ارتفعت أصوات اللاجئين الفلسطينيين في مخيّم برج الشمالي بمدينة صور جنوب لبنان، احتجاجاً على سياسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تجاههم، التي يصفها الأهالي بـ "الخانقة" من حيث تجاهلها دمجهم في برنامج العسر الشديد والأمان الاجتماعي، نظراً لظروفهم المعيشيّة والاقتصادية المتردّية.
وكان عددٌ من أهالي المخيم قد نفذوا اعتصاماً صباح الأربعاء 24 شباط/فبراير، حيث احتشدوا على مدخل المخيّم ومَنعوا دخول آليات قسم الصحة، ليصار بعد ذلك إلى تسكير عيادة "أونروا"، مهددين بالتصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم في ظل استمرار تدهور أوضاعهم المعيشية، وتجاهل مطالبهم القديمة المتجددة.
ويؤكّد الكثير من الأهالي، الحاجة الشديدة لإدراج شريحة كبيرة من أبناء المخيّم، في برنامج "أونروا" الاجتماعي لحالات العسر الشديد، أو وضع خطة طوارىء إغاثية شاملة تشمل كافة اللاجئين، حيث توسّعت فعليّاً دائرة المحتاجين بشكل كبير، في حين أنّ نسبة المدرجين حاليّاً في برنامج "الشؤون" لا تتعدّى 12% من عموم اللاجئين الفلسطينيين في البلاد.
ميسون أميوني، لاجئة فلسطينية من مخيم برج الشمالي، تعمل لوحدها وتعيل عائلتها، أكدت لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أحقيتها وأحقية العديد من العائلات الفلسطينية في المخيّم بالحصول على معونات من "أونروا"، خاصة أولئك الذين لا يتلقون معونات ولا حتى معاشات ثابتة من تنظيمات فلسطينية أو مؤسسات أهلية، وأغلبيتهم من العمال مياومين.
ولفتت أميوني التي تعمل في متجر صغير لبيع المواد الغذائيّة، إلى تأثير غلاء المعيشة، وانهيار سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي، على القدرة الشرائية للأهالي، اذ دفعت تجّار الجملة إلى رفع أسعارهم وعدم التساهل مع أصحاب الدكاكين الصغيرة، الأمر الذي انعكس على قدرة الأهالي الشرائيّة، "وكذلك يحول دون قدرتنا نحن أصحاب الدكاكين على بيع الناس بالدين" حسبما أوردت.
فوضى وفساد ومعاملة سيئة
من جهتها، اشتكت اللاجئة رشا المرعي، عبر "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، من سوء معاملة مسؤولي "أونروا"، إذ تقوم بإرسال طلبات لإدراجها ببرنامج الأمان الاجتماعي منذ عام 2015، بلا أي رد، وأحياناً تكون الحجة، ضياع الملف، ما يؤشّر على فوضى ولا مبالاة في التعامل مع طلبات الأهالي.
علماً أنّ اللاجئة رشا المرعي وأسرتها المكوّنة من ثلاثة بنات، تكتسب حالتها خصوصيّة شديدة، نظراً لكونها الآن تعيش في منزل متضرر بفعل العاصفة الأخيرة التي ضربت البلاد، حيث سقطت أجزاء من سقفه، وليس لديها القدرة على ترميمه نظراً لضعف مواردها المعيشيّة.
المرعي أكدت أيضاً، حاجة الكثرين في المخيّم للمعونات، مشيرةً إلى أنهم سيقومون بتصعيد ضد وكالة "اونروا" غداً، و سيشمل التصعيد أعداداً وحالات أوسع، من الذين أبدوا تضامنهم مع اعتصام اليوم، واستعدادهم للمشاركة غداً.
ويجمع العديد من أبناء المخميات أن أعمال وكالة "أونروا" يشوبها الفساد والمحسوبيات وسوء معاملة الإدارات، هذا بالإضافة إلى الوعود التي يصفوها بـ "الفارغة" لكونها بلا أي تجسيد فعلي على الأرض.
تقول مرعي "عندما اتصلت بأحد مدراء المنطقة في "أونروا" لأشتكي له وضعي المعيشي الصعب، جاء رده بـ(حلي عني) وأغلق الهاتف في وجهي."
شرائح أبناء التنظيمات وموظفي المجتمع المدني مدرجون على حساب العمّال المياومين
وبحسب تأكيدات وردت لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إضافة إلى ما رُصد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ العديد من غير المُستحقّين كأبناء التنظيمات، بالإضافة إلى غيرهم ممن يتقاضون معاشاتهم بالدولار الأمريكي، مدرجون في شبكات الأمان الاجتماعي، على حساب العمال المياومين، والذين بالكاد يقتاتون على ما يتقاضوه يومياً من أعمالهم البسيطة.
وأكدت مرعي لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينين" أنه لم يتضامن أحد من أبناء التنظيمات مع الاعتصام الذي نفذوه اليوم، مشيرةً أن جميع من تضامنوا وأبدوا استعدادهم للنزول هم يعانون من ظروف معيشية مشابهة.
سياسات وكالة أونروا تتماثل مع سياسات الجمعيات المدنية من حيث غياب الشفافية
بدورها، أكدت اللاجئة الفلسطينية، حنان العلي، أنّ الأوضاع الاقتصادية بالإضافة لجائحة كورونا أثرت على كامل أبناء المخيمات، وليس فقط حالات العسر الشديد.
وأضافت العلي، مؤكدةً كلام المرعي، أنّ سياسات وكالة "أونروا" تتطابق مع سياسات جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني، من جهة أنّها تعسفية و تميزية في تعاطيها مع توزيع المساعدات، وخلوّها من معايير الشفافية، ويسودها النهب والسرقة.
وأشارت بنبرة ساخرة، إلى أن "باقي الشعب غير المدرج في شبكة الأمان الاجتماعي في المخيّم ليس من البرجوازية الفلسطينية ليتم استثناءه ونسف أحقيته".
وكانت منظمة ثابت لحق العودة، قد طالبت وكالة "أونروا" بـ"إقرار خطة طوارىء إغاثية وصحية شاملة وتقديم المساعدات الدورية اللاجئين الفلسطينيين، وتوفيرالبطاقة التموينية الشهرية للعائلات الفقيرة والذين يشكلون نسبة 85% من مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، إضافة إلى المطالبة بصرف المساعدة المالية الشهرية بالدولار لعائلات اللاجئين الفلسطينين في سوريا والعائلات ضمن شبكة الأمان الاجتماعي."
يذكر، أنّ عدّة نداءات قد طالبت وكالة "أونروا" سابقاً بوضع خطة طوارىء إغاثية عاجلة، تساعد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على العيش في ظل الأزمة الاقصادية، في حين أنّ آخر الإحصاءات، قد أكدت ارتفاع نسبتي الفقر والبطالة بين أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لدرجة غير مسبوقة منذ لحظات لجوئهم الأولى، وتقارب هاتان النسبتان الـ 80% وفق تقرير لمركز زيتونة للدراسات.