قادت الصدفة الشاب الفلسطيني محمد عبد الحفيظ إلى أن يمر في منطقة خلدة اللبنانية التي شهدت، عصر الأحد 1 آب/ أغسطس، اشتباكات مسلحة عنيفة بين "عشائر عرب خلدة" وعناصر من "حزب الله"، اندلعت بين الطرفين، خلال تشييع المسؤول في حزب الله، الذي قُتل ، السبت 31 تموز/ يوليو الفائت، بعملية ثأر في حفل زفاف بمنطقة الجية جنوبي بيروت.
لم يكن يدر الشاب عبد الحفيظ ما يجري، وأن إطلاق النار المتبادل تجدد بين المشتبكين في المنطقة. ركن سيارته على يمين الطريق دون أن يعلم أنه يقف في منطقة تماس، ذلك رغم أن الناس بعضها كان يركض في الطريق، والبعض الآخر يقود السيارة بسرعة جنونية للابتعاد عن منطقة الاشتباك.
فجأة أصيب شبان عدة أمامه بجروح بالغة الخطورة، ما حتم عليه واجبه الإنساني، مساعدتهم كونه مسؤول عمليات في الدفاع المدني الفلسطيني، فوج مخيم شاتيلا.
ما زاد الطين بلة هو تعطل سيارة الإسعاف، التي كانت متواجدة في المكان، ليتعذر على الشاب محمد نقل المصابين إلى المستشفيات فاضطر لمعالجتهم في مكان إصابتهم تحت زخات الرصاص.
ورغم أن الإصابات اخترقت الصدر والخاصرة، وسببت نزيفاً داخلياً لدى البعض إلا أن الشاب محمد نجح في تقليل خطورتها قدر استطاعته.
دافع إنساني
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين، يقول الشاب محمد عبد الحفيظ: "انطلاقاً من واجبي كمتطوع في الدفاع المدني إذا تمكنت من تخفيف 70% من حجم الإصابات فهذا توفيق من ربنا، وكان كل ما بوسعي هو أن أزيد من احتمالية أن يعيش المصاب إلى حين وصوله إلى المستشفى. هذا كل ما استطعت أن أفعله في ظل تعطل سيارة الإسعاف واشتداد رقعة الاشتباكات".
ويضيف: "نحن عملنا إنساني بحت لا نفرق بين جنس ودين ولون، ولا يمكننا رؤية مصاب دون أن نحرك ساكناً، بل فوراً يتولد لدينا دافع للمساعدة".
ويعتبر عبد الحفيظ أن "ما يقوم به الدفاع المدني الفلسطيني هو واجب إنساني طوال ما هم على قد الحياة دون منية لهم على أحد".
الفلسطيني محب للخير
ومؤخراً برز دور الدفاع المدني الفلسطيني بشكل كبير على الأرض خلال جميع الخضات والأحداث الأليمة التي حصلت في لبنان، بدءاً من حريق الجبل في البلاد بتاريخ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، مروراً بانفجار بيروت في 4 آب/ أغسطس الماضي، وصولاً إلى الحرائق التي لا تزال تشهدها منطقة عكار حالياً، إلى الاشتباكات التي شهدتها منطقة خلدة الأحد.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين، يقول قائد في الدفاع المدني الفلسطيني، فوج مخيم شاتيلا، نزار معروف: "نحن كدفاع مدني لدينا عشق للعمل الإنساني ومساعدة الناس، وهذا الدافع المولود فينا يولد مع الإنسان ولا يتم تعليمه. بالتالي هذا الحس تجاه الآخر وحب عمل الخير هو الذي يجعلنا متواجدون دوماً على الأرض بجهوزية تامة وسريعة".
ويضيف: "لا يوجد أي حدث أمني يحصل في لبنان إن كان حريق أو غريق أو اشتباك أو انفجار، أي حادثة أليمة تحصل في البلاد نكون على تدخل سريع بها دون الرجوع إلى أي أحد، على سبيل المثال انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/ أغسطس الماضي".
ويتابع معروف: "عندما نصل إلى الميدان نرى حجم الكارثة وهل تتطلب مساعدتنا، وهل نحن بحاجة لمساندة من بقية الأفواج الأخرى الموزعة على المخيمات الفلسطينية في لبنان".
ويشدد: "نحن نبرز للمجتمع والعالم ككل أن الفلسطيني لديه إنسانية وحب الخير والعمل التطوعي ومساعدة الغير، وهو ليس محصوراً بصورة نمطية تتجلى بالمخدرات والأسلحة".
ويؤكد أن "الكل اللبناني يثمن المساعدات التي يقدمها الدفاع المدني الفلسطيني في لبنان، باستثناء بعض العنصريين من الشعب اللبناني والسياسيين الذين يكرهون الوجود الفلسطيني. أما الداعمين لنا فبات لديهم نوع من الاطمئنان بأن الدفاع المدني الفلسطيني سيتواجد في أي حادثة تحصل على الأرض".
ويفتخر معروف "بطاقم الدفاع المدني الفلسطيني في لبنان، وواجبه الذي يتجلى بمد يد المساعدة لأي إنسان يحتاجها".