منذ نحو عام ولم تحل مشكلة أصحاب البسطات في سوق مُخيّم النصيرات وسط قطاع غزّة، حيث تبرّر البلدية إجراءاتها بمُلاحقة بسطات البيع بحجّة تنظيم المرور وفي ظل أنّها تريد نقلهم إلى مكانٍ بديلٍ بعيدٍ عن السوق المركزي وتحصيل رسومٍ من أصحاب البسطات الذين سيُرهقون مادياً من هذه الرسوم في ظل حالة الفقر الشديد وقلة الحركة الشرائيّة في المُخيّم.
"الموافقة أو الجوع والجلوس في البيت"
يقول البائع في سوق النصيرات سيف أبو عطايا لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّه كان يملك بسطة للبيع في السوق وتم إزالتها من السوق ما يدفعه لاستئجار أخرى لتوفير لقمة عيشه وأسرته، إذ تم إزالة بسطته الخاصة بحجّة تنظيم المرور، مُؤكداً أنّه لا يوجد مكان آخر مناسب للبيع والترزّق منه إلّا من خلال هذا السوق المركزي، والمكان الجديد الذي سيرسلونهم إليه "مقطوع" ولا أحد يذهب إليه.
وبحسب أبو عطايا، فإنّ البائع في المُخيّم بين خيارين أحلاهما مرٌ ولا ثالث لهما: إمّا الموافقة على نقل البسطة إلى المكان البعيد أو اللاشيء والجلوس في البيت، حيث من الصعب على سكّان منطقة السوق الذهاب إلى مكانٍ بعيدٍ للشراء.
"موت وخربان ديار"
أمّا البائع في نفس السوق موسى ثاري، من بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزّة، يؤكّد أنّ الحال أصبح لا يُطاق، فهو يأتي من أقصى شمال القطاع إلى وسطه للبيع والترزّق ليوفّر لقمة عيشه إلّا أنّ الأمر بات صعباً للغاية في ظل التعقيدات التي تفرضها عليهم البلدية خشيّة من خدش "المظهر العام" للسوق.
ولفت ثاري إلى أنّ "الشرطة بهدلتنا، والبلدية كمان، لا عارفين نبيع ولا عارفين نشتري، أنا وراي أسرة وبيت كيف بدي أطعميهم وأصرف عليهم؟، وإزا طلعنا برا بيلحقونا وبياخدوا بضاعتنا، إزا بدنا نروح نشحد (نتسوّل) حتكون البلدية هي السبب في هذا الوضع".
في حين قال البائع خليل عثمان وهو طالبٌ في المدرسة وبائع في نفس الوقت: إنّه وأمثاله من البائعين يصرفون على عائلاتهم، وبالرغم من أنه طالب مدرسة والمفروض أن يتابع دروسه مثل باقي الطلاب في العالم إلا أنه يذهب بعد المدرسة للبيع في السوق، "لكن فوق كل هذا الهم البلدية مش سايبانا في حالنا".
"أونروا" هي المسؤول الأوّل
من جهته، يؤكَّد مسؤول اللجنة الشعبيّة في مُخيّم النصيرات علي صيدم، أنّ كل الشبّان الذين يذهبون للبيع في السوق يكون الهدف إعالة عائلاتهم وسد رمق أطفالهم، ولكن هؤلاء الشبّان البسطاء إذا وجدوا منغّصات في هذه الحياة بالتأكيد سينعكس ذلك سلباً عليهم وعلى تصرّفاتهم وعائلاتهم ما قد يدفع البعض إلى اللجوء إلى طرقٍ أخرى مظلمة.
وأضاف صيدم خلال حديثه لموقعنا، أنّ هذا الحال لا يُرضي أحداً، مُحملاً المسؤوليّة الكاملة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بحكم أنّها المسؤول الوحيد عن اللاجئين الفلسطينيين حتى عودتهم إلى الديار التي هُجروا منها عام 1948.
أمّا بلدية النصيرات في ردّها على هذه المأساة اليوميّة ، قال مديرها محمد مغاري لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ البلدية تفكّر في تحقيق المصلحة العامة التي تقتضي وجود أصحاب البسطات في أماكن مهيّأة ومجهّزة مسبقاً بحيث لا تؤثّر هذه البسطات على حركة المرور والمشاة.
يُشار إلى أنّ البلديات في قطاع غزّة تحل مكان وكالة "أونروا" في المسؤوليّات الخدميّة، ما يجعل اللاجئين الفلسطينيين يواجهون قرارات هذه البلديّات بأنفسهم.
وفي وقتٍ سابق، طالبت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان في قطاع غزّة، الجهات المعنية بتوفير وتنظيم أماكن بديلة لأصحاب البسطات بمُخيّم النصيرات للاجئين الفلسطينيين، في أماكن تتوفّر فيها الحد الأدنى من شروط السلامة، وأن تكون مجانيّة خاصة في ظل الأوضاع التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون من ضعف للقوة الشرائيّة وذلك لضمان الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.
بيان الضمير جاء عقب اعتصامٍ نفّذه عشرات الشبّان من أصحاب البسطات في سوق مُخيّم النصيرات وسط قطاع غزّة، وذلك رفضًا لقرار إزالة بسطاتهم من شوارع المُخيّم.
وفي تقريرٍ أعده "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، طالب العشرات من أصحاب البسطات البلدية بالتراجع عن قرارها بنقل كافة البسطات المنتشرة في الشوارع الرئيسيّة إلى منطقة أرض المصدَّر التي يُقام بها "سوق الاثنين" بشكلٍ أسبوعي.
شاهد التقرير