنان ستُوصِدُ أبوابَها، وإنّ جميع المدراءِ والمعلّمين سيُغلِقون هواتِفهم ولن يكون هناك تعلّم عن بُعد حتّى تأمينِ جميع الاحتياجاتِ والمُستلزَماتِ المطلوبة، وفي مُقدّمتها استِدعاءُ المعلّمين المُياوِمينَ".

وشدد الاتحاد على رفض كل ما جاء على لسانِ المُدير العامّ ونائبته فيما خصّ "مُعلّمي مدد"، لافتاً إلى أن "من حقّ هؤلاء المُعلّمين أن يُصنّفوا على الموازنةِ العامّة وليسَ على المَشاريعِ، وأن يشعروا بالأمان الوظيفيّ، فهم أبناءُ هذه المُؤسّسة وخدموهَا لسنواتٍ طويلة ولا يزالون، وهم أصحابُ كفاءةٍ عاليةٍ وأداءٍ متميّز".

ودعا إدارة الوكالة إلى الالتزام أخلاقياً بمُراجعة أسماء المُعلّمينَ في قوائمِ الرّوسترات الذين تمّ تجاوزُهم في عمليّة التّثبيتِ، وأن تُجري مراجعةً فوريّةً من أجل تصويبِ الخَلل الحاصِل وإعادة توظيفِهم وإلحاقِهم بنِظام التّثبيت.

وجدد رفضه أيّ مساسٍ بمعلّمي الدّعم المدرسيّ، و"الذين لهم دور أساسيّ في العمليّة التعليميةِ"، ورفض رفعَ نِصابِ حِصص التّعليم في المرحلةِ الثّانويّة، لما لهُ من تداعياتٍ خطيرةٍ على العمليّة التّعليميّة، مطالباً المعلمين بعدمِ قبولٍ أيّ برنامجٍ يتجاوزُ نِصاب الحِصص المَعمُول بها، كما هو الشّأنُ في الدّولة المُضيفة.

 

رفض لـ "لغة التهديد والوعيد"

على الصعيد العام، أكد الاتحاد رفض تقليصَ الخدماتِ الصحّيّة والتّربويّة، معتبراً أنه ينبغي على إدارة "أونروا" أن تتحمّل تبِعاتِ هذا التّقليصِ، ونتائجه الكارثيّة المُدمّرة على مجتمع اللّاجئينَ الفلسطينيّينَ.

وأضاف: "نرفُض لغة التّهديد والوعيدِ التي تخرجُ علينَا بينَ الفيْنةِ والأخرى، والتي تدفعُ إلى تأزيمِ الموقِفِ، وليس آخرَها ما جاءَ في خِطاب المُفوّض العامّ من إغلاقِ البابِ أمام توفيرِ فرص العملِ، في وقتٍ تتصاعدُ فيه الحاجةُ إلى مزيدٍ من المُساعداتِ إلى أبناءِ شعبِنا ومُساعدتِهم لتجاوُز الأزمةِ الاجتماعيّةِ التي تعصِف بهم".

ولوح الاتحاد باستمرار وتصعيد التحركات "في حالِ أصرّ المُفوّض العامّ على مواقِفه".

 

رسالة من المعلمين المياومين إلى "أونروا"

من جهتها، وجّهت المتحدّثة باسم المعلّمين المياومين، مادلين آغا، رسالة لـ "أونروا" عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، طالبتهم فيها بأن لا يكون المعلمون المياومون "مكسر عصى" لسدّ الأزمة المالية لديهم، وأن يقدّروا تعبهم ويشعروهم أنّ "الكرامة لا تقدر".

وأكّدت آغا أنّ جلّ مطالبهم هي توظيف المياومين سواء كان التعلم مدمجًا أو عن بعد لهذا العام، وتثبيت باقي الروسترات نظرًا لتخطيهم امتحانات التوظيف بنجاح مرارًا وتكرارًا، والأخذ بعين الاعتبار سنوات العمل التي قضاها المياوم في خدمة هذه المؤسسة في أحلك الظروف وأخطرها، إضافة إلى ضمان الأمان الوظيفي الذي فقدوه وأوصلهم إلى ما هم عليه الآن من انتظار للعمل.

وأوضحت أنّه تمّ تشكيل لجنة مشتركة تضم كلاً من المياومين والاتحاد والإدارة، لتكون حلقة وصل للإطلاع مباشرة على آخر المستجدات ومناقشتها، كاشفة أن هناك 150 عائلة لا تزال لم تتقاض راتبا شهريا منذ ستة أشهر.

 

مخاوف من تبعات إجراءات "أونروا"

بدوره، تخوّف مسؤول اللجان الأهلية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، محمد الشولي، من أن تنعكس هذه الخطوة على كل الخدمات التي تُقدم للاجئين الفلسطنيين، ولا سيّما الطلاب.

وأشار الشولي لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أنّ "أونروا" بدأت منذ سنوات تقليص خدماتها في مجال التعليم وأرغمت المدارس على وضع 50 طالبا في الصف الواحد، كما أنها توقفت عن التوظيف وألغت التعاقد مع 140 أستاذاً مياوماً كانت المدارس بحاجة إليهم في الوضع الحالي.

وأردف: "إذا استمرت "أونروا" بتقليصاتها ربما تصل إلى إغلاق المدارس واعتماد سياسات مختلفة تؤثر بشكل كبير على الطلاب الفلسطينيين ومستواهم التعليمي".

كذلك رأى مدير مؤسسة "شاهد" لحقوق الإنسان، محمود حنفي، أنّ هذا القرار لو نجح فإن الشعب الفلسطيني في الشتات مقبلٌ على قرارات أخطر، موضحا أنّ التحرك المطلبي اليوم هو للدفاع عن الحائط الأخير أمام وجود "أونروا"، فإذا "تهدّم هذا الحائط فسنجد أنفسنا أمام منظمة لا تقدم خدمات وهذا سيفرغها من مضمونها العملي وسيهيئ لاحقا لإسقاط هذه المنظمة كونها منظمة فاشلة لا تقوم بخدماتها".

وطالب حنفي، الوكالة بوضع سياسة لترشيد الإنفاق يحدُّ من العجز الدوري في ميزانيتها، وحث المجتمع الدولي، والدول المانحة خاصّةً إلى زيادة مساهماتها المالية بما يسد ثغرة تقليص الولايات المتحدة الأمريكية لمساهماتها، كما دعا الدول العربية والإسلامية إلى زيادة مساهماتها المالية في صندوقي المشاريع ونداءات الطوارئ المختلفة، وتفعيل الدبلوماسية الفلسطينية في المحافل الدولية وتكريس كافة الجهود من أجل الحفاظ على وكالة أونروا.

ويأتي هذا التحرّك اليوم ضمن سلسلة تحرّكات يقوم بها اتحاد المعلمين منذ شهور، وفي ظل ظروف استثنائية يمر بها لبنان من أزمة اقتصادية واجتماعية ضخمة انعكست سلباً على المخيمات الفلسطينية.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد