نظم "ملتقى فلسطين" مساء أمس الأحد 29 تشرين الثاني/ نومفر ندوة بعنوان "اللاجئون الفلسطينيون: الواقع والتحديات"، وذلك عبر تقنية "زوم" بمشاركة عدد من المثقفين والناشطين الفلسطينيين.

وركزت الندوة على تاريخ اللاجئين الفلسطينيين في كل من الأردن ولبنان وسوريا، والواقع والتحديات التي يواجهونها داخل مخيماتهم وربطها بحق العودة.

التجنيس فُرض على الفلسطينيين في الأردن

الخبير في القانون الدولي، الدكتور أنيس القاسم، أكد أن النظام الأردني لديه إشكالية في تعريف من هو الأردني، وهذه أحد الأسباب الكبرى لمشكلة الفلسطينيين في الأردن.

وأوضح أنه في 19 أيار/مايو عام 1948، دخل الجيش الأردني إلى الضفة الغربية، وأعلن الأحكام العرفية.

بعد عام ونصف، وتحديداً في 19 كانون الأول/ديسمبر 1949، أعلنت الحكومة الأردنية تجنيس الفلسطينيين الخاضعين للحكم العرفي الأردني أو الذين دخلوا إلى الضفة الشرقية، وذلك دون أن يتقدم الفلسطينيون بطلبات للحصول على الجنسية، أي أن الجنسية الأردنية فرضت فرضاً على الفلسطينيين، وفق مداخلة القاسم.

واعتبر أن الخطوة الأردنية وفرت على الفلسطينيين آلام التهجير والحرمان.

وذكر أنه في عام 1950، جرى توحيد الضفتين (الغربية والشرقية) دون المساس بحقوق الفلسطينيين، ليعيش الفلسطينيون حتى عام 1988، كمواطنين متساوين في الحقوق الواجبات بشكل عام.

وفي 31 تموز/يوليو 1988، ألقى الملك الأردني الراحل، حسين بن طلال، خطاباً أعلن فيه "فك الارتباط" بين الضفتين.

ولفت القاسم إلى أن الفلسطينيين ناموا تلك الليلة أردنيين، واستيقظوا في اليوم التالي عديمي الجنسية دون مقدمات أو طلب.

كما أوضح أن الفلسطينيين في الأردن يحملون بطاقات مختلفة: البطاقة الخضراء لسكان الضفة الغربية، البطاقة الصفراء للقاطنين خارج الضفة الغربية، البطاقة الزرقاء للفلسطينيين من قطاع غزة الذين أتوا إلى الضفة الشرقية والأردن، وأخيراً بطاقة القدس، الصادرة عن الاحتلال الصهيوني والتي تعطي المقدسيين حق إقامة وتحرمهم من كثير من حقوقهم الإنسانية.

"وادي عربة" وافقت على "التوطين"

الإشكالية الكبرى بحسب القاسم تكمن في تحديد "من هو الأردني؟"، إذ إن الأردني من أصل فلسطيني لا يعرف أهو مواطن أردني أم لا، مشدداً أن الأردنيين من أصل فلسطيني يتعرضون للتنكيل في الأردن.

فعدا عن تشتت العائلة، قال القاسم إن قوانين عديدة سُنت وقُصد منها استثناء الفلسطينيين، فعلى سبيل المثال، قانون الانتخاب يحاصر المناطق التي يسكنها الفلسطينيون، من خلال تخفيض النسبة التي يحق للفلسطينيين أن ينتخبوا ممثليهم، وهو ما يظهر جلياً في البرلمان الأردني، حيث التناسب غير عادل ومفضوح في الواقع، وفق كلام القاسم.

وشدد أن التذرع بـ "الوطن البديل" لا يعدو عن كونه قول مزيف لا قيمة له، لأن القصد هو التنكيل بالفلسطيني أينما وجد.

كما أكد أن الفلسطينيين لم يثقلوا على الأردن، لأن الحكومة الأردنية هي التي فرضت الجنسية عليهم، والاحتلال الصهيوني هو الذي أثقل الميزانية الأردنية، مشدداً أن اتفاقية "وادي عربة" للتطبيع بين الاحتلال الصهيوني والأردن، وافقت على "التوطين"، ولم تحفظ حق الفلسطينيين بالتعويض والعودة.

وأكد القاسم، رداً على إحدى المداخلات المتعلقة بحق عودة اللاجئين، أن القيادة الفلسطينية الحالية هي "أخطر أعداء" حق العودة.

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. تهميش متعدد الاشكال

وفيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أشار الباحث الفلسطيني، جابر سليمان، إلى أن وضع اللاجئين الفلسطينيين يختلف عن باقي لاجئي العالم، إذ إن الحماية من قبل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" ليست بالمعنى القائم في مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

فالحماية للاجئين الفلسطينيين ثانوية قياساً لحق العودة وتقرير المصير، وفي سليمان.

وأوضح أن خارطة توزع اللاجئين الفلسطينيين اختلفت وتغيرت بفعل الاعتداءات الصهيونية المتكررة، حيث شهدت المخيمات نزوحات وهجرات كبيرة، ما أثر على مكانة المخيم ودوره ورمزيته في القضية الفلسطينية.

كما اعتبر أن "أونروا" تجسد سياسياً المسؤولية الدولية على المجتمع الدولي في إنشاء قضية اللاجئين.

اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بحسب سليمان يتعرضون إلى التهميش المكاني والسكاني والاقتصادي والمؤسساتي، بل إنهم يعاملون بوصفهم أجانب، ولكنهم محرومون أيضاً من بعض الحقوق الممنوحة للأجانب كالعمل والتملك.

عانى اللاجئون من التهميش خلال الفترة الماضية، وزاد من حدتها الأزمة الحالية المركبة اقتصادياً ومالياً ونقدياً، عدا عن تفشي فيروس "كورونا" وانفجار مرفأ بيروت المأساوي، حيث تعرض عاملون فلسطينيون في مؤسسات عديدة إلى التسريح، ولا سيما في مهن الزراعة والإنشاءات.

وحدد سليما مخاطر ثلاثة تهدد قضية اللاجئين الفلسطينيين، أولها تجفيف الموارد المالية لـ "أونروا" ومحاولة دمج صلاحياتها مع صلاحيات المفوضية السامية للاجئين.

ثاني المخاطر يتمثل في إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني، بما يقلص أعداد اللاجئين الفلسطينيين، وهنا أكد سليمان أن المفوضية السامية، كـ "أونروا"، تمنح صفة اللاجئ للأجيال اللاحقة. أما آخر هذه المخاطر، فهو استهداف حق العودة.

الفلسطينيون في سوريا عاشوا نكبتين

وفي ما يخص اللاجئين في سوريا، أكد الكاتب الفلسطيني، مصطفى الولي، أن الفلسطينيين في سوريا لهم نكبتان. فالنكبة الجديدة بدأت بعد عام 2011، وهو ما يميز حالة اللجوء الفلسطيني في سوريا، رغم الجوانب الإيجابية المفقودة لفلسطينيي لبنان كحقوق العمل والتملك.

ووفق الولي، فإن الفضل الأول لاحتضان اللاجئين الفلسطينيين في سوريا يعود إلى الشعب السوري، من درعا والقنيطرة وصولاً إلى القامشلي، كما أن الفضل يعود لحكومة "العهد البرجوازي" ، عندما كان الرئيس شكري القوتلي رئيساً للبلاد، حيث صدر عام 1956 قانون مساواة الفلسطيني بالسوري، إلا في حق الانتخاب والترشح.

وأكد أن أخطر ما يواجه الفلسطيني سياسياً منذ عام 1965 أن نظام الحكم القومي البعثي، كان يسعى أن يقول "أنا فلسطين"، أي أن "يقبض" على فلسطين، وبهذا المعنى، لا يشبه سلطات لبنان التي لا شك كانت مقصرة تماماً بحق لاجئي لبنان، ولا يشبه الأردن كذلك، وفق كلام الولي.

ومع تفجر الأزمة السورية، أشار الولي إلى أن اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات وضعوا أمام خيار: "إما معي أو أنتم أعداء"، ما جعل الفلسطيني في المخيمات كـ "بالع خنجر"، بمعنى، أنه لا يريد أن يكون مع النظام، ولكنه في الوقت ذاته، لا يريد أن يقاتل النظام.

وأضاف: "وهنا كان المشكل الأكبر الذي وضعه النظام على أكبر مخيم هو اليرموك، في الليلة التي سميت بـ "ليلة الميغ" في شهر كانون الأول/ديسمبر من عام 2012".

وكان واضحاً من البداية أن المستهدف هو المخيم، حيث أكد الولي أن لا ذنب للفلسطينيين في أن وضعوا في هذا الموقع، واعتبر أن الاسلم كان الخيار الثالث، المتمثل بالحياد.

وشدد على أنه قبل "داعش" و"النصرة"، الذي كسر الحياد ومنعه هو إصرار النظام على وقوف الفلسطينيين إلى جانبه، فكانت المشكلة الكبرى، ودفع الفلسطيني ثمن تدمير وشهداء وجرحى وجرت النكبة الثانية لعاصمة الشتات وعاصمة العمل الوطني الفلسطيني؛ مخيم اليرموك.

في عام 2011، كان تعداد الفلسطينيين في سوريا بين 560 إلى 600 ألف نسمة. وبسبب المعارك والحروب التي دارت في المخيمات وحولها ومن خارجها، بدءاً من درعا، ومخيمات الست زينب والسبينة واليرموك أساساً، وصولاً إلى مخيم حندرات في حلب، ونسبياً في مخيم الرمل في اللاذقية، نزح ما لا يقل عن 200 إلى 250 ألف فلسطيني أحياء دمشق، وبحدود 150 أف خرجوا نحو الأردن ولبنان وأوروبا. وهكذا، لم يبق من القطاع البشري من الفلسطينيين في سوريا إلا ما يعادل الثلث.

وتابع: "وهذا ما يجعل الطاقة الكفاحية لحق العودة مفككة ومهدورة وشبه مهزومة، خاصة وأن الدماء سالت على الأرض السورية".

الولي لفت إلى أن قضية حق العودة بالنسبة إلى الفلسطينيين في سوريا أصبحت مشتبكة مع حق عودة آخر، يسبق حق العودة إلى فلسطين، وهو العودة إلى المخيم.

واعتبر أن مصير اللاجئين الفلسطينيين في سوريا مرتبط بمسارين، الأول مسار الوضع السوري وتحولاته، ومسار النضال الفلسطيني العام في الضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي 48 ولبنان والأردن وفي كل مكان.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد