صحيح أنّ العدد لم يتجاوز العشرات، في الاعتصام الذي نفذ اليوم الثلاثاء، أمام مكتب مدير خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئبن الفلسطينيين "أونروا" في مخيم برج البراجنة، جنوب العاصمة اللبنانية بيروت، إلا أنّ الوجع كان أكبر من كلّ شيء، تثبت ذلك الصرخات والبلبلة التي حدثت، خاصة عند امتناع مدير المخيم في وكالة "أونروا" عن المشاركة في الاعتصام واستلام المذكرة المرسلة إليه من المعتصمين.
وقبل بدء الاعتصام، ومع بداية قدوم المشاركين في الاعتصام، تداول المعتصمون ببضع همسات، "لازم كلنا نكون إيد واحدة"، "الأونروا غايبة عن التعاطي مع اللاجئين"، كذلك منهم من تهامس معلقًا على غياب الحشد، وقالت سيدة: "أين الناس.. أين المتأزمين؟"، فيما أشار آخر إلى ضرورة التوجه والاعتصام أمام مقر الأونروا الرئيسي.
دعوة الاعتصام كانت قد صدرت، من قبل لجان حق العودة، لجنة المهجرين من سوريا، وحملة نحنا لبعض، تلى كل منهم بيانه، كما شارك في الاعتصام أحد القياديين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لكن ما لوحظ بقوة أنّ غالبية الحضور كانت من قبل فلسطينيي سوريا المهجرين إلى لبنان مع مشاركة ضئيلة للاجئين الفلسطينيين في لبنان .
ما جرى نضعه في خانة الاستهتار أو الاستهزاء بمطالب شعبنا
القيادي في الجبهة الشعبية، فؤاد ضاهر استنكر عدم حضور مدير المخيم، وعلّق قائلًا: "ما جرى نضعه في خانة الاستهتار أو الاستهزاء، بمطالب أبناء شعبنا، هذا الأمر يجب أن يوجد له حل، حيث يجب أن يوجد مندوب "أونروا" مع المعتصمين، لأنّه هو أصلًا جزء من الشعب الفلسطيني، ولكن بالوظيفة يمثل الأونروا، لذلك هو ليس بخصم لنا".
وأضاف ضاهر، في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "نأمل أن تأخذ وكالة الأونروا دورها، وأن تقوم بواجبها الإنساني تجاه أهلنا الفلسطينيين المقيمين أو المهجرين من سوريا".
وأوضح ضاهر، "هناك تقصير كبير من قبل الأونروا، تتعلق بالخدمات المقدمة خاصة في الجانب الطبي الذي يبدو أننا نتجه إلى كارثة فيه مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي".
وختم قائلًا: "يجب علينا جميعًا أن نكون تحت صوت ومطالب واحدة، لوضع الأونروا أمام مسؤولياتها".
كثير من اللاجئين الفلسطينيين يريدون الاعتصام والمبيت أمام مقر "أونروا" الرئيسي في بيروت
من جهتها، مسؤولة الملف الإغاثي في ملف المهجرين الفلسطينيين من سوريا، مريم غريري، قالت في حديثها لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "مطالباتنا مستمرة منذ نحو عامين، جدران هذا المكتب لو كانت تنطق، لكانت قد تلت علينا مطالبنا، أمر يعني أنّ الأونروا لا تريد أن تتجاوب معنا".
وأضافت غريري: "نربط غياب خدمات الأونروا، على أنّه شكل من أشكال التخاذل وأنه يمارس علينا عن قصد، فمعاناتنا وويلاتنا واضحة، لذلك على الأونروا الاستماع لمطالبنا وتنفيذها".
وأشارت غريري، إلى أنّ "كثيراً من الفلسطينيين يريدون التوجه إلى المكتب الرئيسي للأونروا في بيروت، والمبيت أمامه، أمر يعكس سبب قلّة المشاركين في الاعتصام، وذلك لأنهم على دراية أو يحملون فكرة أنّ الاعتصام في المخيم لن يؤتي إلى نتيجة، لكننا أجلنا هذا الأمر إلى حين استتباب الوضع اللبناني".
بدوره، عضو لجنة اتحاد لجان حق العودة، محمد إدريس، وصّف ما يعيشه الشعب الفلسطيني بأنه غاية في الصعوبة، وقال: إنّ "واقع اللجوء والحرمان والذي ازداد سوءاً في ظلّ جائحة كورونا، وما تبعها من إجراءات التعبئة العامة، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتدني القدرة الشرائية مقابل الغلاء الفاحش للأسعار، أمر بات يهدد كرامتنا الإنسانية".
على "أونروا" مغادرة سياسة التكيف مع العجز المالي على حساب اللاجئين
وطالب إدريس، وكالة الأونروا بـ "الشروع بتنفيذ خطة طوارئ صحية وإغاثية شاملة ومستدامة وتوزيع مساعدات مالية عاجلة لعموم اللاجئين".
وأضاف، "كذلك الاستجابة لمطالب اللاجئين والمهجرين من سوريا خاصة بما يتعلق بالمساعدة الشهرية وصرفها وتسجيل العائلات الجديدة".
وتابع: "كما على الأونروا فتح باب الاعتماد لعائلات جديدة من المستحقين للاستفادة من برنامج الأمان الاجتماعي، وفتح باب التوظيف والتشغيل، وتحسين خدماتها الصحيّة عبر رفع نسب التغطية الاستشفائية، والإسراع في تنفيذ مشاريع تحسين المخيم وترميم المنازل".
وأكد إدريس، على ضرورة "تغيير الأونروا لنمط تعاطيها مع اللاجئين واحتياجاتهم بحكم التفويض الدولي الممنوح لها، الأمر الذي يتطلب مغادرة سياسة التكيف مع العجز المالي على حساب اللاجئين ما يضمن استمرار خدماتها وتحسينها".
نحذر من تحركات تصعيدية ضد الأونروا حتى تتحمل مسؤولياتها
الناشط إبراهيم مدني، قال في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ "اعتصام اليوم يأتي رفضاً لسياسة المماطلة التي تتبعها الأونروا وغض الطرف عن تقديم المساعدات للفلسطينيين المقيمين والمهجرين أسوة بالظروف الراهنة التي تمر بها البلاد والتي تنعكس سلباً على حياتهم من كل الجوانب الطبية والإغاثية والاجتماعية".
وأضاف مدني، "نخاطب الأونروا اليوم من أجل أن تأخذ دورها التي تأسست عليه، ومن أجل أن تؤمن خطة طوارئ للفلسطينيين".
ودعا مدني، "الأونروا إلى الإلتزام بصرف المستحقات المالية الشهرية بموعد محدد وبالدولار حصرًا نظرًا لتدني القدرة الشرائية وهبوط قيمة الليرة اللبنانية". محذرًا من تحركات تصعيدية، قد تؤخذ ضد الأونروا من أجل تحقيق المطالب.
وجعي وقت ابني يطلب مني لقمة أو رغيف خبز وأنا ما معي أمنها
من جهته اشتكى اللاجئ الفلسطيني، لؤي محمد سحويل، وهو ابن مخيم برج البراجنة، من غياب وكالة الأونروا عن متابعة حالته، فزوجته قد أصيبت خلال انفجار مرفأ بيروت، إصابة قد تصيبها بالعمى، وقال في حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "لا أستفيد من وكالة الأونروا، من أي شيء، باستثناء الولادة وتأمين اللقاح لي ولأولادي، لكني قعيد في منزلي منذ أكثر من سنتين، وزوجتي قد تعرضت لإصابة خلال انفجار مرفأ بيروت فتأثرت شبكة عينها، أمر قد يعرضها لفقدان البصر".
وأضاف سحويل، "لجأت إلى السفارة الفلسطينية في بيروت، ولم تقم بخدمتي أو الاستماع لشكواي، فيما وكالة الأونروا اكتفت بالقول على أنها باستطاعتها المساعدة في تكاليف العملية، ولكن الصور وحدها تكلف 600 ألف ليرة، ولا أملك منها شيئًا".
وبحرقة كبيرة، وبدموع كادت أن تنهمر تحدثت السيدة المهجرة من مخيم اليرموك إلى سوريا، ماجدة زيتونة، وقالت: "وجعي إن وقت ابني يطلب مني لقمة، أو رغيف خبز، وأنا ما معي أمنها، ومسؤولي الأونروا عايشين أحلى عيشة، وأحلى لبس، وقاعدين بالمكيفات، ويتقاضون بالدولار، ونحن نعاني، فماذا يريدون منّا، هل يدفعون بنا كي نشحد من أجل إطعام اطفالنا.
عندما يضعون الشعب الفلسطيني تحت خطر التجويع والموت فذلك يعني أنهم يساعدون إسرائيل بطريقة أو بأخرى
وأضافت زيتونة في حديثها لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، "لهون وبكفي، الأولوية لأطفالي، أنا مستعدة أن أدافع عنهم بدمي، ما بدنا نسكت، ما بدكن تأمنوا حقوقنا هجرونا لبرا".
أما السيدة هند شركس، وهي من مخيم اليرموك ومقيمة في برج البراجنة، فقالت في حديثها لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: "يزعمون أنّ الأونروا هي الشاهد الوحيد على نكبتنا، لكن بالحقيقة هي العامل القوي من أجل دعم الاستيطان الإسرائيلي، وذلك سببه قيامها بطمس هويتنا ومحوها، خاصة عندما يضعون الشعب الفلسطيني تحت خطر التجويع والموت، فذلك يعني أنهم يساعدون إسرائيل بطريقة أو بأخرى، ويا ويلهم من غضبنا".
كذلك السيدة، منال صبحية، وهي من مخيم اليرموك وقد هجرت إلى برج البراجنة، فأشارت خلال حديثها لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، إلى أنّ "الوضع لم يعد يطاق أبدًا، فهذه حقوق أولادنا ولن نسمح بالمساس بها، مدراء الأونروا قد ملؤوا جيابهم، وأولادهم في أحلى المدارس، فيما أنا لا أستطيع تأمين حبة بسكويت لابنتي، أما عن ربطة الخبز فهي أيضًا لم يعد بمقدورنا شراءها"