يعيش أهالي مخيّم حندرات " عين التل" في مُحافظة حلب شمال سوريا، حالة تهجير متواصلة عن مخيّمهم منذ العام 2016، حيث تعرّض المخيّم إلى عمليّة عسكريّة واسعة أدّت إلى تدمير قرابة 70% من عمرانه وبناه التحتيّة، وأسفرت عن استعادة النظام السوري سيطرته عليه.
ويعيش في المخيّم حاليّا، نحو 200 عائلة من أصل 8 آلاف أسرة سكنت المخيّم قبل العام 2011، فيما تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" إنّ المخيّم مازال منطقة غير آمنة، بسبب عدم قيام الجهات الحكوميّة السوريّة بأي جهد لإزالة مخلّفات الحرب من الغام وذخيرة حيّة لم تنفجر، ما يثني الوكالة عن القيام بإعادة إعمار منشآتها الصحيّة والتعليمية والإغاثيّة فيه.
ويتوزّع أهالي المخيّم المهجّرين، بين مناطق مدينة حلب وضواحيها إضافة إلى قصد العديدين منهم ضواحي مدينة دمشق، فيما هُجّر المئات منهم قسراً إلى المناطق الخارجة عن سيطرة النظام شمال البلاد، كما تعيش نحو 100 أسرة في مدينة اللاذقيّة، وسط ظروف معيشيّة صعبة، يضطّرون كما سائر المهجّرين لدفع إيجارات منازل مرتفعة، في في ظل شحّ فرص العمل وارتفاع الأسعار، واعتماد شبه كامل على معونات وكالة "أونروا" الشيحية.
يأس بات يتملّك أهالي المخيّم من إعادة الإعمار
"لم نعد نسأل عن الأمر" يقول اللاجئ أبو وسام فارس وهو أحد المهجّرين من المخيّم ويعيش في منطقة "بستان الدور" وهي إحدى عشوائيات مدينة دمشق، التي قصدها مهجّراً منذ العام 2015، بسبب انهيار الوضع الأمني والمناوشات المستمرة بين فصائل المعارضة السوريّة المسلّحة، وقوات النظام السوري قبل أن تُحسم المعارك لصالح الأخير في أيلول/ سبتمبر 2016.
يقول فارس لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ نظرتهم لوضع المخيّم كانت متفائلة نوعاً ما، حتّى العام 2018، ومنذ ذلك الحين لم يعد يفكّر في مسألة العودة إلى مخيّمه، وترك الأمر للزمن، ويوضح :" منذ أن أعلمت الحكومة السوريّة استعادة سيطرتها على المخيّم، ذهبت بعد 4 أشهر من إعلانها لتفقّد منزلي ورأيته مدمّراً بالكامل، وتلقيت وعوداً من المختار و ( لواء القدس) أنّ المخيّم سيجري إعماره تباعاً ولم يستغرق الأمر أكثر من عامين، والجميع سيعودون، ولكن لم نر أيّة جهود لذلك ".
يضف فارس، لدى سؤاله عن العدد التقريبي للعائلات المهجّرة من مخيّم حندرات في العاصمة دمشق، أنّه يعرف نحو 12 عائلة من مخيّم النيرب تسكن في دمشق وتتوزّع بين بستان الدور وقدسيا وركن الدين، لافتاً أنّ معظمهم يعتمدون على معونات وكالة " أونروا" وآخرون تأتيتهم مساعدات من أقارب لهم هاجروا خارج البلاد.
الجدير بالذكر، أنّه منذ "استقرار" الأوضاع الأمنية في المخيّم، لم تُسجّل أيّة عمليات جديّة لإعادة إعمار الأحياء المدمّرة، وبحسب ما رصد " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" منذ العام 2016، باستثناء بعض الترميمات الفرديّة لعائلات عادت ولم تتخطَّ أعدادها 200 عائلة، بينما الجهد الوحيد الذي بُذل من الجهات المختصّة، كان لترميم حديقة عامّة في نوفمبر 2019، وأثار حينها الكثير من ردود الفعل المستهجنة، وسط تساؤلات " لمن رُممت الحديقة والأهالي مهجّرين".
إضافة إلى ذلك، مشروع لإعادة تأهيل محطّة ضد المياه، جرى بدعم من منظمة الصليب الأحمر الدولي، وأنهى أعماله في تشرين الثاني نوفمبر 2020 الفائت، على أن يُساهم في تحسين حياة العائلات القاطنة في المخيّم.
وكان موقع " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" قد أجرى حواراً شاملاً مع وكالة " أونروا" في العام 2018، حول إعادة أعمار المخيّم والقضايا التي يطرحها أهله على الوكالة، الّا أنّ الأخيرة اكتفت بعرض الوقائع التي تواجهها وتعيق عودتها إلى المخيّم كما تعيق عودة الأهالي، حيث اعتبر النطق باسمها "سامي مشعشع" أنّ الأساس هو استعادة الخدمات الرئيسة التي تقدمها الحكومة، مثل الكهرباء والماء والصرف الصحي أولاً، وضمان أن المخيم آمن وخالِ من مخلفات الحرب من المتفجرات لكي يتم الشروع بإزالة الأنقاض والركام من المخيم.
ومنذ ذلك الحين، لم يُسجّل أيّة تغيّرات جديّة في الواقع عمّا كان عليه، باستثناء ارتفاع طفيف في أعداد العائلات العائدة، حيث كان يتراوح بين 60 إلى 70 عائلة فيما يُسجّل اليوم 200 عائلة، تعيش في منازلها التي ما تزال صالحة للسكن.