تتصاعد الأزمة الإنسانية والمعيشية الحادة التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، متأثرين بانهيار اقتصادي في هذا البلد يرمي بثقله على المواطنين اللبنانيين واللاجئين منذ أكثر من 18 شهراً .
خلال هذه الشهور شهدت المخيمات الفلسطينية في هذا البلد احتجاجات واعتصامات ووقفات عدة جمعيها تطالب وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بالوقوف أمام مسؤولياتها تجاه اللاجئين سواء لناحية الإغاثة أو التشغيل أو الحماية من تداعيات الأوضاع المتدهورة.
بيد أن الوكالة غالباً ما تتذرع بأزماتها المالية كحجة لعدم توفير أمان اقتصادي واجتماعي للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ما يزيد من التهديدات التي تنذر بكسر صمود المخيمات واللاجئين.
على "أونروا" إطلاق نداء إنساني عاجل لدعم صمود اللاجئين الفلسطينيين
هذا الأمر يؤكده مدير منظمة ثابت لحق العودة العاملة ومقرها في بيروت سامي حموّد، ويقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنه في ظل استمرار الأزمات الخطيرة التي تعصف بلبنان وبالمخيمات الفلسطينية، لم تقم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بتحمّل مسؤولياتها تُجاه مجتمع اللاجئين، بل تركت المخيمات الفلسطينية عُرضة لمزيد من الأزمات والمعاناة اليومية دون أي تدخل إغاثي وصحي يُخفف من حِدة وآثار تلك الأزمات اجتماعياً واقتصادياً وصحياً.
وطالب حمّود الوكالة القيام بواجبها وتحمل مسؤولياتها والعمل على إطلاق نداء إنساني عاجل لدعم صمود اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والعمل على معالجة الأزمات الإنسانية على أكثر من صعيد، وأولى الخطوات المطلوبة هي توفير البطاقة التمويلية النقدية بقيمة 50 $ لكل لاجئ، وتُصرف بشكل دوري للاجئين الفلسطينيين.
كما دعا القوى والفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني التحرك والضغط على المجتمع الدولي ووكالة "أونروا" والسلطة الفلسطينية، للتدخل الإنساني والحد من الكوارث الاقتصادية والاجتماعية التي تهدّد واقع ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، مشيراً إلى ضرورة تشكيل خلية أزمة لمواجهة التداعيات الكارثية للواقع الإنساني، والعمل على توحيد الجهود وإطلاق المبادرات والحملات الإنسانية للمساهمة في التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في لبنان.
حالة العجز عن وضع خطة طوارئ جدية تثير الشكوك حول وجود أجندات سياسية
أيضاً، يحمّل مدير مركز التنمية للدفاع عن حقوق الفلسطينيين سامر مناع إدارة "أونروا" المسؤولية عن الأوضاع الكارثية التي وصل لها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وخاصة في المخيمات التي تحوّلت إلى مناطق بؤس وشقاء قابلة للانفجار الاجتماعي في أي لحظة.
وأشار مناع لموقعنا إلى أن اللاجىء الفلسطيني في لبنان عاجز عن تأمين الحد الأدنى من الدواء والاستشفاء ومقوّمات العيش بكرامة، مضيفًا أنّ حالة العجز في وضع خطة طوارىء جدية على المستويات الصحية والتعليمية والإغاثية غير مبررة، وأصبحت تثير الشكوك في أنها ترتبط بأجندة سياسية خارجية تسعى إلى تمرير حلول تهجيرية على حساب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وخاصة حق العودة.
ورغم سوداويّة الواقع، يقول منّاع: إنّ الأمل يبقى في الشباب الفلسطيني النابض بالحياة والنجاح والارداة، خاصة بعد النتائج المشرّفة في امتحانات الشهادة الثانوية، مؤكّداً "أنّ هذا الشعب الحي يستحق العيش في ظروف مثالية إلى حين تحقيق العودة".
يجب على الوكالة إعلان المخيمات الفلسطينية في لبنان كمناطق منكوبة
رئيسة جمعية هنا للتنمية_الحولة ومقرها في مخيم عين الحلوة وصيدا نوال محمود تعبر عن استغرابها مما وصفته بـ "الاستجابة الضعيفة" لوكالة "أونروا" المفترض أنها الجهة الرئيسية المنوط بها تأمين حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين كونها أنشئت من أجل ذلك.
ترى محمود أن الوكالة يجب أن تعلن المخيمات كمناطق منكوبة، معللة ذلك بالقول: "في الوقت نفسه برزت كأحد معالم الصبر والصمود والعطاء الفلسطيني والاصرار أن اللجوء مؤقت بانتظار العودة الى فلسطين، لكن مع تضاعف أعداد الفلسطينيين في المخيمات وعدم سماح السلطات اللبنانية بتوسيع حدودها اضطر الفلسطينيون إلى تكثيف البناء داخلها حتى أصبح معظمها لا يدخله النور، ومع الأزمة الحالية في لبنان وانقطاع الكهرباء بشكل دائم زادت الظلمة حتى لم تعد تميز ليلها من نهارها، أنّ نسبة البطالة ارتفعت بشكلٍ كبيرٍ وخطير في صفوف المجتمع الفلسطيني أوّلًا بسبب قوانين الدولة اللبنانية التي تحرم الفلسطيني من العمل في معظم المجالات، وثانياً بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان الذي أثّر بشكل مباشر على من كان له فرصة عمل سواء في مؤسسات خاصة أو مشاريع فردية، وحتى الملاذ الأخير الذي تبقى للأسر الفلسطينية بالتحويلات النقدية من أقاربهم بالخارج بات شبه معدوم في ظل قوانين المصارف".
وعليه، تطالب محمود بالضغط على الوكالة للتدخل الفوري واتخاذ التدابير اللازمة لمنع انهيار المخيمات وتقديم الدعم الشامل للقطاع الصحي والقطاع الاقتصادي لتحافظ المخيمات على صمودها إلى حين العودة"
"أونروا" ستعلن عن خطة طوارئ في الأيام المقبلة
ورداً على هذه الانتقادات يقول المتحدث الإعلامي في "أونروا" فادي الطيار لموقع "بوّابة اللاجئين الفلسطينيين" إنّ خطة الطوارئ موجودة وسيتم الإعلان عن تفاصيلهها في الأيام المقبلة.
مضيفًا أنّ "الأونروا تبذل قصارى جهدها للتخفيف من المعاناة التي يواجهها لاجئو فلسطين في لبنان من خلال الاستمرار بضمان توفير الخدمات المنتظمة التي تقدمها للاجئي فلسطين، بالإضافة إلى توفير المزيد من المساعدات النقدية"، موضحًا أنّ إدارة الوكالة تواصل طلب مساعدات مالية إضافية حتى تتمكن من الاستجابة للأوضاع المتدهورة في لبنان وحتى تقوم بعملها بشكل أفضل.
وبحسب الطيّار، فإن "أونروا" ملتزمة بتوزيع المساعدات النقدية إلى جميع عائلات اللاجئين الفلسطينيين المحتاجة على مراحل، على أن تبدأ المرحلة الأولى بأسرع وقت في مطلع أيلول2021 وتشمل فئات معينة حددتها الوكالة بالإضافة إلى المسجلين في برنامج شبكة الأمان الاجتماعي واللاجئين الفلسطينيين من سوريا، وسوف تكون المساعدة النقدية لهذه الفئات الجديدة بقيمة 40 دولاراً للشخص الواحد، وستُصرف بالدولار الاميركي بعد التحقق من المستفيدين، مبيّنًا أنّ هذه المساعدات النقدية تُضاف إلى المساعدات الدورية المنتظمة التي يحصل عليها المسجلون في شبكة الأمان الاجتماعي واللاجئون الفلسطينيون من سوريا.
أما في المرحلة الثانية فتتعهد "أونروا"، خلال مهلة ثلاثة أشهر، بإضافة فئات أخرى من اللاجئين الفلسطينيين المحتاجين، وستقدم لهم المساعدات النقدية بعد إجراء عملية التحقق.
وأردف الطيار، في موازاة ذلك، سوف تقوم الوكالة بعملية مراجعة وتقييم لكل العائلات المحتاجة في مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من أجل ضمان استمرارية واستدامة المساعدة الإغاثية لهم، "وستستمر في جهودها الحثيثة لتأمين التمويل للتخفيف من معاناة لاجئي فلسطين في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان".
وبحسب الطيار فإن الوكالة بدأت بتقديم مساعدة نقدية لمرة واحدة للعائلات النازحة من مخيم نهر البارد بقيمة 150 دولاراً لكل عائلة نازحة مؤهلة، بالإضافة إلى المساعدة النقدية لبدل الإيجار بقيمة 50 دولارًا للعائلات النازحة المستحقة التي لم تعد بعد إلى منازلها بانتظار إعادة اعمارها .
يقول الطيار أيضاً: إن الوكالة تكثّف جهودها لتلبية الاحتياجات من المازوت وقدرة المولدات الكهربائية لتأمين إمدادات المياه للمخيمات.
ويختم بأن: وكالة "أونروا" تواصل جهودها في لبنان وفي الرئاسة حتى يكون هناك دعم أكبر من المجتمع الدولي للوضع الصعب للغاية الذي يواجهه اللاجئون الفلسطينيون.
إدارة الوكالة غائبة عن المشهد والمفوض العام لـ "أونروا" لا يتعامل بجدية
من جهته لا يرى المختص والباحث ومسؤول ملف "أونروا" في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان عارف أبو خليل أن الوكالة تتجاوب بالسرعة المطلوبة لاحتياجات اللاجئين، داعياً "أونروا" إلى إعلان حالة طوارئ إنسانية اليوم قبل الغد، مشيرًا إلى أنّ إدارة الوكالة غائبة عن المسرح بشكلٍ مريب والمفوّض العام لا يتعامل بجديّة مع الأزمة ولا يكترث لخطورة العواقب التي قد يصل لها حال الفلسطيني اللاجئ في لبنان، معتبراً أنّ أي حجج حول نقص الموارد المالية هي حجج غير مقبولة على الإطلاق.
ويرفض المسؤول السياسي ما يصفه بسياسة ذر الرّماد في العيون التي تنتهجها وكالة "أونروا" لإسكات الناس عن متابعة تحصيل حقوقها.