أكد رئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني، حسن منيمنة، أن اللاجئين الفلسطينيين يمرون بظروف أكثر قساوة من اللبنانيين على صعيد تأثيرات الأوضاع اللبنانية عليهم.
وفي كلمة له عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" أمام مؤتمر المشرفين بدورته الـ 105، والذي عقد يوم أمس الإثنين 14 كانون الأوّل/ ديسمبر، أشار منيمنة إلى أن المخيمات تعاني من ثقل الأزمة اللبنانية المضاعف على أوضاعها الحياتية والمعيشية، حيث تضاعف مستوى الفقر المدقع والفقر بشكل عام، ووصلت البطالة إلى حدود الـ 70% في صفوف العمالة الفلسطينية التي تشتغل في الأعمال المياومة والمؤقتة، ما يتطلب المبادرة إلى دعمهم ومساندتهم عبر شتى المبادرات الممكنة التي تخفف من ضائقتهم في تدبير أبسط حاجاتهم .
وفي السياق، شدد منيمنة على عجز لبنان في الوقت الراهن عن مد يد العون والمساعدة للمخيمات في حال تراجعت تقديمات وخدمات "أونروا"، وحذر أن هذا "ينذر بمضاعفات كبرى على صعيد ظهور بؤر التطرف والإرهاب والتفلت الأمني في المخيمات وخارجها على حد سواء، ما ينعكس على الأمن الوطني والإقليمي والدولي، ويدفع بعشرات الألوف إلى ركوب الأمواج في هجرات غير شرعية، فضلاً عن الهجرات الشرعية".
كما جدد التأكيد على "إصرار لبنان بمختلف مؤسساته ومرجعياته على حق العودة للاجئين انطلاقاً من رفضه التوطين والإطاحة بالقوانين والمرجعيات الدولية والعربية، والتزاماً منه بالاعلان العالمي لحقوق الانسان وجملة المواثيق الدولية بما فيه اتفاقيات جنيف"، مشدداً على حرص الحكومة اللبنانية في حماية واستمرار عمل "أونروا" كشاهد أممي على معاناة الشعب الفلسطيني، وعلى قيامها بالمهام المناطة بها منذ العام 1949 حتى إيجاد الحل العادل والدائم لقضية الشعب الفلسطيني.
وشارك في المؤتمر وفود من مصر وفلسطين والأردن، بالإضافة إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومنظمة التعاون الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة و"أونروا."
موجة غلاء جديدة متوقعة في لبنان
وفيما يتعلق بالأوضاع في لبنان، أشار منيمنة إلى أن البلاد تعاني من شلل في مرافقها الاقتصادية ومن انكماش في أنشطتها الاقتصادية مقدر حتى نهاية العام بما يتجاوز الـ 20 %، وتراجع في قيمة نقده الوطني إلى الآن بنسبة تتجاوز الـ 80%، ونسبة سكان تتجاوز الـ 50% تحت خط الفقر، ومن ارتفاع أسعار المواد الرئيسية والخدمات ومن بطالة تتجاوز33% من قوته العاملة، كما أنه من المتوقع أن يتم التخلي كلياً أو جزئياً عن دعم المواد الأساسية كالمحروقات والأدوية والقمح، وهو من شأنه إطلاق موجة متجددة من الغلاء تتجاوز في العديد من التقديرات 300- 400%.
وتابع: "تدركون أن لبنان يفتقد القدرة على الحصول على المستوردات التي يعتمد عليها بنسبة تتجاوز الـ 70% في تأمين حاجاته، نتيجة شح العملات الصعبة لدى المصرف المركزي، وتعذر الحصول على اعتمادات وتسليفات مستندية بعد توقفه عن دفع ديونه الخارجية والداخلية. ولاشك أن دمار المرفأ والعديد من أحياء العاصمة في 4 آب قد ضاعف من المحنة، وعقّد الوضع السياسي وحال دون إيجاد حلول مالية ونقدية".
دعوة إلى إطلاق حركة اتصالات مباشرة دعماً لـ "أونروا"
وفي هذا الصدد، دعا منيمنة جامعة الدول العربية ومؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة إلى إطلاق حركة اتصالات مباشرة وزيارة عدد من الدول العربية والصديقة لحثها على دعم "أونروا".
وطالب الأمانة العامة للجامعة العربية بالاستمرار في الدعم السياسي والمالي العالمي للوكالة وضمان تنفيذ تفويضها بشكل فاعل وموثر، مشيراً إلى أن استجابة "أونروا" السريعة لجائحة "كورونا" لم تكن ممكنة لولا الهياكل والخدمات الأساسية الممولة من الميزانية البرامجية التي تعمل بشكل جيد، مع التأكيد على ضرورة تشجيع الوكالة، في استجابتها لـ "كورونا"، على مواصلة التنسيق والتعاون مع كل من الأمم المتحدة والبلدان المضيفة لضمان حماية اللاجئين الفلسطينيين في مخيماتهم.
وشدد على ضرورة "وضع الخطط السياسية والدبلوماسية وممارسة شتى أنواع الضغوط التي تجعل هذا التحول الأمريكي ممكناً، وإعادة اطلاق دينامية تواصل مع التكتلات والدول المانحة لتحقيق التوازن المالي المطلوب للأونروا، لا سيما في ظل ظروف أقل ما يقال فيها أنها كارثية على صعيد مجتمع كتلة اللاجئين التي تتلقى خدمات الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة والمحاصرة، فضلاً عن الأردن ولبنان وسوريا".
لا دليل على عزم الإدارة الأمريكية الجديدة الانقلاب على سابقتها
كما لفت منيمنة إلى احتمالات التغييرات التي قد تطرأ على الإدارة الأمريكية، والتي "قد يكون من شأنها أن تفتح آفاقاً جديدة أقفلتها سياسة إدارة الرئيس ترامب التي تماهت كلياً مع متطلبات المشروع الصهيوني وترافقت مع زيادة الضغط السياسي والإعلامي على الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل وعلى الدول العربية المضيفة والسلطة الفلسطينية والأونروا".
واستدرك قائلاً: "إذا كانت هذه ارتكابات إدارة ترامب، فلا دليل لدينا ثابت وراسخ حتى الآن، من أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستنقلب على ما قامت به الإدارة السابقة، وهو أمر يجب أن يدفعنا إلى الحذر واعتماد حسابات أكثر دقة في النظر إلى مجريات ما تزال في عالم الغيب، وتتطلب العمل السياسي والدبلوماسي النشط لجعل هذا التحول بمثابة معطى فعلي على أرض الواقع".