شكل إعلان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" نيتها البدء بمشروع "بصمة العين" وتطبيقه على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان جدلاً كبيراً لدى المرجعيات السياسية الفلسطينية. تداعى ذلك إلى عقدها اجتماعاً للتباحث بشأن المشروع في سفارة السلطة الفلسطينية في بيروت للمرة الأولى منذ فترة طويلة بعد أن حال تفشي فيروس "كورونا" من انعقادها.

وعلى الرغم من إعلان وكالة "أونروا" أبعاد المشروع وهي تأتي بهدف "التأكد من أعدادهم الفعلية بعدما قامت الأونروا بتوزيع مساعدات مالية قبل أشهر للاجئين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي انعكست عليهم من جراء جائحة كورونا، الأمر الذي وضع شكوكاً حول عدد المستفيدين الحقيقيين من هذه المساعدات"، بحسب الوكالة.

 إلا أن مشروع الإحصاء عبر بصمة العين وضع علامات استفهام لدى المعنيين الفلسطينيين حول أهداف المشروع وخلفياته، توقيته الحالي، وتخصيص لبنان لتنفيذه، وما إذا كانت أبعاده تتعلق بمخاطر فرض التوطين عبر تقليص أعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" استطلعت أراء بعض المرجعيات السياسية الفلسطينية والمختصين بشؤون اللاجئين في لبنان حول أبعاد مشروع "بصمة العين" على اللاجئين، وهل تصب في مرمى التوطين؟ ..  

عبد العال: الخطورة في إعادة تعريف فكرة اللاجئ

يقول مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، مروان عبد العال: "خيراً فعلت هيئة العمل الفلسطيني المشترك عندما لم تأخذ موقفاً من الموضوع، إنما سجلت مجموعة أسئلة جدية لتتلقى عليها إجابات وثم تبني على الشيء مقتضاه، خاصةً مع الجهات الشريكة كالأونروا والفصائل والمؤسسات ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وهي من الهيئات التي أشرفت على الإحصاء السابق".  

دائماً هناك تسييس لفكرة الأرقام

ويضيف لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "إذا كان الموضوع خاص بلبنان فستصبح مسألة مجنسين ومقيمين فلسطينيين، صحيح أننا كلنا لاجئين لكن دائماً هناك تسييس لفكرة الأرقام، ويقال أن الأونروا فقط عليها أن تسجل اللاجئين وبالتالي غير معنية بمن هو مقيم هنا أو غير مقيم. هذه طبعاً نقطة خطيرة لأن الأرقام تدخل بمسارات لا أعلم إن كنا نستطيع الخروج منها، وهذا مؤذي للأونروا بنفس الوقت. فهناك العديد من الدول التي تقول أن الوكالة تأخد موازنات وفق ما هو مسجل لديها وليس وفق ما هو مقيم ويستحق، وبالتالي لأن هناك عدداً من المجنسين والمسؤولة عنهم هي الجهات التي أعطتهم الجنسية سواء لبنانية، عربية أو أياً كانت، وهناك مسافرين غير مقيمين في لبنان، لا يتحمل لبنان أعباءهم".

ويشير عبد العال إلى أن "البعد الأكبر بهذا الموضوع بأن يصبح هناك إعادة تعريف فكرة اللاجئ أو توصيف صفة اللاجئ بمعنى أدق. أما عن احتمالية أن يصب المشروع تجاه التوطين فهذه ليست مسألة سهلة ولا نريد إثارة الفزعات حولها، لكن الأساس في هذا الموضوع هو إعادة فكفكة موضوع اللاجئين بين مسجل وغير مسجل، بين مجنّس وعديم الجنسية، بين مقيم ومغترب".

 ويشير عبد العال إلى أنه "عندما سُجل الإحصاء الذي أجرته لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني قيل أن عدد الفلسطينيين 174 ألفاً أو يزيد حتى يصل 200 ألف فلسطيني، لكن المسجَل لدى الأونروا أكثر بكثير لأنها بررت ذلك بأنها هيئة تسجيل للاجئين وليست مسؤولة عن الإحصاء فهي تسجل كل من هو لاجئ بغض النظر أينما كان. من هنا فإن مشروع البصمة يحتاج إلى ضمانات ومعرفة أكثر إلى إنجلاء الصورة ومحاولة لتبديد الهواجس القائمة لدينا".

حماس: لن نقبل أن يمر المشروع

من ناحيته، يؤكد عضو القيادة السياسية لحركة "حماس" في لبنان، أيمن شناعة، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين":  رفض "الحركة هذا الإجراء رفضاً تاماً بكل تفاصيله، لأننا لا نرى حاجة حقيقية للأونروا لأن تقوم بهذه الخطوة، فمن ناحية إحصاء اللاجئين أجرت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني إحصاءً لأعدادهم في لبنان منذ عامين أو ثلاثة تقريباً، أما الإحصاء الذي تريد أن تزيده الأونروا إجراء مريب نضع حوله الكثير من علامات الإستفهام ولن نقبل أن يمر هذا المشروع لأننا نعتقد أن هناك مردود سلبي على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".  

أساس المشروع بأن يحرم الفلسطيني المقيم خارج لبنان من هذا الإحصاء

ويرى شناعة أن "تخصيص لبنان بهذا المشروع أمر مريب، وأساس المشروع بأن يحرم الفلسطيني المقيم خارج لبنان من هذا الإحصاء، وهذا يقلل عدد اللاجئين الفلسطينيين في البلاد. ونخشى أن يسيل لعاب الطامحين إلى مشروع التوطين بأن يقدموا على هذه الخطوة من خلال هذا الإحصاء. نحن أبلغنا قيادة الأونروا بشكل جزئي وسنذهب نحو تبليغ الأونروا بشكل عام باسم هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان رفضنا التام لهذا المشروع".

هويدي:  نطالب الوكالة بإيضاح وتفسير الخطوة

من ناحيته، يقول مدير عام الهيئة 302 ، علي هويدي، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أن  "المشروع يسبب مخاوف كثيرة لدى اللاجئين الفلسطينيين، خاصة أنها خصصت للاجئي لبنان ولم يتم طرحها على مناطق عمل الأونروا الأخرى. إذا كانت الوكالة حريصة على فكرة تسجيل اللاجئين ومعرفة وجودهم على أرض الواقع، ذلك لن يحصل من خلال بصمة العين بل عن طريق أرقام اللاجئين المسجلين بسجلات الوكالة، وهذا يتم بالتنسيق مع وزارة الداخلية اللبنانية واللجان الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني".

ويعتبر هويدي أن "هدف المشروع يُفترض ألاّ يكون مرتبطاً إطلاقاً بأي  قضية لها علاقة بالفلسطينيين المسجلين في سجلات وكالة الأنروا، بمعنى أنه حتى اللاجئ الفلسطيني الموجود في أي دولة أخرى وحاصل على جنسية تلك الدولة، سيبقى اسمه مسجل في سجلات وكالة الأونروا ولن يتم شطب اسمه لأن هذا بالتأكيد له بُعد سياسي، وذلك سواء طبق مشروع بصمة العين أم لا".

ويطالب هويدي "وكالة الأونروا بإيضاح وتفسير هذه الخطوة بشكل أكبر، وضرورة أن تفتح الموضوع على مصرعيه للنقاش مع ممثلي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بالإضافة للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وهي معنية بهذا التوجه لأنها أيضاً تتابع أوضاع اللاجئين بالتنسيق مع وكالة الأونروا. ذلك من الضروري أن يتم لبحث هذا المشروع وتبيان حقيقته والخروج بشيء مشترك، لأن المشكلة في وكالة الأونروا أنها تتخذ قرارات أحادية دون الرجوع للممثلين في لبنان".

أونروا: "بصمة العين" لا يلغي تسجيل اللاجئين في سجلات الوكالة

للإجابة على تساؤلات المعنيين ومخاوفهم حول أبعاد المشروع وانعكاسه على  مصير اللاجئين، خاصة في لبنان، تواصل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" مع وكالة الأونروا  لاستفسار أسباب اعتماد هذا المشروع في الوقت الحالي.

تقول المتحدثة باسم وكالة "الأونروا" في لبنان هدى السمرا : "الوكالة تنوي تسجيل جميع الأشخاص الذين يتلقون خدماتها عبر مسح بصمة العين في جميع أقاليم عملياتها. لكن لبنان هو الإقليم الأول الذي سيبدأ بتطبيق المسح وذلك بسبب المطالبات المتزايدة لتوفير أموال طارئة إضافية وتوزيع مساعدات عاجلة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي يؤثر بشكل كبير على لاجئي فلسطين".

وتشرح لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": أن  "الوكالة ستجمع المعلومات البيومترية للاجئين من خلال مسح بصمة العين لكل لاجئ. يتم التقاط الصورة الرقمية ويتم تخزين المعلومات في قاعدة بيانات الأونروا والخادم/سيرفر. تستغرق هذه العملية أقل من دقيقة وقد تستخدم الأونروا بصمة العين أيضاً لتحديث أي معلومات موجودة على نظام التسجيل والتي قد يرغب اللاجئ في تحديثها بما في ذلك ما يتعلق بأفراد الأسرة".

وتضيف السمرا: "يسهِل مسح بصمة العين للاجئين صرف المساعدات النقدية بشكل تلقائي دون الحاجة إلى عمليات إثبات هوية الأشخاص المعقَدة من خلال التحقق من وثائقهم. وتتوقع الوكالة أن تدير برامج مساعداتها بنفس المستوى من التطور التكنولوجي وذلك لدعم المساءلة في إدارة الموارد، خاصة أن مسح بصمة العين أفضل الحلول المتاحة لتحديد هويات وأعداد السكان وهي أمور يمكن التحقق منها دون التعرض لخطرالاحتيال والتزوير في الهوية".

وتتابع: " نظرًا لأن وكالات أخرى اعتمدت مسح بصمة العين في لبنان لإثبات هويات المستفيدين، أصبحت الأونروا تتعرض لمطالبات متزايدة لإثبات أنها تتحمل المسؤولية تجاه إنفاق مواردها بشكل جدي. لا تستطيع الأونروا في هذه المرحلة تحديد العدد الدقيق للأشخاص المحتاجين للمساعدة في لبنان. إن الأونروا بحاجة في الوقت الحالي إلى وضع نهج سريع ومستدام لاثبات هوية المستفيدين في لبنان فالاحتياجات الإنسانية كبيرة ويجب أن تكون الوكالة قادرة على إقناع المانحين بأنها تستطيع تنفيذ عملية مساعدة استثنائية تراعي أعلى معايير المساءلة في ظل بيئة أصبح فيها التنافس شديداً للحصول على الموارد المالية المطلوبة".

وتؤكد المتحدثة باسم وكالة "الأونروا" في لبنان أن "مسح بصمة يساعد بإظهار أعداد اللاجئين الموجودين في البلاد والراغبين بالحصول على مساعدات الوكالة، وهي لا تستبدل إطلاقاً عملية تسجيل اللاجئين في الأونروا، وهي عملية منفصلة تتم وفقاً لعمليات تسجيل اللاجئين الموحَدة وتعريفهم، بحسب قولها.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد