سورية-بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تستمر الدول المحيطة بسوريّة في سياساتها وإجراءاتها تجاه الفلسطينيين السوريين الذين هُجّروا من سورية جراء الحرب الدائرة فيها منذ سنوات، وتشمل الإجراءات إما منع دخول اللاجئين إلى هذه الدول، أو من خلال خلق صعوبات إضافية في طريقة الدخول وإن كانت شرعية، ما يدفع الكثيرين إلى سلك طرق غير شرعية لدخول أراضيها، ما يعرّض حياتهم للخطر.
فتركيا والأردن ولبنان لا تسمح بدخول اللاجئين الفلسطينيين إليها سواء بشكل قانوني عبر المطارات أو الحدود، وتحرمهم كذلك من معاملة كالتي يتلقاها اللاجئ السوري في حال الوصول إلى حدود هذه الدول.
تستمر السفارة التركية في لبنان بإيقاف إصدار تأشيرات الدخول للاجئين الفلسطينيين السوريين في لبنان وسورية، دون إبداء أسباب، فمنذ نهاية العام 2013 لم تعد تمنح سفارات تركية تأشيرة للاجئين الفلسطينيين لدخول أراضيها، ما أجبر العديد من اللاجئين الفلسطينيين إلى المغامرة عبر سلوك طرق التهريب البرية الخطرة للوصول إلى الأراضي التركية، إذ يتم دخولها بطرق غير شرعية، ما يعرض حياة العشرات منهم للخطر، بسبب وعورة الطريق وانتشار الفصائل المسلحة في تلك المناطق، واستهداف ذلك الطريق بالطائرات بشكل متكرر، وكذلك إطلاق النار المتكرر من قبل حرس الحدود التركي على من يحاول العبور تجاه أراضيها.
وعلى الرغم من محاولات مئات العائلات التقديم بشكل يستوفي كافة الشروط للدخول إلى تركيا، إلا أنها تأتي بالرفض، ما يعني أن تركيا تتخذ قراراً داخلياً بمنع وصول الفلسطينيين السوريين إليها.
وحول وضع اللاجئين السوريين الذين تمكنوا من دخول أراضيها بشكل غير قانوني، والذين وصلوا إلى حوالي (8000) لاجئ. لا تتم مساواتهم باللاجئين السوريين، على الرغم من اتخاذ دائرة حماية اللاجئين التابعة لإدارة الهجرة في وزارة الخارجية التركية، قراراً في بداية آب من العام 2015، يقضي بالمساواة بين اللاجئ الفلسطيني السوري واللاجئ السوري من حيث الحصول على بطاقات لجوء ضمن قانون الأجانب والحماية المؤقتة.
وبسبب عدم تطبيق السلطات التركية للقرار، بالإضافة إلى أن رعاية "أونروا" ومكاتب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، لا تشمل اللاجئين الفلسطينيين السوريين الذين دخلوا بشكل غير قانوني، فإن وجودهم غير مستقر، ما يدفع معظمهم إلى ركوب زوارق الموت أو العودة لمناطق شمال سورية المشتعلة.
أما لبنان التي استقبلت منذ بداية الأحداث حوالي 42 ألف لاجئ فلسطيني، انخفضت أعدادهم حسب احصاءات غير رسمية لحوالي ( 32) ألف لاجئى، إذ اتخذت إجراءات مشددة في ملف المهجرين من الفلسطينيين السوريين، فلا تستقبلهم لبنان منذ بداية عام 2014، دون وجود سمة دخول مسبقة مبنيّة على موافقة المديرية العامة للأمن العام بتكلفة 75 دولار أمريكي، أو على بطاقة إقامة مسبقة في لبنان، ما يعني عرقلة دخولهم إلى الأراضي اللبنانية.
بالإضافة إلى اعتبارهم سائحين، أي يجب تجديد الإقامة كل ثلاثة أشهر مقابل مبلغ 200 دولار أمريكي تُقدم للأمن العام اللبناني.
ويتعرّض اللاجئ الفلسطيني السوري في لبنان إلى معاملة لا إنسانية، ويتم التمييز ضد من وصل بشكل غير قانوني، وتم توثيق العديد من حالات الاعتقال بحقهم، وتسليم بعضهم أوراق مغادرة للبلاد تمنعهم من الحصول على إقامة وتضعهم أمام خيارات الترحيل، وتقوم السلطات اللبنانية كذلك بإعادة بعضهم إلى سورية بشكلٍ قسري، ما يعرّضهم للمخاطر بسبب الحرب والاعتقال، ويأتي ذلك في ظل عدم وجود أي صفة قانونية للوجود الفلسطيني السوري في لبنان، فلا توفّر وكالة الغوث أي نوع من الحماية القانونية لهم أمام السلطات اللبنانية، سواء من دخل منهم بشكل شرعي أو غير شرعي، ما يعني التهديد الدائم بالخطر للجميع.
ويعيش المهجرون الفلسطينيون السوريون في لبنان بظروف اقتصادية وإنسانية صعبة في ظل تراجع خدمات وكالة الغوث الصحية والتعليمية والطارئة "المساعدات المالية"، التي يعتمد عليها الأهالي لتسديد الإيجارات المرتفعة للمنازل، ما يشكّل هاجساً لديهم خوفاً من الطرد، لذا اختار الآلاف جراء ذلك الإقامة في المخيمات الفلسطينية في لبنان لرخص الإيجارات بمتوسط 300 دولار أمريكي للمنزل، مع انخفاض المستوى المعيشي، الأمر الذي أضاف معاناة أخرى على معاناتهم، نتيجة سوء الأوضاع في المخيمات الفلسطينية في لبنان بشكل أساسي، والمتمثلة بمنع الدولة اللبنانية للاجئين الفلسطينيين اللبنانيين من حق العمل والتملك ومعاملتهم كملف أمني، إذ يطوّق الجيش اللبناني مداخل المخيمات ويمنع دخول أو خروج النازحين أو الأجانب إلا بإذن مسبق من الجيش.
أما بالنسبة للأردن، فاتخذت المملكة قراراً منذ بداية الأحداث في سورية، يمنع دخول اللاجئين الفلسطينيين من سورية إلى أراضيها، إلا أنه حسب إحصائيات "الأونروا" وصل حوالي 11 ألف لاجئ فلسطيني سوري إليها بطرق غير شرعية، وهم يعانون أوضاعاً اقتصادية ومعيشية صعبة بسبب عدم وجود أوراق ثبوتية أو منحهم حق اللجوء والإقامة بشكل شرعي.
ويشكل معسكر "سايبر سيتي" في محافظة الرمثا شمالي الأردن، ما يشبه معسكر اعتقال تعسفي للاجئين الفلسطينيين القادمين من سورية، حسبما وصفته منظمة مراقبة حقوق الإنسان Human Rights Watch إذ يقبع فيه حوالي (175) عائلة فلسطينية، محتجزين دون أي خيارات لإطلاق سراحهم، وسُجّل هروب العديد من العائلات منه ومحاولات الانتحار بسبب المعاملة غير الإنسانية.
والجدير بالذكر أن معظم الدول العربية ودول العالم لا تسمح للفلسطيني السوري بحق العبور من أراضيها أو حق الإقامة فيها، ما يزيد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين السوريين، عدا عن الصفة القانونية لهم فهم يتميزون عن سواهم من مجموعات اللاجئين في العالم بمعاملة مختلفة في معظم المواثيق والاتفاقيات والقوانين الدولية التي تحدد حقوق الدول وواجباتها تجاه اللاجئين، إذ يحرم اللاجئ الفلسطيني من حقوق الحماية التي كفلها القانون الدولي للاجئين بصفة عامة، فاتفاقية جنيف 1951 المتعلقة باللاجئين، تنص المادة (1د) منها على أن القانون لا ينطبق على الأشخاص الذين يتلقون الدعم والمساعدة –حالياً- من أعضاء أو هيئات الأمم المتحدة باستثناء مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون للاجئين، وهذا يعني حرمان اللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص واستثنائهم من حق الحماية بوصفهم "خاضعين لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 302" الصادر عن الجمعية العامة والمتعلق بتأسيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى.