شهد مخيم خان الشيح للاجئين الفلسطينيين بريف دمشق خلال الأيام القليلة الفائتة، عمليات اغتيال طاولت أفراداً متهمين بـ "أنهم عملوا مع مجموعات ميليشياوية في زمن نظام الرئيس المخلوع بشار الاسد"، وأسفرت عن مقتل أحدهم، في عمليات منفصلة، يضعها العديد من أهالي المخيم في سياق عمليات تصفية حسابات فردية انتقامية.
وأفاد مراسلنا، بمقتل الشاب محمد عامر عارف، في إطلاق نار استهدفه قبل ثلاثة أيام في المخيم، ما أدى الى إصابته إصابة بليغة ومن ثم وفاته، فيما اصيب أيضاً رئيس بلدية منشية خان الشيح عمر الشمالي (سوري الجنسية) الذي تعرض لإطلاق نار مماثل، فيما رشحت أنباء عن إصابة شخص يدعى " تركي حوران" وإحراق سيارته، إضافة الى شخص آخر تعرض لاطلاق نار، دون معرفة مصيرهم.
مراسلنا نقل عن مصادر أهلية، أنّ عميات الاغتيال قد تكون مرتبطة بأنشطة المستهدفين السابقة مع مجموعات تتبع للنظام السابق، وشاركت في عمليات قمع وتهجير ضد سكان المخيم خلال المعارك التي شنها النظام السوري على منطقة خان الشيح، وأفضت الى تهجير المئات الى الشمال السوري.
الّا أنّ تلك الأقاويل رغم انتشارها، تفتقر لاستنادات رسمية، حيث لم يتم حتّى الآن عمليات تحقيق رسمية. وسط مطالب واسعة بتحقيقات عادلة واتباع إجراءات قانونية ومحاسبة ضد أزلام النظام السابق والمجرمين والشبيحة، لمنع عمليات الانتقام الفردية التي يشهدها المخيم.
ناشطون في المخيم يحذرون من هكذا عمليات ويطالبون بمحاسبة قانونية للشبيحة
من جهتهم، حذّر ناشطون في مخيم خان الشيح في بيان نشرته صفحة " الكنعاني المغدور" من تدهور خطير في الوضع الأمني والاجتماعي داخل المخيم، على خلفية حوادث وقعت خلال اليومين الماضيين، تمثلت في مقتل أحد المتورطين مع ما يُعرف بـ"الشبيحة" ومحاولة قتل اثنين آخرين، في ظل استمرار غياب المحاسبة بعد عام كامل بعد تحرير سوريا من النظام السابق.
وأوضح الناشطون، في بيان صدر عنهم، أن هذه التطورات لا يمكن فصلها عن الواقع القائم في المخيم، حيث ما يزال عدد من المتورطين في انتهاكات سابقة يتجولون في شوارع المخيم ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، رغم مطالبات متكررة بمحاسبتهم، الأمر الذي ولّد حالة احتقان شديدة لدى أهالي الشهداء والمغيّبين وولاة الدم.
وأكد البيان رفض النشطاء القاطع لنهج أخذ الحقوق باليد، محذرين من أن غياب العدالة الانتقالية وعدم محاسبة مرتكبي الانتهاكات يقودان حتماً إلى الفوضى والانفلات، ويهددان السلم الأهلي داخل المخيم، مشددين على أن العدالة هي الطريق الوحيد لتعزيز الاستقرار المجتمعي ومنع الانفجار.
وأشار النشطاء إلى أنهم مارسوا ضغوطاً متواصلة منذ التحرير على الجهات المختصة لاعتقال المتورطين، إلا أن الردود غالباً ما اقتصرت على ذرائع من قبيل "عدم توفر الأدلة" أو دعوة المتضررين إلى تقديم شكاوى، لافتين إلى أن بعض من تم توقيفهم أُفرج عنهم بعد أيام قليلة، وفي بعض الحالات مقابل مبالغ مالية، وفق ما جاء في البيان.
وطالب النشطاء وزارة الداخلية والأمن العام ووزارة العدل بالتحرك الفوري لملاحقة مرتكبي الانتهاكات قبل فرارهم أو تحول المخيم إلى ساحة لتصفية الحسابات، داعين إلى محاسبتهم بشكل عادل وعلني، أو إبعادهم عن المخيم وعدم التعامل معهم بأي شكل.
كما حمّل البيان اللجنة والوجهاء مسؤولية الضغط الجاد في هذا الاتجاه، حفاظاً على المخيم ومنع انزلاقه إلى مسار خطير وغير محسوب العواقب، مؤكداً أن العدالة ليست انتقاماً ولا ترفاً، بل الضمانة الوحيدة للأمن والسلم الأهلي ومستقبل المخيم وأبنائه، ومشدداً على ضرورة تحمّل الدولة لمسؤولياتها عبر الاعتقال العاجل للمتورطين إلى حين محاكمتهم محاكمة عادلة.
يذكر، أنّ عمليات الاغتيال والحوادث المماثلة التي تجري ضد اشخاص يعتقد ارتباطهم بالنظام السابق، ومارسوا أدوراً إجرامية، تجري في معظم المناطق السورية، وسط مطالبات شعبية وحقوقية واسعة للسلطة الجديدة، بالإسراع في وضع اليات للعدالة الانتقالية وتطبيقها، وتوقيف كل المتورطين مع النظام السابق لتجري محاسبتهم قانونياً وبشكل عادل.
