عام 2018، تأسست هيئة العمل الفلسطيني المشترك، على اعتبار ضرورة أن يكون هنالك مرجعية فلسطينية موحدة، تنبذ كافة الخلافات الفلسطينية لما فيه مصلحة اللاجئين الفلسطييين في لبنان. وينضوي تحت الهيئة كافة الفصائل والأحزاب الفلسطينية الوطنية والإسلامية، بما فيها ممثلو منظمة التحرير الفلسطينية، وتحالف القوى الفلسطينية والقوى والفصائل الإسلامية والوطنية، وغيرها.
إلا أنّ الهيئة وعملها قد شابها الكثير من العراقيل، فتوقفت مرات عدّة عن الاجتماعات، ليعاد عملها في تموز/يونيو من هذا العام.
هذا الانقطاع جاء على إثر الخلافات السياسية بين حركتي فتح وحماس، في غياب لافت للوعي السياسي وتغليب الاختلاف على التوافق، كذلك جاء نتيجة واضحة لسلوك الساسة اللبنانيون الذي لم يبد جدية في الطرح، لعل ذلك مرده إلى عدم اهتمام بالشأن الفلسطيني أو أنّ تصاعد الخلاف بين الفصائل الفلسطينية ينفّر السياسيين اللبنانيين ويطمر المبادرات ويؤجلها.
ولكن ما يشهده لبنان في الشهرين الأخيرين مختلف، فالبلد في حال انهيار تام، وأنّ تعمق واشتداد الأزمة اللبنانية ساهم في تناسي تلك الخلافات ووضعها جانبًا بحسب ما يقول قياديون فلسطينيون في لبنان، ولكن هل تناسي الخلافات سيساهم في بلورة مساع إيجابية تنقذ اللاجئين الفلسطينيين من تداعيات انهيار لبنان الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي وقع الفلسطيني فيه.
الواقع على الأرض لا يبشر بذلك، وفق الملموس على أدنى تقدير، ولكل هل لأعضاء الهيئة الذين يحضرون اجتماعاتها بشكل دوري رأي آخر، هذا ما سيقف عنده هذا التقرير
لوباني: على الشارع الفلسطيني في لبنان التظاهر لمطالبة القيادات الفلسطينية بحقوقه
مسؤول العلاقات العامة والسياسية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، سمير لوباني يرى أنه يجب التعاطي مع الأمور بجدية وواقعية، إذ من جهة الدولة اللبنانية فهي لا تعترف بحقوق اللاجئين الفلسطينيين كما تنص عليه الشرعية الدولية، الأمر الذي ساهم على مدار سنوات في ازدياد حالة التذمر الفلسطيني، لاسيما أمام الضغط الأميركي على الفلسطينيين بعد رفضهم لصفقة القرن، فيما وكالة الأونروا والضغوط الأخرى المفروضة عليها ما دفعها للتخفيف من خدماتها للاجئين.
يقول لوباني لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إن "اجتماعات ولقاءات الهيئة شملت الجميع، ووجهت رسائل عدة للقيادة الفلسطينية في رام الله وغزة، و"في زيارة أبو العبد هنية إلى بيروت كذلك، أوضحنا له مطالب اللاجئين، وشكلنا هيئة عمل للتنسيق مع وكالة الأونروا، وثمار جهودنا الأخيرة أنتجت توزيع المساعدات التي سيتم توزيعها في اليومين المقبلين".
إلا أنّ لوباني أوضح، أنّ "كلّ هذا غير كاف، فالجهود يجب أن تضاعف وأن نعمل على إعداد خطة إنقاذية طارئة تنقذ اللاجئين الفلسطينيين من واقعهم المؤلم، كذلك الشارع الفلسطيني من جهته عليه أن يضغط عبر التحرك والتظاهر والمطالبة بحقوقه".
هيئة العمل الفلسطيني المشتركة ساهمت بتأمين المازوت لمخيم عين الحلوة ومخيمات الشمال
وبحسب القيادي في الجبهة الشعبية فإن المسؤولية تقع بالأساس على عاتق الدولة اللبنانية فوكالة الأونروا ثمّ منظمة التحرير، والجميع مطالب بأن يعترف بالحالة الصعبة التي نواجهها وإعلان حالة الطوارئ، وأن تبدأ الاجتماعات لنخرج بحل ينقذ الشارع الفلسطيني أو يخفف من أزمته، مشيراً إلى أن "هيئة العمل الفلسطيني قد عملت على حلّ العديد من الأزمات المعيشية خلال الأزمة الراهنة، منها ما هو متعلق بتأمين مادة المازوت لمخيم عين الحلوة في صيدا، وأخرى متعلقة بمخيمات الشمال، حيث يتمّ التنسيق مع المعنيين من رؤساء بلديات أو قادة الجيش وصولًا إلى المسؤولين اللبنانيين عبر علاقاتنا السياسية أو الفردية".
ويقول لوباني: إن "القيادة الفلسطينية طالبت اللاجئين في السابق وتطالبهم اليوم بالابتعاد عن الإشكالات والخلافات ونبذ كافة صور الفتنة، كذلك تطلب من كافة المعنيين عدم تحميل الفلسطيني المزيد من الضغوط كونه لن يتحمل، وسيكون مصيره الشارع والتظاهر لا محالة".
ما تشهده مخيمات الفلسطينيين في لبنان أكبر من قدرة الهيئة على المعالجة!
من جهته عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية، صلاح اليوسف، وصف مساعي هيئة العمل الفلسطيني المشترك بأنها "تكاد تكون غير ذي أهمية كبرى، لأنّ ما يجري أكبر من قدرتها على المعالجة"، مؤكدًا كذلك "عدم وجود خطة بديلة لدى هيئة العمل، والسبب في ذلك أنّ الإمكانيات المالية محدودة لإيجاد البديل"، وفق قوله.
وتابع اليوسف خلال حديثه لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ "أوضاع شعبنا الفلسطينية في لبنان صعبة وكل الخيارات مريرة بين انفجار اجتماعي وشيك، وبين اليأس والهجرة من استطاع إليها سبيلا".
وأكد القيادي في جبهة التحرير، "أولويتنا في هذه المرحلة الحفاظ على أمن شعبنا ومخيماتنا واستقرارهما وقطع دابر أيّ فتنة خاصة مع الإشكالات المتنقلة في المخيمات والتي اتخذ بعضها طابعًا سياسيًا، والالتزام بالحياد الايجابي وعدم زجنا في أتون الملف اللبناني والبقاء على مسافة واحدة من جميع الأطراف وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية".
وأشار اليوسف، إلى أنّ "الهيئة عقدت سلسلة اجتماعات مع المدير العام كلاودي كورودني بمشاركة رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة، وحددت مطالب هي بالأصل مكررة؛ بضرورة تحمل مسؤولياتها كاملة وإعلان حالة الطوارىء الصحية والإغاثية في لبنان لمواجهة تداعيات الأزمة اللبنانية وتفشي وباء كورونا بنسخته المتحور الهندي "دلتا"، اضافة الى المساعدة المالية التي ستقدمها مطلع شهر أيلول القادم أي بعد أيام قليلة".
ما قام به المستوى القيادي الفلسطيني لا ينسجم مع حجم التحديات والمخاطر
مسؤول الإعلام في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فتحي كليب، دعا عبر بوابة اللاجئين الفلسطينيين، إلى اجتماع عاجل لبحث العديد من القضايا والمشكلات والتحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية والمجتمعية التي تحتاج إلى تكاتف وتآزر الجميع من أجل معالجتها، خاصة أنّ ما قامت به مؤخرًا لا ينسجم مع حجم التحديات والمخاطر ومع حجم الاحتياجات المتزايدة للاجئين في ظل حالة الافقار الآخذة بالاتساع".
وأضاف كليب، أنّه "من الطبيعي أن تكون المرجعية الوطنية، معنية بتقديم إجابات حول الاجراءات التي ستتخذها، والتي من شأنها التخفيف عن شعبنا معاناته المتعددة الأشكال، خاصة مع بدء إجراءات رفع الدعم الحكومي وانطلاق العمل بالبطاقة التمويلية، والتي ستجعل من اللاجئين الفلسطينيين أكثر طلبًا للمساعدات الغذائية".
ويضيف: لذلك فإنّ هيئة العمل الفلسطيني المشترك، مدعوة للوحدة حول قضايا الناس الحياتية، وإبعاد انعكاسات الانقسام عن الساحة اللبنانية، وتنسيق جهودها بالتعاون مع الأونروا والدولة اللبنانية من أجل تأمين المتطلبات الحياتية خاصة العمل ما أمكن لتأمين المواد الغذائية والأدوية، خاصة تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة، إضافة إلى التعاطي مع اللاجئين باعتبارهم يعيشون في منطقة منكوبة اقتصاديًا واجتماعيًا، وليست هناك من أطر لا محلية ولا دولية تسعى لتقديم الاغاثة لهم، لذلك يجمع اللاجئون على مطلب خطة الطوارئ الإغاثية وتحسين خدمات الأونروا وزيادة تقديمات مؤسسات منظمة التحرير ومؤسسات المجتمع المدني".
وتابع: رغم الجهود المبذولة من قبل العديد من المرجعيات والفصائل والشخصيات والفعاليات والأطر المختلفة لتأمين حاجة المخيمات الفلسطينية من المشتقات النفطية، سواء الغاز المنزلي أو المازوت المخصص للمستشفيات والمراكز الصحية او مضخات المياه او المولدات الكهربائية وغيرها، إلا أنّ المشكلة هي في فردية هذه الجهود، وإن ما تحقق من إنجازات بهذا المجال في هذا المخيم أو ذاك، لا يفي الحد الأدنى من احتياجات اللاجئين الذي وإن كانوا يدركون حجم المشكلة التي تطال كل لبنان وليس فقط المخيمات، إلا أنّهم على يقين بأنّ المرجعيات المعنية، من الدولة اللبنانية ووكالة الغوث والمرجعيات الفلسطينية، بإمكانها التخفيف من حجم المشكلة إذا ما نسقت جهودها وتكاملت فيما بينها خدمة للاجئين ومصالحهم المعيشية والحياتية".
وطالب القيادي في الديمقراطية، بأن "يتمّ صياغة استراتيجية اقتصادية موحدة تقدم حلولًا وتقترح المعالجات والبدائل، وهو حل مقدم منذ عام 2018، غير أنّ واقع الانقسام كان أقوى من الجهود المخلصة الهادفة إلى التخفيف عن شعبنا همومه ومعاناته".
الدولة اللبنانية و"أونروا" والفصائل الفلسطينية لم تكلف نفسها عناء البحث الجماعي
وأشار كليب إلى "أيًا من الدولة اللبنانية أو الأونروا أو حتى الفصائل الفلسطينية، لم تكلّف نفسها عناء التوقف ولو لمرة واحدة للبحث بشكل جماعي وتشاركي في تداعيات عديد الأزمات التي تعتبر كل واحدة منها سببًا كافيًا لانهيار المجتمع الفلسطيني، ولم يلمس اللاجئون أن هذه المرجعيات قد تحملت مسؤولياتها في المعالجة، الأمر الذي أدى إلى ازدياد حالات الفقر والبطالة لتصل إلى ارقام مخيفة تهدد النسيج الاجتماعي للاجئين".
وأكد كليب، أنّ "الشعب الفلسطيني وعلى رغم أزماته قد تحلى، بحس وطني مسؤول، حيث رفض زجه في آتون الصراعات الداخلية اللبنانية وعمل جاهدًا على النأي بنفسه وبمخيماته بعيدًا عن تلك الصراعات، لكن هذا لا يعني أنّ الامور بخير، بل إنّ تزايد حالات الفقر والإفقار وازدياد العوز والحاجة عند الكثيرين من شأنه أن يرتد سلبًا على حالة الاستقرار التي ما زالت تعم كل مخيماتنا".