من أعلى أسوار مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين في مدينة بيت لحم تقفز الشابة الفلسطينية كيت خير (22) عاماً بخفة ورشاقة غير مكترثة من ارتفاع تلك الأسوار وخطورة الحركات التي تمارسها لإيصال رسالة للجميع بأن ممارسة رياضة الباركور ليست حكراً على الذكور فحسب، وإنما من حق الفتيات ممارستها.
وتعد كيت من أول الفتيات اللواتي مارسن رياضة الباركور داخل مخيم عايدة ، إذ أنها كانت تمارس رياضة الجمباز داخل "مركز شباب عايدة الرياضي" ومن ثم طورت موهبتها، وأرادت ممارسة تلك الرياضة على الرغم من عدم توفر الإمكانيات اللازمة لممارستها.
رفض العائلة
وتقول كيت في حديثها لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين": في البداية واجهت رفضاً من قبل عائلتي لأنني أمارس الباركور مع مجموعة مختلطة تضم فتيات، وشباب من مخيمات وبلدات عدة، ونحن في مجتمع قبلي وهذا الشيء غير مقبول، ولكني حاولت إقناعهم بأنه لا يوجد رياضة حكراً على الرجال، والآن أصبحوا يشجعوني".
تضيف: "مساحة مخيم عايدة الضيقة لم تقف عائقاً أمامنا، فاستطعنا ممارسة الرياضة التي نحبها بكل سهولة ودون عوائق، وبعد أن أبدعنا بتلك الرياضة أصبح أطفال المخيم لديهم رغبة بالمشاركة معنا، فتلك الرياضة جميلة جداً، وليست خطيرة، ولكنها تحتاج إلى تركيز ولياقة بدنية، ومنحتني حرية جسدية وثقة بالنفس.
وتؤكد أن رياضة الباركور كانت حكراً على الرجال في فلسطين مثل غالبية الرياضات، إلا أنها ورفيقاتها واصلن طريقهن الذي بدأناه، بممارسة رياضة يرون أنها مناسبة لهن، ولا تسبب أي أذى أو تتعارض مع القيم والأخلاق، واستطعن التأقلم مع تلك الرياضة وتخطي حاجز الخوف، وتعزيز فكرة الرياضة المختلطة.
رسالة
ووجهت كيت رسالة إلى المجتمع الفلسطيني والعربي أن الفتيات لديهن القدرة على ممارسة أي رياضة كانت وأي شيء يحتاج إلى قوة وعزيمة وبيئة خارجية، و"نحن نغير النظرة أن باستطاعة الفتاة ممارسة أي شي بدون قيود".
أما نادين خليل (21 عاماً)، وجدت ضالتها في رياضة الباركور لأنها تحب تجربة الرياضات الغريبة والجديدة، التي تحتاج إلى مهارات عالية، وتخطي الحواجز، وخاصة حواجز الخوف.
وتقول في حديثها لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" : "إن أهل المخيم يعتبرون تلك الرياضة" الباركور" حكراً على الرجال وأن الفتيات لا يقدرن على ممارستها كون أجسامهن ضعيفة، ولكنني أثبت عكس ذلك من خلال إتقانها بشكل جيد، وتعلم حركات جديدة، والتنقل من مكان إلى آخر والقفز من الأماكن العالية دون خوف أو رهبة".
كسر القيود
وتضيف" الهدف من ممارسة رياضة الباركور داخل أزقة مخيم عايدة هو كسر القيود التي يضعها المجتمع أمام الفتاة التي تريد ممارسة أي رياضة، يعتبرونها تشكل خطراً على حياتها، ولكننا كسرنا حاجز الخوف، ونسعى لأن نكون معروفين على مستوى الضفة الغربية وفلسطين، والوصول إلى العالمية، وتكوين فريق خاص بنا."
وبسؤالها عن موقفها من الأشخاص الذين يرفضون ممارستها رياضة الباركور أبلغت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" من حقي كفتاة أن أمارس أي هواية أحبها وتلك الرياضة ليست خطيرة، ويجب ترك مساحة للفتيات داخل المخيمات لتجربة كل شيء، والابتعاد عن العادات والتقاليد، والتي تقف عائقاً أمام تحقيق الطموحات.
لا اختلاف في القدرات
ومن جهته يقول مدرب الباركور سائد زبون في حديثه لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "إن رياضة الباركور هي رياضة عالمية لا تقتصر على الذكور فقط؛ بل يمكن أن تتفوق الفتيات على الشباب في تلك الرياضة، وخلال تدريبي لكلا الجنسين لم يكن هناك أية فروقات بينهم، وكلاهما كانوا في نفس الرتيبة، والمستوى وفي تطور موازي."
يضيف" لم أجد رفضاً بشكل مباشر من المجتمع كمدرب للفتيات والشباب، ولكن بعض الأهالي لم يكونوا متقبلين الفكرة بشكل تام، كون المجتمع يعتبر محافظاً، ولا يحبذ فكرة الاختلاط، وما زلنا نعمل على جعل المجتمع يتقبل مشاركة الفتيات في شتى أنواع الرياضة لكون الرياضة أسلوب حياة، وما لها من فوائد كبيرة على الصحة الجسدية وأيضا النفسية التي قد تجعل الشخص يشعر بالثقة بالنفس والحرية المطلقة التي نفتقدها تحت ظل الاحتلال."
ويوضح أن المطلوب لتطوير رياضة الباركور للفتيات داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالضفة الغربية، هو توفير أماكن مخصصة للحفاظ على خصوصيتهن أثناء ممارستها، وتوفير سبل الحماية والأمان، وأن يكون هناك اهتمام رسمي بتلك الرياضة من خلال وجود اتحاد بها كباقي الرياضات الأخرى.
ويلفت إلى أن رياضة الباركور لا تلقى رواجاً كبيراً بالضفة الغربية بالرغم من أنها تصنف من أفضل وأشهر الرياضات العالمية.
ويبين أنه وعلى الرغم من مساحة المخيمات الضيقة والاكتظاظ السكاني الذي يجعلها بيئة غير مناسبة لتلك الرياضة الحيوية، إلا أنه بعض المراكز الشبابية في المخيمات وخاصة مخيم عايدة بمركزها "شباب عايدة" تعمل على خلق بيئة لازدهار هذه الرياضة.