تشهد الحالة الصحية للطبيب الفلسطيني، عصام بصلات حجاوي، تراجعاً مستمراً جراء إهمال إدارة سجن "ماغابري"، في إيرلندا الشمالية، تقديم العلاج اللازم له.
وأكد يوسف قنديل، صديق حجاوي، أنه بات يعاني من آلام حادة ويمشي مستنداً إلى عكازتين بسبب اشتداد وطأة الديسك، فضلاً أنه عانى منذ فترة من أزمة قلبية.
لكن قنديل أصر، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، على رفض ذهاب حجاوي إلى المستشفى، لأن إدارة السجن حجزته، حينما عانى من أزمة قلبية منذ مدة، في الحبس الانفرادي لـ 14 يوماً، داخل غرفة (Foyle House) تعتبر الأسوأ داخل السجن وتفتقد لأدنى المقومات الإنسانية، وهناك مخاوف من احتجازه في الغرفة ذاتها في حال الذهاب إلى المستشفى.
وبالتالي، فإن المطلب الأساسي الآن يكمن في إرسال طبيب لمعالجة حجاوي داخل السجن، وهو ما تمت الموافقة عليه من حيث المبدأ، بحسب قنديل، الذي استدرك أنها موافقة "كاذبة" حتى الآن، لأن المعنيين لم يرسلوا أياً من الأوراق المتعلقة بوضع حجاوي الصحي إلى الطبيب المختص.
رسالة إلى وزيرة العدل وإدارة السجن
كتب رئيس منظمة "اسكتلندا ضد تجريم المجتمعات"، ريتشارد هالي، رسالة منذ أيام إلى محافظ سجن "ماغابري"، ديفيد كينيدي، يطلب منه ضمان حصول حجاوي على الرعاية الطبية التي يحتاجها، كما أرسلت رسالة مماثلة إلى وزير العدل.
وجاء في نص الرسالة، التي وصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" نسخة عنها: "..أكتب إليكم مرة أخرى لأن الدكتور بصلات لا يزال يواجه صعوبات في الحصول على الرعاية الطبية التي يحتاجها.
ويعاني الدكتور بصلات من مشكلة عصبية ناتجة عن الديسك. استمرت حالته في التدهور. ويعاني من ألم شديد مستمر ويحتاج الآن إلى عكازات من أجل المشي. يبدو من المحتمل أنه سيحتاج إلى عملية جراحية".
وأضاف هالي: "يحتاج جراح الأعصاب لدى الدكتور بصلات إلى الوصول إلى السجلات الطبية التي يحتفظ بها سجن ماغابري من أجل اتخاذ قرار بشأن أفضل مسار للعمل. أفهم أن السجلات لم يتم نقلها إليه بعد. يجب أن تكون هذه مسألة بسيطة. يبدو أنه أصبح عائقاً كبيراً أمام توفير الرعاية الطبية المناسبة للدكتور بصلات في الوقت المناسب".
كما شدد أن "الإهمال المستمر لاحتياجات الدكتور بصلات الطبية يتسبب في معاناته الطويلة التي لا داعي لها ويمكن أن يعرض صحته للخطر. كما أنه من المحتمل أن يضع سجن ماغابري في خرق للقانون المحلي والدولي. إن أي فشل في توفير الرعاية الصحية الملائمة قد يؤدي إلى خلق وضع يقع في نطاق الحظر المفروض على المعاملة اللاإنسانية والمهينة بموجب المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".
وأكد أن قوانين السجون الأوربية وقوانين الأمم المتحدة المتعلقة بمعاملة السجناء تنص على تقديم الراعية الطبية داخل السجن، وأن "جميع السجون يجب أن تضمن الحصول الفوري على الرعاية الطبية في الحالات العاجلة".
ودعا هالي، كينيدي، إلى التدخل لتسريع الوصول الفوري إلى السجلات الطبية للدكتور بصلات من قبل جراح الأعصاب وأي شخص آخر يرشحه الدكتور بصلات، مطالباً إيّاه بضمان اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لتزويد الدكتور بصلات بالوصول السريع إلى الرعاية الطبية التي يحتاجها.
وتجدر الإشارة إلى أن جمعيات فلسطينية ناشطة في مختلف الدول الأوروبية طالبت، في وقت سابق، بالإفراج الفوري عن حجاوي في في رسالة تضامنية أرسلتها إلى رئيس وزراء بريطانيا، بوريس جونسون، عبر السفارة البريطانية في بروكسل، وذلك عقب الحصول على عشرات التواقيع من مختلف الجمعيات الناشطة في أوروبا.
ودعت الرسالة، جونسون إلى التدخل السريع من أجل الإفراج الفوري عن حجاوي، الحاصل على الجنسية البريطانية.
تفاصيل جديدة: حجاوي كان ضحية كمين لعميل سري
بحسب محامي حجاوي، غافن بوث، فإنه اعتقل خلال عملية للشرطة وجهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني المعروف باسم "أم آي 5" (MI5)، وهو محتجز على على ذمة التحقيق في سجن "ماغابري" في إيرلندا الشمالية، حيث ينتظر المحاكمة تحت المادة "5" من "قانون الإرهاب"، بسبب حضوره اجتماعاً مزعوماً لـ "الجيش الجمهوري الإيرلندي الجديد" (New IRA).
كلام بوث جاء خلال حديث منذ أيام مع موقع "اسكتلندا ضد تجريم المجتمعات" (Scotland Against Criminalising Communities: www.sacc.org,uk)، حيث أشار إلى أن حجاوي غرر به من قبل رجل يُدعى "دينيس ماكفادين" لحضور ما أوهمه بأنه "اجتماع عام" في عاصمة إيرلندا الشمالية بلفاست، حيث كان حجاوي سيقدم تحليلاً للوضع في فلسطين.
وتم الكشف في المحكمة أن ماكفادين هو عميل لـ "MI5". ويُزعم أن الاجتماع الذي أُقنع الدكتور حجاوي بحضوره كان اجتماعاً جديداً لـ "الجيش الجمهوري الإيرلندي الجديد" وتم التنصت عليه من قبل "MI5".
(صورة لعميل "MI5" السري دينيس ماكفادين مأخوذة عن القناة الرابعة البريطانية)
ويُتهم حجاوي بأنه ألقى "كلمة أمام اجتماع للجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد في مخبأ في مقاطعة تيرون"، حيث يتهم مع 9 أعضاء آخرين لانتمائهم لهذا "الجيش".
اطلع المحامي بوث على نصوص الاجتماع الذي تم التنصت عليه، ويعتقد أنه إذا تم الإعلان عنها فسيتم تبرئة حجاوي، قائلاً في حديث مع القناة الرابعة البريطانية: "كل ما ورد في النصوص والتسجيلات يتعلق بفلسطين، يتعلق بالتغيير السلمي والديمقراطي. لا يوجد شيء في نصوص الدكتور من شأنه أن يدعم العنف بأي شكل من الأشكال".
وتابع: "كثيراً ما يقال إنّ تأخير العدالة هو إنكار للعدالة. يمكن قول الشيء نفسه عن الرعاية الطبية. يعاني الدكتور بصلات منذ فترة طويلة. دخل السجن على قدميه وهو الآن على عكازين. يجب أن يتوقف سجن ماغابري عن وضع العراقيل بين الدكتور بصلات والعلاج الذي يحتاجه بوضوح".
من جهته، كشف يوسف قنديل، صديق حجاري، أن القوانين البريطانية تنص على أنه يجب تحويل المحتجز إلى المحاكمة خلال 4 أشهر، وهو ما سيستغله أصدقاء حجاوي في تقديم طلب للإفراج عنه بكفالة مالية، بعد طلبين سابقين قوبلا بالرفض.
واعتقل حجاوي في 22 آب/أغسطس الماضي، ما يعني أن الأربعة أشهر التي ذكرها قنديل ستوافق الـ 22 من شهر كانون الأول/ديسمبر المقبل.
ضغط صهيوني يفلح في تعليق عضوية حجاوي بنقابة الأطباء
خارج السجن، نشط صهاينة في رفع دعوى ضد حجاوي أمام مجلس الأطباء في المملكة المتحدة، بهدف سحب عضويته الطبية، جراء نشاطه المناهض للانتهاكات الصهيونية والمؤيد لحقوق الفلسطينيين.
وأكد قنديل، أن نقابة الأطباء في بريطانيا علقت عضوية حجاوي، مبدياً استغرابه كون هذا القرار مخالف للقانون إذ إن حجاوي لم تثبت عليه أي تهمة حتى الآن، كما أن التهمة الموجة بالأصل لا علاقة لعا بعمله كطبيب.
(صورة تظهر تعليق عضوية حجاوي على موقع مجلس الأطباء العام في بريطانيا)
وظهر الاحتفاء الصهيوني على موقع "Israellycool"، الذي أشار إلى أن أحد قرائه راسل مجلس الأطباء، والذي بدوره علق عضوية حجاوي، على الرغم من أن المجلس أقر بأن أي تهمة لم تثبت على حجاوي حتى الآن.
وعلق الموقع الصهيوني على قرار مجلس الأطباء قائلاً: "بالتأكيد لم تكن هذه السنة رائعة بالنسبة للأطباء المعادين للسامية والذين يكرهون إسرائيل".
وفي هذا السياق، استنكر قنديل مستوى التغطية الإعلامية العربية الهزيل مع قضية حجاوي، في مقابل الضغط الصهيوني المتواصل ضد النشطاء الفلسطينيين والمؤيدين للحقوق الفلسطينية في أوروبا.
وكانت السلطات البريطانية اعتقلت حجاوي في 22 آب/أغسطس بمطار "هيثرو" في لندن وسلمته إلى إيرلندا الشمالية.
وفي شهر أيلول/سبتمبر الماضي، عانى حجاوي من أزمة قلبية استدعت دخوله إلى المستشفى، إلا أن السلطات وضعته بعد انتهاء علاجه في عزل انفرادي يفتقر إلى أي من المقومات الإنسانية، بحجة الحجر المفروض لـ 14 يوماً بسبب فيروس "كورونا"، علماً أن حجاوي عُزل قبلها حيما تم إدخاله إلى السجن.
ورفضاً لسوء المعاملة، شرع حجاوي بإضراب عن الطعام، ما لبث وأن تضامن معه فيه نحو 50 سجيناً إيرلندياً. وانتهى الإضراب بإخراج حجاوي من العزل.
ويعتبر الدكتور حجاوي أحد أبرز الوجوه الفلسطينية في الجالية العربية في أسكتلندا، ويتخوف ناشطون فلسطينيون في أوروبا من مصير مجهول قد يلقاه حجاوي إن لم يتم إثارة قضية اعتقاله والممارسات السيئة بحقه في السجون.