لم تكن ليلة عيد الفطر هذا العام كسابقتها من ليالي العيد التي تحمل طابعاً احتفالياً خاصاً عادة في المخيمات الفلسطينية بلبنان، فقد غابت مظاهر الزينة واللافتات الترحيبية بحلول العيد المبارك، ولم توزع الحلوى على الصائمين كالمعتاد.
إنما اتسمت مظاهر العيد بمظاهرات حاشدة جابت أرجاء مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من الشمال إلى الجنوب، دعماً لقطاع غزة الذي يتعرض لعدوان صهيوني شرس، وبصمود المرابطين المقدسيين أمام آلة بطش الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح، ودعماً لانتفاضة الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 التي جاءت مبشّرة وتلقفها الفلسطينيون في المخيمات بأمل.
مظاهر العيد في المخيمات ستقتصر على الغضب والتضامن
ومباركة لصواريخ المقاومة الفلسطينية التي تنهال على المستوطنات والمدن والبلدات المحتلة، نظم أهالي مخيم نهر البارد شمال لبنان وقفة تضامنية حملوا فيها الأعلام الفلسطينية واللافتات الداعمة صمود الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والداخل المحتل عام 48، وعلت مكبرات الصوت بالأغاني الوطنية.
ابن مخيم نهر البارد، الصحافي مهيب موعد، وهو من قرية صفورية المحتلة، يصف لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" ما حصل "في الثامن والعشرين من رمضان هذا العام حين دكت صواريخ المقاومة تل أبيب والقدس المحتلة بيوم يجب أن يسجل في التاريخ، وهو يذكًر بحديث النبي عليه الصلاة والسلام بعد انكسار المشركين في معركة الأحزاب، والذي قال فيه اليوم نغزوهم ولا يغزوننا"
ويتابع: "لأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني يخرج أحد ويحدد ساعة الصفر ويعطي الكيان إنذاراً واضحاً أمام كل شاشات التلفزيونات، مفاده أنه لدى الكيان وقت حتى الساعة السادسة مساء ليخرج قواته ومستوطنيه من المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح أو سيتم الرد عليه".
ويؤكد أن "مظاهر العيد هذا العام ستكون في المخيمات الفلسطينية في لبنان عبارة عن غضب وتضامن ومؤازة لشعبنا في الداخل خاصة لما يشهده من اعتداء من قبل قوات الاحتلال".
المقاومة تشفي غليلنا كلاجئين محرومين من فلسطين
وإلى مخيم مار الياس في العاصمة اللبنانية بيروت، حيث تنظم الوقفات التضامنية داخل المخيم بشكل شبه يومي من قبل ناشطين فلسطينيين يعملون بشتى الوسائل على فضح ممارسات الاحتلال وكشف جرائمه بحق الشعب الفلسطيني على وسائل التواصل الاجتماعي، ويبعثون برسائل للداخل الفلسطيني أن اللاجئين جزء من المعركة وهم إلى جانبهم حتى لو شتتهم النكبة.
حول هذا تقول ابنة مخيم مار الياس اللاجئة الفلسطينية غادة عثمان ضاهر: "لا ندري هل نفرح أم نحزن لما يحدث منذ عدة أيام في وطننا مع حلول عيد الفطر السعيد. الحمدلله شباب المقاومة تتصدى بكل قوتها للعدو الصهيوني بالصواريخ وبأجسادهم العارية، وهم بأفعالهم يشفون غليلنا كلاجئين في الشتات محرومين من وطننا فلسطين".
وتضيف: "أما المحزن فهو غياب بهجة العيد، لأننا جميعاً في الوطن والشتات نعيش على أعصابنا خوفاً ودعاءً للمقاومة التي تهز كيان العدو الصهيوني بوابل من الصواريخ، ولأهلنا في أراضي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 وغزة والقدس الذين يصمدون بعنفوان أمام اعتداءات عصابات المستوطنين وقوات الاحتلال".
وتتابع: "أتمنى لو كنت مع المرابطين في القدس والمقاومين في غزة والصامدين في أراضي 48، لكن ليس بوسعنا إلا الدعاء والمقاومة بالقلم والحناجر وأي وسيلة قادرين أن نعبر بها، أضعف الإيمان أن نخرج ليلة العيد بمظاهرات شعبية مساندة لإخوتنا في فلسطين وليس بوسعنا إلا الدعاء بالنصر القريب على العدو، نحن أصحاب قضية ولا بد للحق أن ينتصر على الباطل، بالتأكيد فلسطين لنا وستعود لنا يوماً ما".
الانتفاضة غلبت الظروف المعيشية
وفي مخيم برج البراجنة في بيروت، خرج عشرات من أبناء المخيم في مظاهرة شعبية لبلة العيد تعالت فيها الهتافات الداعمة لصمود المقاومة الفلسطينية التي قلبت موازين القوى لصالح الشعب الفلسطيني الصامد، وأجبرت الاحتلال على التزام الملاجئ ذعراً من صواريخ المقاومة.
يؤكد الصحافي رأفت فلاح، وهو ابن قرية أم الفرج ويعيش في مخيم برج البراجنة لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "نتمنى أن نكون في ساحات المعركة ليكون لنا دور أكبر.،نحن في المخيمات نقوم بكل ما أوتينا من قوة بدعم أبناء شعبنا في الداخل عبر الدعاء والهتافات والمسيرات الشعبية الداعمة لهم والتي تجوب أرجاء مخيمات اللجوء".
ويشير فلاح إلى أنه "رغم الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة التي يعاني منها سكان المخيمات بفعل الظروف اللبنانية، إلا أنها تغيبت بالكامل عن يوميات اللاجئ الفلسطيني منذ بداية انتفاضة فلسطين والأقصى حيث بات شغلهم الشاغل هو دعم صمود أهلنا في الوطن".
شيوخ ونساء وأطفال المخيمات حملوا الأعلام الفلسطينية وهذا العيد حزين
من ناحيتها، تعتبر الصحافية ليليان سمراوي ابنة مخيم برج البراجنة، والتي تعود أصولها إلى قرية الكابري قضاء مدينة عكا، أن "المظاهرات التي انطلقت في مخيم برج البراجنة بداية لنصرة أهالي حي الشيخ جراح وتلاها نصرة لأهالي فلسطين ككل هي مظاهرات ترفع الرأس، حيث شارك جميع سكان المخيم من كبار وصغار، شيوخ وأطفال ونساء وشباب، جميعهم حاملين رايات فلسطين متخلين عن الرايات الفصائلية، ليؤكدوا أنهم رغم عيشهم في مخيمات الشتات وعدم رؤيتهم لأراضيهم لكن لديهم انتماء كبير لفلسطين وقضيتها".
وترى أن "عيد الفطر هذا العام سيكون حزيناً في مخيمات اللجوء في لبنان، حيث تغيب الفرحة عن معالم المخيمات حزناً على شهداء غزة الذين يرتقون إلى العلياء تحت قصف الاحتلال، وشهداء الضفة المحتلة وأراضي ال 48 المحتلة الذين يستشهدون بفعل بطش الاحتلال وقواته".
وتتابع: "إن شاء الله العيد المقبل نكون جميعاً في فلسطين نصلي سوياً في المسجد الأقصى المبارك ونزور جميعاً بيد واحدة كنائس بيت لحم".
تضامن لبناني - فلسطيني
ولليوم الثانية على التوالي، نظم سكان تجمع وادي الزينة للاجئين الفلسطينيين وقفة شعبية تضامناً مع أبناء شعبنا الذين ينتفضون في فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر.
و شارك في الوقفة مواطنون لبنانيون من سكان التجمع في صورة تجسد أبهى صور التآخي والتضامن بين أبناء الشعبين الفلسطيني واللبناني.
هكذا كانت ليلة #عيد_الفطر في تجمع وادي الزينة للاجئين الفلسطينيين بـ #لبنان #القدس_تنتفض#فلسطين_تنتفض pic.twitter.com/3T4DpGwzPE
— بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) May 13, 2021
أما في بوابة الجنوب اللبناني مدينة صيدا التي تشهد فعاليات يومية تضامنية منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية المباركة، فقد تزينت طرقات المدينة بالأعلام الفلسطينية على جوانب الطرقات الرئيسية، إضافة إلى تعليق يافطات كبيرة في مختلف الشوارع تحمل شعارات داعمة لصمود الشعب الفلسطيني.
وتم تعليق العلم الفلسطيني الكبير على واجهة القلعة البحرية في مدينة صيدا وهي أهد أهم المعالم الأثرية للمدينة. في إشارة إلى صمود الشعب الفلسطيني الجبار كقلاع القلعة البحرية.
وفي عاصمة الشتات مخيم عين الحلوة، لبى أبناء المخيم الدعوات الشعبية للخروج بمظاهرات تضامنية داعمة للانتفاضة التي تعم أركان فلسطين، تخللها تكبيرات العيد ودعوات لمؤازرة الفلسطينيين في الوطن في معركتهم النضالية ضد العدو الصهيوني.
المشاركة في هذه المظاهرات مهمة لنا بقدر أهميتها في دعم صمود أهلنا بالداخل المحتل
وفي حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يؤكد اللاجئ الفلسطيني مخيم الرشيدية الواقع على مقربة بضعة كيلو مكترات عن فلسطين محمد حسن "أهمية مشاركة الكل الفلسطيني في هذا الصراع مع العدو الصهيوني، كلٌ حسب موقعه".
ويضيف: "المشاركة في هذه المظاهرات مهمة لنا بقدر أهميتها في دعم صمود أهلنا بالداخل المحتل، نستطيع من خلالها إظهار عاطفتنا الجياشة المشتاقة إلى تراب الوطن وإلى القتال بجانب صفوف المقاومة، نحن نرسل من خلالها رسالة إلى وطننا الجريح وأرضنا المسلوبة ومقدساتنا المستباحة، أننا مستعدون لتقديم الغالي والنفيس في سبيل فلسطين وأننا على يقين تام بالتحرير".