مع انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، والأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد منذ حوالي سنة ونصف، وما رافق ذلك من انهيار لمعظم الأعمال وتوقف معظم المصالح عن العمل بفعل فترات الإعلاق التي تمتد لأوقات طويلة بين الحين الآخر بفعل نفشي وباء "كورنا" وما خلفته من ارتفاع لمعدلات البطالة، استشرى الفقر في مخيمات الفلسطينيين بلبنان.
ومع غياب أي حلول ناجعة من قبل منظمة التحرير الفلسطينية المفترض بأنها الكيان السياسي الجامع للفلسطينيين في أماكن وجودهم، وكذلك من قبل الفصائل الفلسطينية الأخرى التي تعلن في كل مناسبة تمثيلها للشعب الفلسطينيي، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، ظهرت مبادرات فردية من قبل اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم لإغاثة مجتمعهم.
هذا التقرير يرص مجموعة من الحملات والمبادرات التي خرج بها الفلسطينيون في لبنان.
حملة "نحن لبعض"
مبادرة أنشأتها مجموعة من الشباب الفلسطيني في مخيم برج البراجنة جنوب بيروت، هدفها إنساني بحت بعد ارتفاع حالات الفقر في المخيم، بحسب القائمين عليها.
الإعلامي والناشط، إبراهيم المدني أحد مؤسسي الحملة يقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن "الحملة انطلقت بسبب الظروف التي يعيشها أبناء المخيم، حيث نسعى جاهدين إلى تأمين ضروريات الحياة، من حليب للأطفال وحفاضات لهم، بالإضافة إلى المساعدة على تأمين الأدوية والعلاجات لأصحاب الأمراض المزمنة، خاصة بعد انقطاع الدواء في كثير من الصيدليات في لبنان".
يتابع المدني: بان الحملة تساهم في تأمين الأموال لإجراء العمليات الجراحية، كانت آخرها متابعة حالة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، تمت مساعدة ذويه في تأمين المبلغ المطلوب لإجرائها، وكذلك تقدم الحملة معدات ولوازم طبية للأيتام وذوي الاحتياجات.
وناشد المدني، "أهل الخير والتجار الفلسطينيين أن يساهموا ضمن حملة نحن لبعض، ليكونوا يدًا واحدة في مساعدة أبناء المخيم".
مبادرة "ممنوع حد يجوع"
داخل مخيم مار الياس في العاصمة اللبنانية بيروت، أطلقت حملة أخرى تحت عنوان "ممنوع حدا يجوع"، يشرف عليها مجموعة من المتطوعين.
منسق الحملة، وليد الأحمد، أشار إلى أنّ "الحملة قدمت مجموعة من الطرود الغذائية،بمساعدة ودعم مجموعة من أصدقاء المخيم والمعارف من داخل وخارج لبنان، محاولين سد فراغ الذي خلفته الأونروا".
يوضح الأحمد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ الحملة ساعدت نحو 100عائلة فلسطينية حتى الآن، ممن فقدت مدخولها نتيجة للوضع اللبناني الراهن
وناشد الأحمد، "الأصدقاء في لبنان وخارجه والمؤسسات أن ينطلقوا لمساعدة إخوانهم في المخيمات، وتأمين حليب الأطفال والطعام لهم، لأن حالات الفقر قد عمّت أرجاء المخيم، والجميع أَحى بحاجة إلى مساعدة، بالإضافة غلى حاجة الحملة إلى متطوعين إضافيين لتستطيع تغطية كافة احتياجات أبناء المخيم".
حملة "زاد الخير"
وفي مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا، أطلق مجموعة من المتطوعين حملة "زاد الخير"، وتهتمّ بمساعدة العائلات التي تعاني من حالات العسر الشديد، والتي ازداد عددها في السنة الأخيرة.
المشرف على الحملة، وليد الموعد، أوضح أنّ الحملة، تقدم خدمات "توزيع الملابس، والمواد الغذائية والتموينية وربطات الخبز والخضار، للعائلات الفقيرة في المخيم".
وتابع: "قمنا في الفترة الأخيرة بتوزيع حوالي 25 علبة حليب أطفال، ومساعدة العائلات المحجورة والمصابة بفيروس كورونا بتأمين المواد والحاجيات الضرورية والأساسية لهم".
وأشار الموعد، إلى أنّ الحملة ليست بالجديدة، بل إنها "قديمة متجددة، حيث بدأت مهامها منذ رمضان الماضي، وتعمل مع متطوعين ومساهمين من داخل وخارج لبنان، من أجل خدمة أبناء المخيم، حيث وصل تعداد من ساعدتهم الحملة إلى حوالي 4 آلاف عائلة في المخيم".
حملة "يدًا بيد لنساعد مرضانا"
وفي مخيم البص بمدينة صور، تهتم واحدة من الحملات بتأمين الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة خاصة بعد انقطاع الأدوية عن الصيدليات والمشافي في المنطقة، نتيجة للأزمة الصحية والاقتصادية في لبنان، وقال الناشط محمد عبد الرزاق: إنّ "الفكرة جاءت نتيجة لانتشار حالات فقدان الأدوية في المنطقة، وحاجة الناس إلى العلاج، ولذلك نسقنا مع بعضنا كأبناء المخيم على مواقع التواصل الاجتماعي، كلٌ يطرح الدواء الذي لم يعد بحاجة إليه ويعرضه للتبرع به لغيره".
وتابع عبد الرزاق في حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نحاول التخفيف عبر مشروعنا من العبء المالي والاجتماعي، وأن نساعد بعضنا البعض نظرًا لأنّ كيثراً من أبناء المخيم لم تعد تستطيع شراء العلاج لها لارتفاع أسعارها".
مبادرات كثيرة أخرى تقوم على التطوع والتبرع الذي يأتي غالباً من فلسطينيين خارج لبنان، أو ميسوريين داخله، قد تخفف قليلاً من وطأة الفقر المتزايد، لكنه لا يغني عن حلول جذرية يجب أن تبذل الجهود من قبل المسؤولين سواء منظمة التحرير والفصائل أو "أونروا"، وهي حلول يجب أن تقوم على إيجاد مشاريع استثمارية وتنموية داخل المخيمات أنفسها، أو إدارة أزمة تفشي الوباء بمسؤولية أكبر، هذا ما يؤكده الناشط الإعلامي ابراهيم المدن، مشيراً إلى أن أزمة البطالة القائمة أصلاً في المخيمات تعمقت بفعل الإغلاقات المتكررة في الآونة الأخيرة، وهذا يمكن معلالجته من خلال الإغاثة الفورية، أما مشكلة البطالة الناتجة عن توقف الأعمال بفعل الأزمة الاقتصادية ومنع الفلسطيني من مزاولة مهن عدة بسبب القوانين اللبنانية، فإن معالجتها تكمن في مشاريع تنموية لتحسين وضع المخيمات وتعزيز الوضع الاقتصادي للاجئين الفلسطينيين.