قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الاثنين 23 أغسطس/ آب، إنّ الغارات الجوية "الإسرائيلية" التي دمّرت أربعة مبانٍ شاهقة -أبراج- في مدينة غزة أثناء الحرب الأخيرة في مايو/ أيار 2021 يبدو أنّها انتهكت قوانين الحرب وقد ترقى إلى جرائم حرب، حيث أصابت الهجمات المباني المجاورة بأضرار كبيرة، وشرّدت عشرات العائلات، وأغلقت عشرات الشركات التي كانت توفّر سبل العيش لكثير من الناس.
ولفتت المنظمة في تقريرٍ لها، إلى أنّه ومن بين 11 و15 مايو/أيار هاجمت قوات الاحتلال أبراج "هنادي، والجوهرة، والشروق، والجلاء" في حي الرمال المكتظ بالسكان، وسويت ثلاث مبان على الفور بالأرض بينما أصيب المبنى الرابع، "الجوهرة"، بأضرار جسيمة ومن المقرر هدمه، فيما تجادل السلطات "الإسرائيلية" بأن الفصائل الفلسطينية المسلحة استخدمت الأبراج لأغراض عسكرية، لكنها لم تقدم أي دليل يدعم هذه المزاعم.
أضرار لا تُحصى
بدوره، قال ريتشارد وير، الباحث في قسم الأزمات والنزاعات في "هيومن رايتس ووتش"، إنّ الغارات غير القانونية تسبّبت على ما يبدو بأضرار جسيمة ودائمة لعدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين عاشوا، وعملوا، وتسوقوا، واستفادوا من الأعمال التجارية الموجودة هناك، وعلى الجيش "الإسرائيلي" أن يقدم علناً الأدلة التي يقول إنه اعتمد عليها لتنفيذ هذه الهجمات.
وأشار التقرير إلى أنّ الأبراج ضمت عشرات الشركات، ومكاتب وكالات أنباء، والعديد من المنازل، حيث قال جواد مهدي (68 عاماً)، صاحب برج الجلاء والذي عاش هناك مع عشرات من أفراد أسرته: "كل هذه السنوات من العمل الشاق، كانت مكانا للعيش والأمان والأولاد والأحفاد، كل تاريخنا وحياتنا دمرا أمامنا... كأن أحدا يمزق قلبك ويرميه".
لا دليل على استخدام الأبراج عسكرياً
وبيّن التقرير أنّ الآثار طويلة المدى للهجمات تتجاوز التدمير الحالي للمباني، حيث فُقدت العديد من الوظائف مع إغلاق الشركات، وتهجّرت العديد من العائلات، في المقابل لم تجد "هيومن رايتس ووتش" أي دليل على أن أعضاء الفصائل الفلسطينية المشاركة في العمليات العسكرية كان لهم وجود حالي أو سابق في أي من الأبراج وقت الهجوم عليها، وحتى لو تحقق مثل هذا الوجود، يبدو أن الهجمات تسببت بضرر غير متناسب متوقع للممتلكات المدنية.
ورأت أنّه بموجب القانون الدولي الإنساني، أو قوانين الحرب، يجوز للأطراف المتحاربة استهداف الأهداف العسكرية فقط، وعند القيام بذلك، عليها اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين، وما لم تسمح الظروف بذلك، عليها إطلاق تحذيرات مسبقة فعلية بشأن الهجمات، حيث تُحظَر الهجمات المتعمدة على المدنيين والأعيان المدنية، بما فيها الانتقام من المدنيين، كما تحظُر قوانين الحرب الهجمات العشوائية بما فيها تلك التي لا تستهدف هدفاً عسكرياً محدداً أو لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، كما تُحظر الهجمات التي يكون فيها الضرر المتوقع للمدنيين والممتلكات المدنية غير متناسب مع المكسب العسكري المتوقع.
وكشفت المنظمة أنّها طلبت في 30 مايو/ أيّار تصاريح لباحثين كبار لدخول غزة لإجراء مزيد من التحقيقات في "الأعمال العدائية"، لكن السلطات "الإسرائيلية" رفضت الطلب في 26 يوليو/ تموز، كما ترفض السلطات منذ 2008 السماح لموظفي "هيومن رايتس ووتش" الدوليين بدخول غزة، باستثناء زيارة واحدة في 2016.
قصف الأبراج جزء من هجوم أوسع
وشدّد التقرير على أنّ الضربات على الأبراج الأربعة التي حققت فيها "هيومن رايتس ووتش" كانت مجرد جزء صغير من الهجمات العسكرية على غزة أثناء القتال في مايو/أيّار.
وأكَّد التقرير أنّ الباحثين لم يجدوا في الهجمات على الأبراج الأربعة أي دليل على وجود أعضاء من الفصائل الفلسطينية المشاركة في العمليات العسكرية في المباني أو وجودهم هناك مسبقاً لمدة طويلة، مُبيناً أنّ حجم الانفجار بعد ارتطام الذخائر والتفجير اللاحق، كما صُوِّر في مقاطع الفيديو التي وزعها الجيش "الإسرائيلي" أو تم تداولها على الإنترنت وراجعتها "هيومن رايتس ووتش"، يبدو متسقاً مع استخدام ذخائر برؤوس حربية كبيرة شديدة الانفجار نتج عن هذه الأسلحة المتفجرة آثار واسعة النطاق أدت إلى تدمير كل برج بشكلٍ كامل أو إلحاق أضرار جسيمة به، وإلحاق أضرار بالمناطق المحيطة، بما في ذلك المنازل، والشركات، والبنية التحتية.