توقّعت المؤسّسة الفلسطينيّة لحقوق الإنسان (شاهد)، اليوم الخميس 1 يوليو/ تموز، ما هي السيناريوهات المرتقبة التي تنتظر اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عقب رفع الدعم التدريجي.
وأوضحت (شاهد) في تقريرٍ لها، أنّه إذا رُفع الدعم تدريجياً فسيُصبح سعر حليب الأطفال أضعافاً مضاعفة، هذا إن وجد، فالأسعار فاقت قدرات اللبنانيين والفلسطينيين الشرائيّة، وبالأخص الطبقة الفقيرة وباتت خارج متناول أيديهم، ما دفع بكثيرين إلى البحث عن منتجات بديلة، وقد تكون تلك الخيارات قاسية بالنسبة إلى الأمهات، إذ سيجدن صعوبة في إبدال المنتج الأساسي في غذاء أولادهن بمنتجٍ آخر، تماماً كما حصل مع الفلسطينيّة منال رباط التي تجرّب اليوم إطعام أطفالها الأربعة "الأرز" عوضاً عن الحليب.
ونقلت المؤسّسة عن الأم التي تقطن في مُخيّم المية ومية للاجئين جنوب لبنان، بأنها تردّدت قبل التوجه نحو هذا الخيار، كما غيرها كثيرات ممن وجدن في "البدائل" ملجأهن مع غلاء أسعار الحليب، فيما سلكت الكثير من الأمهات هذا الخيار منذ بداية أزمة الحليب، غير أنهن لا يعرفن ما إذا كان خيارهن صائباً، وكأن الأوضاع المعيشية، كلها بصعوباتها وتحدياتها تنحصر في وجوه الأمهات اللواتي لم يعد بمقدورهن تأمين الحليب لأطفالهم.
وشدّدت المؤسّسة على أنّ هناك مؤشرات مخيفة، حيث أقر البرلمان اللبناني، الأربعاء في ٣٠ حزيران، قانون البطاقة التموينيّة، تمهيداً لمنح 93 دولاراً أميركياً بشكلٍ شهري لعدد من العائلات الفقيرة، في خطوة قد تكون مقدمة لرفع الدعم عن الأدوية والمواد الغذائية والمحروقات، في حين وصلت الأوضاع في لبنان في الأيام الأخيرة إلى مستوى غير مسبوق من التوتر بسبب الأزمات الاقتصاديّة والماليّة والاجتماعيّة.
وتابعت المؤسّسة: في 2020، شهد لبنان أزمات عدة، منها انفجار ضخم في مرفأ بيروت، وانهيار اقتصادي، واضطراب سياسي متزايد، وتفشي فيروس "كورونا"، تضافرت جميعها لتهدد الحقوق الأساسيّة للسكّان، وخسرت الليرة اللبنانية 80% من قيمتها منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، ما ضعّف قدرة الناس على الحصول على السلع الأساسيّة مثل الطعام، والمسكن، والرعاية الصحية، كما أثرت الأزمة الاقتصادية وتفشي فيروس "كورونا" بشدة على القطاع الطبي، وأضعفا قدرة المستشفيات على تقديم الرعاية المنقذة للحياة، وزاد انقطاع الكهرباء حتى بلغ نحو 22 ساعة يومياً خلال الصيف.
وقالت إنّه ومع تدني قيمة الليرة اللبنانيّة، ارتفعت بسرعة أسعار السلع الأساسيّة، المستوردة بمعظمها، مقوّضة قدرة الأشخاص على تحمّل تكاليف الطعام، والمأوى، والرعاية الصحية، فيما فاقم وباء "كورونا" الفقر والصعوبات الاقتصاديّة التي يواجهها غالبيّة السكّان، وأثّر بطريقة غير متناسبة على الفئات المهمشة، مثل الأسر منخفضة الدخل؛ والأشخاص ذوي الإعاقات؛ واللاجئين؛ في ظل غياب أي خطة دعم منسقة أو قوية في الوقت المناسب، ولا شك أن الواقع الاقتصادي والاجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان ازداد صعوبة وتعقيداً بعد سلسلة من الأزمات التي واجهتهم في لبنان خلال الفترة الماضية والحالية.
وبيّنت (شاهد) أنّ الأزمات التي يُعاني منها اللاجئ الفلسطيني خلال الفترة الأخيرة كان أهمها الأزمة التي تسبب بها وزير العمل الأسبق ضد العمالة الفلسطينيّة في شهر تموز 2018، وما سببته تلك الإجراءات والقرارات من صرّف تعسفي للكثير من العمالة الفلسطينيّة، وأزمة الحراك الشعبي اللبناني في 17 تشرين الأول الذي شلّ الحياة الاقتصاديّة وتوقّف معظم العمال عن العمل، الأمر الذي فاقم من الواقع الاقتصادي والاجتماعي للاجئين.
ولفتت المؤسّسة إلى أزمة وباء "كورونا" بداية العام 2020 في لبنان الذي قضى على كل أمل بتوافر فرص عمل أو بتحسن ظروف العيش للاجئين الفلسطينيين في لبنان، مُشيرةً إلى أنّه على الرغم من المسؤوليّة القانونيّة لوكالة "أونروا" خاصة في ظل الأزمات، فإنّ دورها ما يزال خجولاً، ويقتصر على مساعدات نقدية مقطوعة ولمرة واحدة لا تتجاوز قيمتها 20$ للفرد الواحد، ولم يُسجّل أن قامت وكالة "أونروا" بإطلاق نداء استغاثة للمجتمع الدولي يعبر عن الواقع الحقيقي، فيما تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً أن البنك المركزي وفي ظل تناقص احتياطات العملات الأجنبية لديه مخاوف من عدم قدرته على الاستمرار في دعم السلع الأساسية (الأدوية، المحروقات، الطحين، القمح، السكر، الرز...) .
وأكَّدت المؤسّسة أنّه وانطلاقاً من ذلك تبرز مخاطر حقيقية تواجه اللاجئين الفلسطينيين لجهة عدم قدرتهم على شراء هذه السلع بسبب الظروف الاقتصاديّة والاجتماعيّة الصعبة أساساً، وما لم يكن هناك تحرك استباقي، فإننا على أبواب حصول مجاعة سوف تفتك بما تبقى من بنية مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وإزاء المخاطر المحدقة، طالبت (شاهد) وكالة "أونروا" بتحمّل مسؤولياتها القانونيّة والأخلاقيّة تجاه اللاجئين والبدء بخطوات استباقيّة لمواجهة هذه الكارثة.
ودعت وكالة "أونروا" إلى إطلاق نداءات استغاثة للمانحين والمجتمع الدولي لتأمين تمويل طارئ يمكنها من تغطية احتياجات اللاجئين الأساسية، واسترجاع برنامج تقديم السلع العينية لعموم اللاجئين الفلسطينيين طيلة فترة الأزمة، فيما شدّدت على ضرورة المطالبة بعقد مؤتمر دولي للمانحين لتوفير الدعم المالي والاقتصادي الدائم للاجئين الفلسطينيين.
وتأتي هذه المخاوف في ظلّ أرقام فقر وبطالة متصاعدة حيث أشارت آخر الإحصائيات، إلى ارتفاع نسبة الفقر والبطالة بين أوساط الفلسطينيين تصل إلى 80%، علماً أنّ هذه الأرقام متفاوتة بين دراسة وأخرى، في وقت يزداد الوضع المعيشي تدهوراً بالتوازي مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة في البلاد، حسب تقريرٍ أعدّه "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" في وقتٍ سابق.