"المأوى بالنسبة لنا أهم من الطعام فطالما هناك مأوى نبقى مطمئنين، نحن مهددون من الدولة اللبنانية بأن تطردنا من بيوتنا بأي لحظة، وليس لدينا دخل مادي لنشتري منزلاً في الخارج"، بهذه الكلمات تصف اللاجئة الفلسطينية مجيدة الحمد معاناتها التي تعيشها يومياً بسبب سكنها في حي التنك بمدينة صيدا.
"حي التنك"، "جسر التنك"، "حي السكة"، هي مسميات كثيرة لتجمع فلسطيني على مدخل صيدا من الجنوب بالقرب من مخيم عين الحلوة، لكن غالبية الناس لم تسمع به ولا بأحوال سكانه، ربما لأن خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" لا تشمل الحيَّ قطعاً، إضافة إلى غياب التغطية الإعلامية عن أحوال سكانه.
الخطر من كل جانب
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، تقول مجدية الحمد: "عندما يحدث اشتباك في مخيم عين الحلوة، فإننا نصبح مهددين في الإصابة بالرصاص الطائش لأن بيوتنا أسقفها من تنك فإن وصلت رصاصة إلينا لن يعوضنا أحد".
أما عن معاناة فصل الشتاء فحدث ولا حرج بالنسبة لها، إذ تؤكد أن منزلها يطوف بالمياه من الأسقف والجوانب، وليس لديها القدرة المادية لشراء كيس باطون لإصلاح المنزل، بل أيضاً الدولة اللبنانية لا تسمح لهم بذلك كونه يعتبر "اعتداء" على أملاكها.
تعيش اللاجئة مجيدة الحمد خطراً أشد بسبب مياه أمطار الشتاء، واشتباكات المخيم، فالكلاب الشاردة تحيط بمنزلها من كل الجهات كون موقعه قريباً إلى الأوتستراد الرئيسي باتجاه الجنوب، وهي تعيش حالة رعب في كل لحظة خوفاً من أن يترقبها كلب شارد.
وحول مساعدات وكالة الأونروا المعنية بمتابعة شؤون اللاجئين الأساسية، تشدد الحمد على أن "الوكالة لا تساعدنا بالمرة، على سبيل المثال تقدمت الى الأونروا كوني أريد تركيب مفصل عظمي، إلا أنه تم رفض مساعدتي وإلى الآن أعاني آلاماً كثيرة".
خدمات غائبة كلياً
أول عائلة سكنت في حي التنك كان عام 1984 حيث كان خط القطار يمر في المنطقة حينها، ولاحقاً بعد عامين تقريباً أصبح هناك منازل عدة وكان لا يزال القطار موجوداً إلى عام 1986، حيث توقف حينها.
تعيش حوالى 39 عائلة فلسطينية حالياً في حي التنك، وذلك بسبب غلاء الحياة الاجتماعية وصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للناس وقلة الحيلة، وعدم السماح للفلسطيني بأن يتملك في الخارج، وغلاء ثمن الإيجار عليهم مما باتوا مضطرين للسكن في حي التنك رغم تهديد الدولة اللبنانية لهم بالإخلاء.
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يقول ناصر حمادة وهو لاجئ فلسطيني في حي التنك بمدينة صيدا: "تعود أصول العائلات التي تسكن حالياً في حي التنك إلى مخيم النبطية حيث كان أول سكانه من حي النبطية، أي أولاد عمي وأهلي وأقرباءنا، فإنا كنا قد تهجرنا من حي النبطية على أثر الغارة الإسرائيليةعامي 1972 و1974 فانطلقنا عام ٧٢ إلى تل الزعتر وبقينا إلى شهر آب/ أغسطس حتى خرجنا منه، وطبعاً تنقلنا بعد تل الزعتر إلى أكثر من نقطة من صبرا، الدامور، النبطية، صيدا، بيروت ومن ثم استقرينا هنا في حي السكة بمدينة صيدا".
وحول تبعية حي التنك جغرافياً إلى مخيم عين الحلوة، يجيب حامدة: "جغرافيا كان يتبع لمخيم عين الحلوة، حيث كان الحي تجمعاً صغيراً توجد فيه خدمات للأونروا لكنه ليس تابعاً للوكالة. كانت المسافة بين الحي وعين الحلوة تتطلب ٥ دقائق تقريباً، ولكن عندما تم فتح الأوتستراد تم شق البيوت التي كانت موجودة، وقاموا بفتح مشروع خاص، فأصبحت المسافة أكبر وانعزلنا حينها عن المخيم. في السابق كنا نأخذ كهرباء ومياه من عين الحلوة، لكن الوضع الآن مختلف فالمياه الموجودة يستفيد منها القليل أي حوالي ١٢ منزلاً فقط وبطبيعة الحال عندما كبرت عائلاتنا حينها ازدادت الحاجة إلى المياه والكهرباء والصرف الصحي".
وحول الحالة الاجتماعية لأهالي تجمع حي التنك، يعتبر حمادة أنه "من الصعب تحديد نسبة الفقر، ولكن يمكننا أن نتحدث عن الحاجة لدى الناس. فإنني شخصياً وبالرغم من أن وضعي أفضل من غيري لدي شابان يعملان لكنهما في سن الزواج ولا أستطيع تأمين منازل لهما للعيش فيه. وبسبب قيامي بعمار طابق فوق منزلي لأولادي تعرضت للسجن ٤ مرات وعقوبات من الدولة اللبنانية لأنها لا تسمح لي بالعمار أو أن أُضيف شيئاً على منزلي، تعتبر ذلك مخالفة غير قانونية".
بدوره، يقول ياسر حمادة وهو لاجئ فلسطيني في حي التنك بمدينة صيدا: "إنني مريض ربو أستعمل جهاز الأوكسجين وأشرب أدوية خاصة بالربو، هذه المتطلبات باتت باهظة الثمن، وهناك أدوية لا أستطيع إيجادها في الصيدليات. فإنني أضطر لأن أطلب من الناس أن يبحثوا في الصيدليات في مناطق مختلفة كبيروت وطرابلس لتأمينها وأحيانا كثيراً لا يجدونها".
ويضيف: " كنت أعمل سائق أجرة في السابق ولكن بعد صعوبة الأوضاع في لبنان لم يعد هناك عمل وبات الوضع المعيشي سيء جداً".
ويشتكي حمادة من "عدم توفر المياه والكهرباء والبلدية فليس لدينا خدمات مطلقاً، المياه خفيفة جداً وليس لدينا كهرباء، والأونروا لا تساعدنا على الإطلاق".
شاهد التقرير