جدد لاجئون فلسطينيون في الشمال السوري، مطالبهم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" بإيصال استحقاقاتهم من المساعدات الماليّة الدوريّة إليهم، والتي توزعها الوكالة على اللاجئين الفلسطينيين في البلاد كل 3 أشهر، مشيرين إلى أنّه لا مبرر للوكالة من حرمانهم من المعونة التي قد تشكّل لهم مصدر دعم، في ظل حالة الانعدام المعيشي وشحّ الموارد، وخصوصاً في فصل الشتاء حسبما أفاد لاجئون لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
وقال "أبو قاسم" وهو لاجئ فلسطيني مهجّر من مخيّم اليرموك ويقيم في منطقة أعزاز شمالي البلاد، إنّه لم ير المساعدة الماليّة منذ تهجيره عن منطقة جنوب دمشق، في العام 2018، لعدم وجود أي مكتب أو مندوب للوكالة في مناطق الشمال، وانعدام القدرة على الذهاب إلى دمشق لقبض المعونة.
وأضاف في حديث لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّه تواصل مع الوكالة الدوليّة عدّة مرّات " ولكنّهم يقولون لي راجع اقرب مكتب للوكالة، أو وكّل أحد الأشخاص بوكالة رسميّة ليقبض لك مستحقاتك" وفق قوله، مستهجناً بذات الوقت "كيف تطلب الوكالة من مهجّر قسراً أن يذهب إلى مناطق النظام لإتمام معاملة، ومن أين سيجلب وكالة رسميّة اذا أراد توكيل أحد الأشخاص".
وطالب اللاجئ، الوكالة الأممية بإيجاد طريقة لايصال المساعدات بغير ما وصفها بـ" الشروط التعجيزيّة" معتبراً أنّه من واجبها ايجاد طريقة لإيصال المساعدات، لكونهم لاجئين مسجّلين لديها، ولديهم مستحقات لابد أن تصل.
نسيناها ويأسنا
"أبو مجد" لاجئ آخر مهجّر من مخيّم اليرموك، خرج من مخيّم الصداقة للمهجّرين في منطقة أعزاز قبل نحو عام، ليبحث عن رزقه في منطقة عفرين، ولديه أسرة مكوّنة من زوجة و3 أبناء ( ابنتان وابن)، ويعيش في منزل مُستأجر بمبلغ 10 الاف ليرة سوريّة شهريّاً.
يقول "أبو مجد" لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّه بذل كل جهوده لاخراج عائلته من المخيّم، والانتقال بهم إلى منزل في منطقة عفرين، "نزراً لكون بناته يكبرن ولم يعد المخيّم بيئة مناسبة لهنّ للعيش " فدلّه أحد " أولاد الحلال" وفق وصفه، على منزل رخيص نسبيّاً ووفّر له عمل كسائق شاحنة لنقل البضائع بين منطقة معبر " باب الهوى" مع تركيّا إلى المناطق الداخليّة، يدر عليه ما يوفّر له دفع أجرة منزله وتدبّر معيشته.
يشير "أبو المجد" إلى أنّ معيشة أسرته، لا تلامس عتبة الكفاف، ولا سيما في ظل ارتفاع الأسعار، وتعطّل العمل لفترات طويلة بسبب إجراءات الوقاية من "كورونا" أو تأثّره بوضع أمني ما، ما يجعله غير مستقر، وهو يقبض أجرته بشكل يومي، حسبما أضاف.
وحول معونة " أونروا" يقول الاجئ المهجّر :" نسيناها ويأسنا، فمنذ وصولنا ونحن نناشد الوكالة ايصالها لنا، ولكن دون فائدة، فهم يعتبروننا خرجنا من سوريا كاللذين هاجروا إلى أوروبا".
ويتابع :" منذ وصولنا إلى الشمال بعد أن هُجّرنا قسراً في العام 2018، كنّا نقول، الله لا ينسى أحداً، ووكالة الأونروا ستنظر بوضعنا، بالإضافة للمنظمات الإنسانيّة، والحياة تستمر إلى حين مجيء الفرج من الله".
ماذا يمكن أن تفعل معونة " أونروا" للمهجّرين في الشمال
وتوزّع وكالة " أونروا" معونتها على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا كل 3 أسهر، وتشمل 86 الف ليرة للشخص الواحد، للحالات الأكثر عوزاً، في حين تحصل الأسرة ذات الحالات العاديّة على مبلغ 66 الف ليرة.
يقول اللاجئ "أبو قاسم" إنّ المبلغ في حال وصل إلى العائلات المهجّرة في الشمال السوري، بإمكانه أن يغطّي بعض المسائل الأساسيّة، كدعم تأمين مستلزمات التدفئة في الشتاء، أو تأمين التموين الغذائي بالمواد الأساسيّة على الأقل لمدّة شهر و شهرين " فمعظم العائلات تعيش حالة تقشّف ولا تريد الترف بقدر تأمين الكفاف" حسبما أشار في حديثه.
فيما لم يطلب " أبو المجد" أيّة معاملة استثنائيّة للاجئين المهجّرين في الشمال عن بقيّة اللاجئين في البلاد، من ناحية ضخّ مساعدات استثنائيّة لهم سواء ماليّة أو غذائيّة، بل جلّ ما يريده، معاملتهم كلاجئين فلسطينيين مازالوا في سوريا، ويحق لهم تلقي المعونة الماليّة على أقل تقدير.
ويقول :" لا نريد مدارس ومستوصفات، فتهجيرنا هنا مؤقّت وان استمر لسنوات، ولا نريد اي شيء سوى المعونة الماليّة، والتي يمكن أن اسد بها تكاليف السكن وبعض المستلزمات، وتخفف عني بعض الأعباء، وكما يقول المثل _ بحصة بتسند جرّة".
هل من مبرر لتهميش مئات العائلات الفلسطينية ؟
تشير تقديرات غير رسميّة، إلى وجود نحو بين 1200 إلى 1500 عائلة فلسطينية تعيش حالة التهجير في مناطق الشمال السوري، تسكن نسبة وازنة منها في مخيّمات دير بلّوط وأعزاز وسواها.
وتصنّف وكالة " أونروا" مناطق الشمال السوري كـ" مناطق يصعب الوصول اليها" وأشارت في تقرير النداء الطارئ الصادر عنها لعام 2019 إلى وجود نحو 13.500 لاجئ فلسطيني في سوريا متواجدين في مناطق يصعب الوصول إليها، الّا أنّها أزالت هذا لتصنيف في التقرير لعام 2020، وتحدثّت عن 40% مازالوا في حالة تهجير داخل البلاد.
وتشير "أونروا" إلى أنّها لا تستطيع العمل في مناطق الشمال السوري نظراً لكون المنطقة لا تخضع لسيطرة الحكومة السورية في دمشق، فيما يؤكد لاجئون، أنه بإمكان "أونروا" التواصل مع الجانب التركي لتسهيل عملية دخول طواقمها إلى المنطقة، كما تفعل منظمات المجتمع المدني، وكذلك بعض الجهات الأممية.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة " أوتشا" قد وقّع اتفاقاً في العام 2018، مع فصائل تابعة للمعارضة السوريّة المسلّحة في الشمال السوري، بهدف التوصّل لآلية تسهّل وصول المساعدات الإنسانيّة لسكّان المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة. في حين يتسائل الفلسطينيون عن إحجام وكالة "أونروا" عن القيام بخطوة مماثلة لدعم اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين.
وينص ميثاق الوكالة الأممية المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، على أنّها معنيّة بإغاثة ملايين اللاجئين الفلسطينيين في أقاليم عملها الخمسة، ومن بينها سوريا، فيما لم تخرج مناطق الشمال السوري عن كونها مناطق سوريّة.. فما مبرر تهميش "أونروا" للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري؟ تساؤلات لم تتوقف منذ ما يقارب الثلاث سنوات، ومازالت برسم الوكالة.