اعتصم العشرات من أهالي وطلاب مدرسة رأس العين التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من مختلف مراحلها التعليمية (الروضات والمرحلة الابتدائية والمتوسطة) أمام المكتب الرئاسي لـ"أونروا" في بئر حسن مقابل المدينة الرياضية ببيروت، رفضاً لخطة الوكالة في الإغلاق التدريجي لمدرسة رأس العين وباقي مدارس الوكالة المدعومة فرنسياً.

ورفع المعتصمون شعاراتٍ باللغة العربية واللغة الانجليزية والفرنسية تعبّر عن هواجسهم، وأطلقوا صرخاتهم المناشدة لوكالة " أونروا" ومديرها الاقليمي في لبنان وللحكومة الفرنسية أن لا يُترك مستقبلُ الطلاب في خطر.

وناشد الأهالي كل الجهات المعنية كالاتحاد الأوروبي والمنظمات الحقوقية والإنسانية لتقف إلى جانبهم من أجل الحفاظ على مستقبلهم

الذي يشعرون اليوم بأنّه في خطر، وصرخ الطلاب بأعلى صوتهم "من حقّنا أن نتعلّم، من حقنا أن تبقى مدرستنا"، كما عبّروا عن تضامنهم مع المعلّمين في هذه المدارس.

مصير مئات الطلاب مجهول

وسلّم الأهالي مذكرة إلى ممثل المدير العام لـ "أونروا" في لبنان تضمنت مطالبهم وهواجسهم وحاجة الطلاب في التعليم وحريتهم في اختياراللغة التي يرغبون بها، وأشارت المتحدّثة في المذكّرة إلى أنّه في حال تمّ إقفال أي مدرسة سيكون مصير مئات الطلاب في الشارع، لأنه لايمكنهم أن دفع تكاليف التعليم في المدارس الخاصة، ولا يمكنهم الالتحاق بمدارس "أونروا" الأخرى نظراً لأن منهاج مدرستهم فرنسي، ولن يتمكنوا من مجاراة منهاج آخر، وعليه ناشدوا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من موقع التزامها بحق التعليم وحقوق الطفل والطفولة أن توفّر لهم حق التعليم وأن تؤمّن لأبنائهم مستقبلهم الدراسي.

 وقالت المتحدّثة باسم الأهالي في مدرسة راس العين نسرين عبد الغفور السايس: إنّ قراراً من السفارة الفرنسية صدر بإغلاق صف الروضة أولى بمدرسة رأس العين ووقف المنح الدراسية عن صفّ البريفيه (الثالت المتوسط)، واعتبرت السايس أن هذه الخطوة هي بداية لوقف مدرسة اللغة الفرنسية الوحيدة في بيروت، موضحةً أنّ حرمان طالب البريفيه من المنح المتفّق عليها سيمنعه من إكمال تعليمه، وقد حمّلت السايس "أونروا" مسؤولية تأمين بديلٍ لأبنائهم الطلاب.

مسؤولية "أونروا" بشأن  القرار الفرنسي

وأشارت المتحدّثة باسم الأهالي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى أنّه عقد اجتماع منذ  سنتين بين أهالي الطلاب ومندوبين عن وكالة "أونروا" والمندوب الفرنسي من السفارة، وتمّ الاتفاق على إنشاء مدرسةٍ جديدة قسم فرنسيّ بمواصفاتٍ ملائمة، لأنّ مبنى مدرسة رأس العين متهالكٌ جداً ولا يصلح للاستخدام، وأردفت السايس أنّ "أونروا" أخلفت بالاتفاق ولم تستخدم المال في بناءالمدرسة، وهو ما دفع الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ هذا القرار، و"ضاع حقّ أبنائهم الطلبة"، وأكّدت أنّ لأهالي الطلاب تحرّكاً باتجاه السفارة الفرنسية في حال لم تجد "أونروا" حلًا لقضيتهم.

من جهته، قال عضو اتحاد طلاب مدرسة راس العين محمد حسين، إنّ سبب الاعتصام هو البدء التدريجي لـ"اونروا" بإغلاق المدارس قسم اللغة الفرنسية وعددها أربعة موزّعة  في بيروت وصيدا ونهر البارد والبدّاوي

وأشار الحسين لموقعنا إلى  أنّ هذه المدارس التي تسمّى "فرنكفونية" تشرف عليها السفارة الفرنسية بالتنسيق مع"اونروا"،وقد أبلغت الوكالة أهالي الطلاب منذ ١٥ يوماً أنها بصدد إغلاق صفّ الروضة أولى بسبب توقّف تمويل هذا المشروع.

وتابع: "الفكرة ليست باستقبال طلاب الروضات الجدد بل أيضًا بوقف دعم طالب البريفيه التي كانت الوكالة مسؤولة عن توفير مدرسة ثانوية باللغة الفرنسية له"،مضيفاً: أن هذا الطالب أصبح مرغماً على دخول مدارس اونروا باللغة الانكليزية، فيختلف عليه المنهاج ما يؤثّر على مسيرته التعلمية" أو سيضطر إلى التوجه نحو المدارس الفرنسية الخاصة وهذا ليس بمقدور الأهالي.

وطالب الحسين الوكالة باعتبار هذا المشروع من ضمن مشاريعها التي تسعى إلى تأمين ميزانياتها، خصوصًا أنّ طلاب هذه المدارس يعانون أوضاعًا اجتماعيةً صعبة جدًا.

6-1.jpg


 

تحركات تصعيدية

بدوره، قال رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني (أشد) يوسف أحمد لـ بوّابة اللاجئين الفلسطينيين:  إنّ مشاركتهم في الاعتصام هي جزء من البرنامج الذي يحمله اتحاد الشباب ودوره وواجبه ومسؤوليته تجاه الطلاب الفلسطينيين من أجل الضغط على إدارة وكالة "أونروا" للتراجع عن أي خطوة تقليصية أو أي قرار أو مساس بأي مدرسة من مدارسها.

وأشار أحمد إلى أنّ هذه الأزمة المستجدة مع الطلبة الملتحقين في مدارس الوكالة التي تعتمد منهاج التعليم باللغة الفرنسية انفجرت هذا العام بعدما تبلّغ الاهالي بوقف التسجيل وإقفال قسم الروضة في هذه المدارس ووقف المنح ورفع الدعم والتمويل عن الطلاب في المرحلة الثانوية،مؤكّدا أنّه سيكون للاتحاد تحركات قادمة تجاه وكالة "أونروا" لعدم السماح بالمساس بهذه المدارس وعدم تعريض مستقبل مئات الطلاب الفلسطينيين للمجهول، مضيفاً أنّ المسؤولية تقع أيضًا على عاتق الحكومة الفرنسية التي تموّل تلك المدارس.

 واعتبر أحمد أنه من غير المقبول أن يُترك الطلاب في مهبّ الريح وأن يوقف الدعم لهذه المدارس بشكلٍ مفاجئ، وأن على الوكالة التحرّك من أجل استمرارالتمويل والدعم لهذه المدارس لكي تستمر في عملها بتوفير التعليم للطلاب، وأيضاً توفير الأمان الوظيفي للمعلمين والعاملين في هذه المدارس، بعدما أصبح أمانهم الوظيفي في خطر"

وخلال كلمةٍ ألقاها أحمد في الاعتصام، دعا المرجعيات الفلسطينية وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية  وكل الجهات المعنية بمستقبل التعليم إلى تحمّل مسؤولياتهم والضغط على والتواصل مع الجهات الفرنسية المعنية لتوفّر حق التعليم لطلاب هذه المدارس،خاصة أنّ اللاجئين الفلسطينيين يعيشون أزماتٍ اقتصادية ومعيشية خانقة.

وأكّد رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني لموقعنا أنّ الاتحاد مستمر بتحرّكاته الى جانب الأهالي حتى يتم التراجع عن هذا القرار، مشيرًا إلى أنّ تصعيد التحركات سيأخذ أشكالًا مختلفة لأنّ "مستقبل طلابنا ليس لعبةً بأيدي أحد".

وحمّل المجتمع الدّولي تداعيات هذه الأزمة، باعتباره المسؤول عن توفير مقوّمات الصمود للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون حالة استثنائيةفي مخيمات البؤس والحرمان "هذه ليست منّة من أحد بل هي واجب على المجتمع الدولي والأونروا وكل الدول التي تنادي بشعارات حقوق الانسان والديمقراطية".

القضية متعلقة بمشروع كامل

وحول الوضع القانوني والحقوقي لهذه القضية، يقول مدير مؤسسة شاهد لحقوق الانسان محمود حنفي: إنّ المشكلة ليست مرتبطة بمدرسة واحدة فقط أو بمدرّس واحد، بل متعلّقة بمشروع تدريبيٍّ فرنسي بأكمله، مستهجنًا "بدل أن تقوم اونروا بزيادة عدد المدرسين وجعل مادة الفرنسي كمادة أخرى أجنبية تلغي ما هو قائم، وقد بحثت الأونروا عن أضعف حلقة يمكن ان تأخذ بها قراراً وتلغي هذه الحلقة بحجة أنها بعد دراسة أكاديمية ومهنية وصلت الى خلاصة" لا جدوى لتدريس فرنسي لروضات الاطفال".

وأكّد حنفي أنّ هذا حل غير مهني وغير تربوي وغير تعليمي، لأن معظم المدارس الآن تدرّس اللغة الفرنسية، وعليه يجب على الوكالة إيجاد تمويل للمشروع لا إلغائه، "والإلقاء بالطلاب والمدرّسين على قارعة الطريق".

وعن تحرّكهم كجهة حقوقية تُعنى باللاجئين، قال حنفي: إنّهم قاموا بحملة وطلبوا زيارة السفارة الفرنسية، كما أرسلوا عدة مذكّرات عاجلة للاتحاد الأوروبي ورئاسة "أونروا| ودائرة التربية والتعليم في لبنان وعمان تحثّهم فيها على عدم التخلي عن طلاب ومعلّمي وعاملي تلك المدارس.

وكانت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) أصدرت تقريراً، تساءلت فيه عن مصير الطلاب والعاملين بعد قرار إلغاء صفوف الروضات الفرنسية في وكالة "أونروا" وأين سيكمل طلاب البريفيه دراستهم الثانوية بعد وقف المنح؟ وهل تفتح لهم الإدارة (أونروا) فروعاً  في ثانوياتها؟ وهل هذا القرارهو مقدمة لإلغاء برنامج تعليم اللغة الفرنسية في جميع مراحل التعليم لدى وكالة "أونروا" في لبنان؟

 وقالت فيه: إن عدد صفوف الروضات الفرنسية التابعة لوكالة الأونروا 4 روضات، واحد في بيروت، واحدةفي صيدا، واثنان في مخيمات الشمال،وهي عبارة عن مبادرات من قبل السفارة الفرنسية تقدمت بها في العام 1992، ويبلغ عدد العاملين في هذه الروضات 16 معلماً ومعلمة فضلاً عن العاملين فيها، ويتقاضى نصف العاملين في هذه الروضات رواتبهم شبه الرمزية من السفارة الفرنسية، فيما تم تحويل بعض الموظفين إلى نظام الدفع اليومي (Daily Paid) من قبل الأونروا، والبعض الآخر عن طريق التعاقد السنوي، ولا يحظى موظفو روضات الفرنسي بأي تأمين صحي.

ويستند أصحاب القرار بقرارهم هذا إلى أن تكاليف تشغيل هذه الروضات تعتبر باهظة نسبة إلى عدد الطلاب الفرنسي والذي لا يتعدى 1% من إجمالي طلاب روضات "أونروا" في لبنان.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد