تشهد مناطق شمال سوريا وحلب تحديداً، موجة برد صقيعيّة، في وقت تتراجع فيه قدرة الأهالي على مواجهة الشتاء، مع استمرار انهيار الأوضاع المعيشيّة والخدميّة في البلاد، وهو ما انعكس على أهالي مخيّم النيرب للاجئين في مُحافظة حلب شمالي سوريا، حيث بات الدفء " حسرة" يستذكرها السكّان ولا ينالوها، لشحّ مصادره سواء الكهرباء أم المازوت والحطب، حسبما أكّد لاجئون لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".
طوال الأسبوع الأخير، لم تتجاوز درجة الحرارة 2 مئوية خلال الليل وأحيانا تهوي إلى مادون الصفر، فيما تسجّل في أعلى معدلاتها نهاراً من 9 إلى 11 درجة، في موجة برد ليست بغريبة عن حلب خلال الشتاء، ولكنّ الأهالي باتوا يشعرون بثقلها نظراً لشحّ موارد الدفء بحسب اللاجئ " عبد الهادي" من سكّان المخيّم الذي قال لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّه بات يعتمد على اشعال الأخشاب داخل المدفئة لعجزه عن شراء المازوت، وشحّ التغذية الكهربائية وعدم توفّر بدائل.
ويشير الاجئ، إلى أنّ معظم الأهالي باتوا يعمدون إلى جمع الأخشاب والأحطاب من الطرقات والأراضي المجاورة للمخيّم، لإشعالها بواسطة صفائح معدنية، أو إشعالها داخل المدافئ، وهو مشهد بات مألوفاً في المخيّم نظراً للعجز عن توفير البدائل.
ويوضح، أنّ الغالبية تعجز عن شراء المازوت من الأسواق، بعد أن بلغ سعره في عموم حلب 1200 ليرة سوريّة للتر الواحد، في حين لم يجر توزيع مخصصات المازوت المدعّم حتّى اليوم في معظم أحياء المدينة، حسبما أضاف.
وينتظر الأهالي في مخيّم النيرب، وصول دفعات المازوت المدعّم عبر البطاقة الذكيّة، من منطلق " بحصة بتسند جرّة" حسبما أشار " عبد الهادي" مؤكّداً بذات الوقت أنّ الكميات التي يجري توزيعها غير كافيّة، حيث كانت منذ اقرار نظام البطاقة الذكيّة 200 لتر لكل عائلة، لتنخفض وتصبح 100 لتر وأحيانا 50 لتر، نظراً لعدم كفاية الكميّات التي يجري توزيعها.
ويوضح اللاجئ المقيم في المخيّم، أنّ سيارات التوزيع حين تأتي لتوزّع المازوت، لا تحمل معها كميّات كافيّة، ولا يستفيد سوى عشرة أو 15 منزلاً ممن يكونون في المقدّمة، بينما يحصل الآخرون على كميّات أقل، بينما الغالبية لا يطالها التوزيع ويجري إحالتهم إلى توزيعات لاحقة.
ولم ينل سوى القليل من أهالي مخيّم النيرب هذا الموسم، حصّتهم من المازوت المدعّم، وسط وعود لبدء توزيع المادّة الأساسية خلال شهر شباط/ فبراير المقبل على الأحياء الشرقيّة لحلب، على أن يشمل التوزيع منطقة النيرب، حسبما أكّدت اللاجئة "أم صابر حمدان" لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" التي تنتظر هذا الحدث بفارغ الصبر حسبما قالت.
وأشارت حمدان، إلى أنّه لا بديل عن انتظار توزيع حصص المازوت لنيل بعض الدفء ولو أنّ الكميّات لا تغطّي كامل موسم الشتاء، " حيث أمامنا شهر شباط بكامله والبرد هنا يستمر لما بعد آذار" حسب قولها، وتصف الدفء بـ " الحسرة" التي لا يطالها السكّان ولا توفّره أيّة وسيلة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي، حيث لا يستفيد الأهالي سوى من 6 ساعات تغذيّة متقطعة طوال الـ 24 ساعة.
يضاف ذلك، إلى سلسلة أزمات يعاني منها أهالي مخيّم النيرب الواقع جنوب شرق مدينة حلب، وقوامها، انهيار كبير في البنى الخدميّة وتهتّك شبكات الكهرباء، ما يزيد من وقع الانهيار المعيشي وتفشّي البطالة، في ظل غياب وكالة " أونروا" عن القيام بمعالجات للأزمات الملحّة، بحسب شكاوى متواصلة.
ويسكن مخيّم النيرب نحو 40 ألف لاجئ مسجّل لدى "أونروا" قبل عام 2011، ويعتبر ثاني أكبر مخيّم للاجئين الفلسطينيين في البلاد، وساهم موقعه بالقرب من مطار النيرب العسكري في استهدافه بشكل كبير خلال سنوات الحرب.