الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يشهدها لبنان منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2019، جعلت كثيراً من اللاجئين الفلسطينيين في هذا البلد يستخدمون سياراتهم الخصوصية كوسيلة للنقل العمومي ليعتاشوا منها، بعدما فقدوا مصادر رزقهم، إذ تعطلت معظم الأعمال التي يمتهنونها وجلها تصنف بأعمال مياومة، وفي حين كان شبح البطالة يهدد ما يقارب 80 % منهم، صار معظمهم عاطلين عن العمل.  

 بيد أن استخدام السيارات كوسائل نقل مأجورة لم يخفف من وطأة الأزمة على اللاجئين الفلسطينيين إنما أثقل كاهلهم أكثر، فما إن ينخفض سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار، حتى تشتد أزمتهم لأن ذلك يترافق مع غلاء فاحس في أسعار البنزين وقطع تصليح السيارات.

seq (1).mp4_snapshot_06.39.282.jpg

 

5 دولارات المكسب اليومي لسائق التكسي في أفضل الأحوال  

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول اللاجئ الفلسطيني أحمد ياسين، وهو يعمل سائق تاكسي عمومي في منطقة صور: "في السابق كنا نأخذ 1500 ليرة لبنانية تسعيرة على حساب دولار واحد للراكب، كانت تكفي لأن كل شيء كان أرخص وكان أي عطل في السيارة لا يتجاوز ثمن إصلاحه 150 ألف ليرة لبنانية. أما الآن فإن أقل عطل لا يقل ثمن إصلاحه عن 500 ألف ليرة لبنانية".

ويتابع: تغيير زيت السيارة أصبح بـ 300 ألف بعد أن كان في السابق 50 ألف ليرة لبنانية أي أن هناك فرق بـ 250 ألف. لذا أصبحنا نأخذ على الراكب تسعيرة 5 آلاف ليرة لبنانية لأن تنكة البنزين أصبحت بـ 72  ألف أيضاً.  البارحة قمت بتعبئة السيارة بـ 230 ألف ليرة أما في السابق كنت اعبئها بـ90 ألف، فإذا حسبت أن على الراكب 5 آلاف فقط فإنها لا تكفي كون لدي مصروف البيت، ناهيك عن الأعطال التي يمكن أن تطرأ فجأة، وإن حدثت سأقود السيارة على حالتها إلى أن يتيسر مبلغ التصليح معي".

ويلفت إلى أنه "بسبب الأزمة يضطر إلى أن ينتظر 4 أو 5 ساعات تقريباً لكي يحصل على بنزين بقيمة 30 أو 40 ألف.. أصبحت أخصص يوماً لتعبئة البنزين ويوماً للعمل".

seq (1).mp4_snapshot_10.14.920.jpg

مكسب ياسين يومياً يتراوح بين 100 و 150 ألف ليرة لبنانية وهي تعادل 5 $ تقريباً بحسب سعر صرف الدولار الأمريكي الذي يرتفع بشكل جنوني، ما يعني أن ما يجنيه في الأسبوع يصرفه على تعبئة البنزين وتصليح السيارة، وما يبقى من فتات أموال يقتات به مع عائلته+.

يؤكد ياسين أنه "حتى لو قمت برفع التسعيرة إلى 10 أو 13 ألف ليرة لبنانية فإنها لن تكفي مع الغلاء الفادح الذي يحصل في لبنان، لكن يجب أخذ النظر بمعاناة الناس وهم في الغالب بلا عمل، فإنهم يحسبون ألف حساب لإيجار الطريق".

seq (1).mp4_snapshot_10.59.120.jpg
معظم محطات الوقود أقفلت بفعل أزمة فقدانه

انتظر في طوابير محطات الوقود من الساعة 6 صباحاً إلى الواحدة ظهراً

المعاناة ذاتها يعيشها الشاب أسامة الحرامي من تجمع "المعشوق" للاجئين الفلسطينيين بمدينة صور جنوبي لبنان، فبعد أن انقطع من البنزين اضطر لشراء قارورة معبئة بالبنزين لا تزيد عن 9 ليترات بـ 100 ألف ليرة لبنانية، وهو ثمن مرتفع جداً، لكنه أجبر على دفعه ليذهب من مدينة صور إلى صيدا لقصد محطات البنزين، فانتظر في طوابير المحطات من الساعة السادسة صباحاً إلى الواحدة ظهراً، وضاع نهاره بلا فائدة ولا عمل.

ويعيش لبنان منذ أشهر أزمة حادة تتمثل في فقدان أشكال الوقود كافة وبيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية، ما يجعل تعبئة بمزين السيارة للسائقين خصوصاً، وللناس عامة أشبه بأعمال شاقة يضطرون فيها للانتظار طويلاً في طوابير طويلة في محطات البنزين المعدودة التي لم تغلق أبوابها بعد احتجاجاً على أسعار الوقود أو فقدانه، كما فعلت كثير منها.

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول أسامة: "أحياناً يركب معي زبون يعطيني 3 آلاف ليرة لبنانية، وهي لا تكفي لكني أخجل أن أطلب منه المزيد. حتى الزبون الذي يدفع 5 آلاف ليرة لبنانية فهي لا تكفي".

seq (1).mp4_snapshot_01.09.040.jpg

يؤكد أسامة أنه لا يحصل ما يزيد عن 60 ألف ليرة لبنانية يومياً، وهو مبلغ لا يشتري شيئاً، خاصة وأن عليه لديه إيجار شهري للمنزل الذي يقطنه، مشيراً إلى أنه بالكاد يستطيع تأمين قوت عائلته، وهي باتت ثانوية أمام تأمين البنزين والزيت وثمن تصليح السيارة والتي هي مصدر رزقه الوحيد.

منذ أيام حدث عطل في سيارة أسامة وكان سعر القطعة 10$ يعني ما يعادل 200 ألف ليرة لبنانية، يقول هذا اللاجئ الفلسطيني: إنه 3 أيام بلا عمل وتوقفت السيارة في مكانها إلى حين تمكن من تأمين ثمن القطعة عن طريق مبلغ استلفه من شخص وعمل 3 أيام بعدها ليرد المبلغ.

 يصف أسامة حياته بأنها لم تعد تطاق، قائلاً: "إنهم يعيشون هذه الأيام في لبنان من قلة الموت!" بحسب تعبيره.

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد