مساء الخميس 10 ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري، نال الطفل أمل معمّر عرابي نخلة (١٦ عاماً) من مُخيّم الجلزون للاجئين الفلسطينيين شمال رام الله حريّته، وذلك بعد أن تم اعتقاله على يد جنود الاحتلال الصهيوني أوائل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم بحججٍ واهية.

الطفل أمل الذي اتهمه الاحتلال بحجّة بـ "امتلاك أفكار أيديولوجيّة" تعرّض لتعذيب قاس أثناء وخلال اعتقاله الذي استمر لـ38 يوماً تم نقله خلالها إلى عدّة سجون، علماً أنّه يُعاني من مرضٍ نادر يُسمى Myasthenia Gravis أي (الوهن العضلي الوبيل) هو اضطراب عصبي عضلي مناعي ذاتي يؤدي إلى تذبذب وضعف العضلات والوهن ويحتاج إلى العلاج والرعاية الطبيّة كل أربع ساعات.

"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تواصل مع الطفل أمل وعائلته ليكشف لنا تفاصيل ما جرى خلال فترة الاعتقال التي مرّ بها، إذ أكَّد في بداية حديثه أنّ قوات خاصة من جيش الاحتلال اعتقلته قرب بلدة بيرزيت، وخرجوا له من بين الجبال وانقضّوا عليه، وجرى الاعتداء عليه ونقله إلى موقع "بنيامين" العسكري القريب من رام الله بعد قرابة ثلاث ساعات وهو مكبّل الأيدي، وهناك أرغموه على التوقيع على ورقة تفيد بأنّه لم يتعرّض أبداً لأي تعذيب.

هددوني بألا أخبر أحداً بأني مريض وإلا سيعاودن ضربي

يُتابع أمل: بعد التوقيع على الورقة نقلوني إلى مركز توقيف "عتصيون" ليوم واحد، ومن ثم نقلوني إلى معتقل "عوفر" وحقّقوا معي بتهمة أنّ لديّ أفكاراً أيديولوجيّة، لمدّة ثلاث عشرة ساعة متواصلة كالوا خلالها الشتائم والسُباب واعتدوا عليّ بالضرب أيضاً، وعقب ذلك نقلوني إلى سجن "مجدو" وهدّدوني على باب السجن بألّا أخبر أحداً بأنني مريض وأتعالج وإلّا سيُعيدونني إلى "عتصيون" ويعطونني حكماً عالياً، لكنّني لم أهتم لهذا التهديد وأخبرتهم داخل السجن أنّني مريض وبحاجة إلى الدواء.

ولفت أيضاً أنّه جرى نقله بعد ذلك إلى سجن "الرملة" وبعد أربع ساعات أعادوني إلى "مجدو" وبقيت هناك 21 يوماً من ضمنها تسعة أيّام في قسم العزل، كنت وحيداً بين هذه الجدران، وخلال كل هذه "اللفلفات" والجولات بين السجون كان يتم الاعتداء والهجوم عليّ من قِبل الجنود وتعرّضت للضرب عدّة مرّات.

هددت بالإضراب عن الطعام فأعادوني للعزل

وعن أيّامه وساعاته ودقائِقه التي تواجد خلالها الطفل أمل في زنزانة العزل، يقول: قضيت كل هذا الوقت وأنا أقرأ القرآن لأملأ وقتي، وبعد 21 يوماً أخبروني أنّه سيتم تحويلي إلى الاعتقال الإداري، عندها هدّدت بالإضراب المفتوح عن الطعام فسمعني مدير سجن "مجدو" اسمه كمال وحوّلني فوراً إلى قسم العزل من جديد، وطلبت بعدها أن يتم تحويلي إلى سجن "عوفر" عند شقيقي المعتقل أسامة البالغ من العمر (17 عاماً) ليهتم بي ويرعاني هناك هو ومعارفنا وأصدقاؤنا إلّا أنّه رفض.

وأشار أمل إلى أنّ حالة السجون والمعتقلات سيئّة جداً ولا تناسب العيش الآدمي، ولا يوجد أي حرامات (غطاء النوم) والحِرام الموجود لا يدفئ دجاجة، وبالنسبة للأكل سيء جداً وغير صحي، وقضيت كل أيّام الاعتقال على "الفول والحمص"، لافتاً إلى أنّهم عندما أحضروا له نوع العلاج الخاص به وتحسّنت حالته الصحيّة قاموا بتغيير نوع الدواء بنوعٍ آخر كجزءٍ من العقاب والإهمال، وعندما كنت أطلب الدواء المطلوب كانوا يهمشونني ولا يعيروني أي اهتمام ويقولون لي حرفياً "هي الموجود مش عاجبك ما تشربه".

أعطوه دواء غير مناسب في السجن

أمَّا والد أمل، معمّر نخلة، فقد بيّن لموقعنا أنّ "الأسرة كانت قلقة جداً على أمل وعلى حالته الصحيّة، لا سيما وأنّه طفل وفي نفس الوقت مريض ويحتاج إلى الأدوية والرعاية الصحيّة بشكلٍ متواصل، وطوال فترة اعتقاله لم يكن هناك تواصل مع أمل للاطمئنان على صحته، وكنّا نشعر بأنّ أمل يتعرّض لعمليّة ظلم كبيرة من قوات الاحتلال لأنّهم طلبوا له الاعتقال الإداري بحجة وجود ملفٍ سري له".

وأكَّد والد أمل على أنّها كانت معركة أخلاقيّة بيننا وبين الاحتلال في المحكمة، لأنّ مسألة الملف السري هي كذبة كبيرة يخترعها الاحتلال، وإبني أمل في النهاية كأي طفل فلسطيني يُحب الحياة والاستمتاع بها، والآن نهتم بأن يكمل أمل دراسته في الثانوية العامّة بالرغم من كل ما تعرّض له من تعذيبٍ وقهرٍ وأيامٍ طويلة فقد فيها الدراسة والبيئة التعليميّة بين زملائه في المدرسة جرّاء عملية اعتقاله، وسنُتابع أيضاً عملية العلاج لأنّه من الواضح بعد أن أفرجوا عنه تبيّن أنّه كان يأخذ علاجات غير صحيحة أثناء الاعتقال، وإذا لم يأخذ العلاج المُخصّص لمرضه النادر -نتيجة ورم حميد في الرئة تم استئصاله-، يصبح لديه تشنّجات وصعوبة في التنفس وعدم القدرة على ابتلاع الطعام. 

قية أمل هي قضية ك طفل فلسطيني معتقل

"علاقة أمل جميلة مع الأطفال والجيران في المُخيّم، ويطمح كأي شابٍ أو طفلٍ فلسطيني إلى إكمال دراسته ويذهب إلى الجامعة ويبني مستقبله العلمي والعملي، وأثناء عملية اعتقاله نظّمنا حملة دوليّة من أجل الافراج عنه شارك فيها العديد من المؤسسات والمنظّمات المناهضة للاعتقال الإداري" يقول والد الطفل، ويؤكّد أنّ قضية أمل أصبحت قضية كل طفل فلسطيني معتقل، وبفعل هذه الحملة أصبح القضاء "الإسرائيلي" محرَج جداً لأنّه بعد أن تم عرض أمل على لجنة صحيّة ثبت أنّه بحاجة إلى العلاج ولا يوجد داعي لاستمرار اعتقاله، مُطالباً كافة أهالي الأطفال المعتقلين بألّا يصمتوا ويجب على كل عائلة أن تنظّم حملة قانونيّة وإعلاميّة لفضح الاحتلال والضغط عليه حتى لا يستمر في احتجاز واعتقال الأطفال التي قد تستمر مدة الاعتقال لسنواتٍ طويلة.

ارتفعت وتيرة الاعتقالات ودرجة الايذاء الجسدي بحق الأطفال

وفي السياق، تواصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" مع هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، إذ أكَّد المُتحدّث باسمها حسن عبد ربه، أنّ الأطفال القاصرين الذين يتم اعتقالهم على يد جنود الاحتلال يتعرّضون إلى التنكيل والتعذيب والإيذاء الجسدي والنفسي.

وأشار عبد ربه إلى أنّ ذلك يتضح من خلال ارتفاع وتيرة الاعتقالات ودرجة الايذاء الجسدي الذي يلحق بالأسرى الأطفال والذي كان من ضمنه ما تعرّض له الأسير الطفل محمد مقبل من مُخيّم العروب للاجئين الفلسطينيين والذي أصيب بكسور في فكه الأيسر السفلي، وكذلك الأمر ما تعرّض له الطفل أمل نخلة من مُخيّم الجلزون الذي يُعاني من مرضٍ نادر وأجريت له عمليّة استئصال كتلة سرطانيّة من الرئتين.

ولفت أيضاً، إلى أنّ سلطات الاحتلال لا تكتفي بالتعذيب والإهمال الطبي فقط وجولات التحقيق المتواصلة، بل تلجأ إلى فرض الغرامات الباهظة وإصدار الأحكام بالسجن للأطفال، واليوم يوجد في سجون الاحتلال 180 طفلاً قاصراً منهم ما هو معتقل في "عوفر" أو في "مجدو" أو في "الدامون"، خاتماً حديثه بأنّ جيش الاحتلال وفي سياق مواصلة انتهاكاته بحق الأطفال، اعتقل خلال شهر نوفمبر الماضي قرابة 50 طفلاً من مختلف محافظات الضفة المحتلّة.

4-1.jpg

 

أحمد حسين-خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد