تزامناً مع العدوان الصهيوني على قطاع غزة في أيار/ مايو الماضي وما رافقه من هبة امتدت على أراضي فلسطين التاريخية كافة ضد الاحتلال وانتهاكاته بحق الفلسطينيين في غزة والمسجد الأقصى وأحياء القدس كالشيخ جراح وسلوان، زادت عدد من منصات التواصل الاجتماعي كفيسبوك وانستغرام ويوتيوب من استهدافها للمحتوى الفلسطيني.
وصارت حسابات الفلسطينيين والمتضامنين معهم عرضة للحذف أو التقييد لمجرد أنهم يعبرون عن دعمهم لنضال الفلسطينيين ويكشفون الجرائم الصهيونية عبر حساباتهم، وهذا طال أيضاً اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين كثفوا من منشوراتهم الداعمة لصمود المقدسيين في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، كما عملوا على كشف جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، على اعتبار أن منصات التواصل الاجتماعي هي السبيل الوحيد لإيصال أصوات اللاجئين المبعدين قسراً عن أرضهم.
كنت أنشر عبارات دعم لغزة لأتفاجأ بأن حسابي قد أغلق
فادي مطر متطوع في الدفاع المدني الفلسطيني في بيروت يقول: "هذه الهاشتاغات أحدثت ضجة كبيرة جداً وأرسلت رسالة مهمة جداً لخارج غزة، ففي الوقت الذي كان ينقطع فيه الإرسال عن غزة جراء الضربات كانت تنتشر هذه الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي ليرى العالم من خارج غزة من يقوم بهذا العدوان".
ويضيف: "كانت أغلب المنشورات تصب في دعم حي الشيخ جراح والأحداث الأخيرة التي حصلت في غزة لناحية العدوان الذي تعرضت له، كنت أنشر عبارات دعم لغزة لأتفاجأ بأن حسابي قد أغلق، لم يكن الفيسبوك يستقبل هذه المنشورات خاصة التي تدعم غزة والشيخ جراح، للآن لا يوجد ولا منشور خاص لدي عن فلسطين على الفيسبوك".
"بصفتي فلسطيني من الطبيعي أن أتضامن مع القضية الفلسطينية وأرفض العدوان الذي يحدث في غزة"، بهذه الكلمات يختصر اللاجئ الفلسطيني من مخيم شاتيلا، محمود سعيد، محتوى المنشورات التي كان ينشرها على حسابه على موقع فيسبوك.
هذه المنشورات تقوم بإيصال أصواتنا ولكنهم لا يسمحون لنا مجرد أن نقوم بالنشر يغلقون حساباتنا
ويضيف لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "قمت بنشر هاشتاغ وصور لحي الشيخ جراح على الانستغرام فأغلقت إدارة التطبيق حسابي، حاولت أن أعيد فتحه عدة مرات لكني فشلت".
ويعتبر سعيد أن "هذه المنشورات تقوم بإيصال أصواتنا، ولكنهم لا يسمحون لنا بذلك، مجرد أن نقوم بالنشر يغلقون حساباتنا فلم يتركوا لنا منبراً".
من جهته، يرى زاهر رحال، وهو لاجئ فلسطيني من مخيم شاتيلا أن "هذه الصور والهاشتاغات هي من تقوم بإيصال صوتنا مع غياب وسائل الإعلام، بخاصة أن غالبيتها باتت تابعة لدول تطبع مع الكيان الصهيوني".
ويضيف: "لا يمكننا فعل شيء سوى التعبير على هذه التطبيقات، كونها الوحيدة القادرة على إيصال أصواتنا لدول العالم".
"في السبعينات والثمانينيات كان هناك وهم أن الشعب الإسرائيلي مظلوم، ولكن عندما أصبح هناك مواقع تواصل اجتماعي حينها وصلت الرسالة الصحيحة إلى أحرار العالم وباتوا كلهم يقفون إلى جانبنا، وأصبحوا يدركون أن الشعب الفلسطيني مظلوم وصاحب حق"، بحسب أبو أيمن بشير، مسؤول منطقة بيروت في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
ويقول بشير لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: "باتت رسالتنا تصل اليوم بنسبة 70% أكثر من السابق وذلك بفعل التطور التكنولوجي والجيل المتعلم المتفتح الذي يفهم قضيته، وبحث عن وسائل لإيصال رسالته وكشف العدوان على غزة والقدس و 48، وكيف أن شعوب العالم قامت بمظاهرات في جميع دول العالم الغربي أكثر من العربي".
أربع طرق لنشر المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي دون أن يتلقى الناشر تنبيهاً
بالمقابل، هناك أربع طرق لنشر المحتوى الفلسطيني على منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما فيسبوك، دون أن يتلقى الناشر تنبيهاً من إدارة المنصة، بحسب الصحافي والخبير في مواقع التواصل الاجتماعي، عمر قصقص.
الطريقة الأولى: اعتمدها الناشطون عالفيسبوك، وهي تعد أنجح طريقة وتكمن في وضع الحروف بدون نقاط حينها لا يمكن الفيسبوك من التقاطها.
الطريقة الثانية: تم إعتمادها ولكنهم أوقفوها وهي بوضع فراغ بين الكلمات، فعلى سبيل المثال إذا وضعنا كلمة "حماس" نضعها بهذا الشكل "حم اس".
الطريقة الثالثة: هي بإنشاء صور ووضع الكلمات التي نريدها عليها، حينها المهكرون لن يستطيعوا كشف الكلام المكتوب، بالأخص إذا قمنا يتغبيش الصورة أو الكلمات بطريقة تكون واضحة للمشاهد، ولكن ليست واضحة للمهكرين على الفيسبوك.
الطريقة الرابعة: استخدمها النشطاء الفلسطينيون لتوصيل رسائلهم عن قضيتهم لجميع المستخدمين، وهي صورة تتحرك عليها كلمات تتحرك حينها المهركون لن يستطيعوا رؤية الصورة الموضوعه على الفيسبوك.
كما هناك حرب على الفلسطينيين هناك حرب على المحتوى خاصتهم في مواقع التواصل الاجتماعي
يعتبر قصقص "هذه الحرب هي من أقوى المعارك، فكما كان هناك حرب على الناس في فلسطين كان بالمقابل هناك حرب عالمية على مواقع التواصل الاجتماعي فالطبع كان هناك تفاعل ولفتت نظر المجتمع الغربي والعربي. هذا الشيء شاهدناه من خلال التصريحات التي قالها المسؤولون فهذه الحرب أدت الى لفت رأي العالم العربي والغربي. فالمشاهد التي شاهدناها على مواقع التواصل الاجتماعي من انتهاكات، جعلت زعماء عالميين يتحدثون عن هذا الموضوع وكانو ويتواصلون مع الجانب الإسرائيلي حول هذه المواقف الإجرامية".
ويرى قصقص أن "هذه الحروب لا تقل أهمية بل تقل خطورة فقط، المقاتل يقوم بالتضحية بروحه وعائلته لأجل القضية الفلسطينية، بينما من يقوم بتصوير هذا المقاتل المقاوم أو ينشر قصته ليس لديه خطر، بل مسؤولية في توصيل هذه الرسالة إلى الرأي العام وتوجيه الرسائل إلى الداخل الفلسطيني".
ورداً على جملة الانتهاكات التي تشنها شركة فيسبوك ضد المحتوى الفلسطيني، دشن فلسطينيون ومتضامنون معهم حملة الكترونية لوقف سياسة "الإعدام الرقمي العشوائي" التي تمارسه الشركة بحق المحتوى الفلسطيني
واستخدمت الحملة التي حملت اسم "فيسبوك يعدمنا" مصطلح "الإعدام الرقمي" ومشتقاته اللغوية إشارة إلى ممارسات الحذف الكامل أو التعليق المؤقت للحساب و/أو المنشورات
وتهدف الحملة إلى حشد مليون صوت عربي ليعمل فيسبوك على إصلاح سياسته وبرمجياته التي تعتبر كل المحتوى العربي خطاب عنفٍ وكراهية، بحسب محمود الشريف مدير حملة فيسبوك يعدمنا
وتخطت الحملة 250 ألف صوت حتى الآن من مختلف الدول العربية وانضمّ إليها عدداً من الوجوه المعروفة كمدونين وإعلاميين وممثلين عرب.
وبحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فإن أكثر من 50 صحفياً وناشطاً فلسطينياً أعدمت حساباتهم من قبل فيسبوك دون إبداء أسباب بسبب نشرهم مقاطع تظهر اعتداءات المستوطنين على مزارعين فلسطينيين.
وتضيف: رغم أن فيسبوك تراجع عن حملة الإعدامات الرقمية وعلل حدوثها بأنها "أعطال فنية" لا يزال هناك 170 منشوراً محذوفاً على انستغرام لم يتم استعادتهم حتى اليوم.
وتكبدت شركة "فيسبوك" خسائر كبيرة منذ 6 أيار/مايو 2021وهو اليوم الذي أزال فيه "انستغرام" المحتوى الفلسطيني من الموقع وأغلق العديد من الحسابات ليعتذر لاحقاً ويقول إن الأمر بسبب "خطأ تقني" بعد أن شن ناشطون فلسطينيون ومتضامنون مع القضية الفلسطينية حملة واسعة لخفض تقييم تطبيقي "انستغرام" و"فيسبوك"
على Apple store و Google play ما أدى إلى انخفاض الأرباح إلى النصف خاصة في الجزائر والعراق وتونس