الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والصحية التي يشهدها لبنان منذ 15 عشر شهراً، لم ترأف بحال أحد، بل طالت فئات المجتمع اللبناني وساكنيه ككل، الغني والفقير منهم، الموظف ورب العمل، وبخاصة العامل اليومي.
الإغلاق العام الذي يشهده لبنان منذ أشهر عدة على غرار ما فرضته جائحة كورونا من حالة طوارئ صحية، واشتداد الأزمة الاقتصادية اللبنانية على أثرها جعلت للعمال المياومين، من بينهم المزارعون، حصة كبيرة من الخسائر الاقتصادية والمعيشية التي انعكست سلباً على أرزاقهم وتسويق محاصيلهم.
2020 .. عام صعب على المزارعين
"مررنا خلال العام الماضي بمرحلتين أو ثلاثة صعبين علينا كمزارعين"، بهذه الكلمات يختصر المزراع الفلسطيني وليد فاعور الواقع المعيشي الصعب الذي يمر على المزارعين الفلسطينيين في مخيم الرشيدية جنوب لبنان.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" يقول فاعور: "وقوف مصلحة مياه الليطاني وطلب ثمن مياه الري ودفع المستحقات للدولة اللبنانية أثّر علينا بطبيعة الحال، لكن الأكثر ضرراً علينا هو ما شهدته الساحة اللبنانية والأوضاع الاقتصادية وتداعياتها السلبية إلى الآن، هناك أيضاً مشكلة أخرى وهي منع الدولة اللبنانية من دخول الكيماوي للأراضي حتى السماد، فهم يطلبون منا تراخيصاً لا يمكننا تحصيلها ما أثر علينا كثيراً".
ويضيف: "بالنسبة لصرف الدولار فأغلب الشركات التي نستورد منها تتعامل بالدولار، وتحاسبنا على سعر الدولار بحسب سعر السوق السوداء، فيزيد الكاهل كاهلين علينا، طبعاً الإنتاج لدينا ضعيف جداً نسبة للأوضاع لأننا لا نستطيع سماد كيماوي ومبيدات في الأرض ونعاني في بناء مشروع زراعي متقدم و متطور، ناهيك عن هذا، في ظل الأوضاع التي نمر بها لا نستطيع تصريف المحصول الزراعي بسبب حظر التجول وإن استطعنا فالمحصول لا يُباع في السوق".
تدهور سعر الليرة اللبنانية سبب خسائر فادحة
بدوره، يقول المزارع الفلسطيني ياسر الحج موسى لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "نحن نعاني من مشكلتين، الأولى هي ارتفاع سعر صرف الدولار، والثانية هي جائحة كورونا التي دمرت كل العالم وليس نحن فقط. ارتفاع الدولار أثر علينا كثيراً لأن جميع البضاعة التي نحتاج لشرائها مسعرة على دولار اليوم أي بحدود 8500 و 9000 ليرة لبنانية، لكننا حين نبيع بضائعنا نبيعها بالليرة اللبنانية. مثلاً كنت سابقاً أبيع الفلفل بـ 20 ألف أي تقريباً 15$، واليوم أبيعه بـ30 ألف لكنها لا تساوي حتى 4$، لم نعد نستطيع شراء البذور ولا الأدوية الكيماوية ولا مبيدات للخضار، الأشياء المدعومة من الدولة محدودة جداً وأصحاب المحلات يحتكرونها بشكل كبير جداً، ما يحصل معنا شبيه تماماً بما يتعلق بالصيدليات والأدوية".
ويؤكد تشجيعه لكل "شخص لديه مساحة يمكن الزراعة فيها، ويمكنه أن يسد حاجته لبيته، لكن نحن اذا أردنا أن نبيع في الأسواق نعاني مشاكل، لأن الزراعة في المنازل يمكن استخدام السماد العضوي لها أي أنها ليست مكلفة، لكن بالمساحات الكبيرة مثل التي لدينا لا يمكننا استعمال السماد العضوي، فهي تحتاج لسماد كيماوي وهذا مكلف جداً".
ويطالب الحاج موسى باسم المزارعين الفلسطينيين في لبنان ككل بـ "مساعدة كل من يستطيع تقديم المساعدة لهم، وكل يد قادرة على التغيير في وضعهم هذا أن تغير للأفضل".
ويتابع: "نحن بأمس الحاجة ليدعمونا بالبذور والأسمدة الكيماوية والمبيدات. وبسبب القرار الذي اتخذ بالبلاد بالتسكير و حظر التجوال، كل ما نرسله من بضاعة للحسبة (سوق الخضار) يعيدوه لنا، لماذا؟! لأنه لا يُباع، لا يوجد من يشتري وهذه خسارة كبيرة لنا. الثلاث أسابيع الذين مروا كانوا دماراً شاملاً علينا، غير أن الهواء والعواصف يؤذون المحصول، وهذه مشكلة أخرى حيث تدمرت لدي 4 خيم واذا أردت شراء النايلون لهم يكلفني ذلك حوال 15 مليون ليرة لبنانية، من أين لي هذا المبلغ؟! لم نعد نستطيع الزراعة، إذا بقى الوضع على هذا الحال ولم تمتد يد العون للمزارعين فمستقبل الزراعة إلى الهاوية".
ويعتبر أن "كل من هو مسؤول عن الشعب الفلسطيني أو حتى الشعب اللبناني هو معني بمساعدة المزارعين اللبنانيين والفلسطينيين وكل مزارعي لبنان".
ويرى أن "منظمة التحرير الفلسطينية هي المسؤولة عنهم كمزارعين، وهي ليست مقصرة مع الشعب الفلسطيني لكننا نريد لفتة كريمة منها للمزارع، وبالنسبة للدولة اللبنانية فنحن على أرضها ومن أبناء هذه الدولة، زراعتنا في أرضها وإنتاجنا و مصاريفنا وأرباحنا كلها في هذه الدولة".
مطالبات بالدعم
من ناحيته، يطالب عضو لجنة مزارعي مخيم الرشيدية، ماهر ديب، في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" بـ "تقديم قسيمة شرائية من صيدلية زراعية حتى يستطيع المزارع الاستمرار وهذا أضعف الإيمان. لأننا لو بقينا على هذا الحال فلن نجد شيئاً من الخضار. وإذا استمرينا في الخسارة فنحن لن نستطيع أن نؤمن مصاريف معيشتنا.. تصريف البضاعة في ظل جائحة كورونا أصبح صعباً جداً وهذه معاناة للمزارع ولا أظن صراحة أن بمقدوره الاستمرار بهذا الوضع، والذي استمر وزرع هذه السنة وذاق معنى الخسارة لا أظنه سيستمر السنة القادمة".
وتعتمد حوالي 200 أسرة فلسطينية لاجئة في مخيم الرشيدية على الزراعة كمصدر رزق لها، ويعمل المزارعون في المخيم في أراضي تقع على أطرافه الجنوبية تدعى أراضي "الجفتلك".
شاهد الفيديو