حالة من القلق والترقب تخيم على الأوساط الفلسطينية السياسية والشعبية في لبنان، مع اقتراب رفع الدعم عن المواد الأساسية المستوردة في السوق اللبناني نهاية الشهر الجاري، بالتزامن مع إصدار الدولة اللبنانية بطاقة تموينية مدعومة تساعد المواطنين اللبنانيين على شراء احتياجاتهم الأساسية، ودخولها حيز التنفيذ.
يأتي ذلك بعد تداول معلومات تفيد بأن البطاقة ستكون مخصصة للفئات الفقيرة أو للجميع من اللبنانيين فقط، دون أن تشمل اللاجئين الفلسطينيين أوالنازحين السوريين.
وأدى هذا إلى دعوات عدة للمستوى الرسمي والفصائلي الفلسطيني ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" من أجل أن تتحرك بشكل عاجل، لدراسة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وإيجاد بدائل في حال لم تشملهم البطاقة التموينية، خاصة أن الأزمات اللبنانية فاقمت الأحوال المعيشية للاجئين سوءاً، الأمر الذي يستدعي شمولهم ضمن الفئات التي تنطبق عليها معايير البطاقة.
فهي بطاقة ذكية، يحصل على أساسها المواطنون على السلع الأساسية مثل الخبز والمحروقات والدواء بسعر مدعوم، بعد قرار مصرف لبنان إيقاف الدعم عن السلع الأساسية في لبنان.
مساعي لتأمين بدائل للبطاقة
في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، يؤكد أمين سر حركة فتح وفصائل "م.ت.ف في منطقة صيدا"، ماهر شبايطة، أن "هناك نقاشات دائمة تجري بين هيئة العمل الفلسطيني المشترك ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حول موضوع البطاقة التموينية وإمكانية شمولها اللاجئين الفلسطينيين، لكن المسؤول الأول عن المخيمات الفلسطينية هو وكالة الأونروا، إذ أبلغنا الوكالة مسؤوليتها عن إصدار بطاقة شبيهة للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
ويضيف شبايطة: "اجتمعنا منذ بضعة أيام مع ممثلي وكالة الأونروا، وتطرقنا لمواضيع عدة تهدد حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، على سبيل المثال مصير اللاجئين بعد رفع الدعم عن السلع اللبنانية، والعام الدراسي ومصير الطلاب في ظل الغلاء الفادح، خاصة أن رب الأسرة يعجز حالياً عن دفع ثمن نقليات المدرسة لابنه. وتطرقنا أيضاً لموضوع البطاقة التموينية، وتلقينا رداً من وكالة الأونروا مفاده أنها ستسعى لتأمين بديل عن البطاقة التموينية إذ لم تشمل اللاجئين الفلسطينيين".
ويرى شبايطة أن "وكالة الأونروا رغم أنها تتسم بالمماطلة إلا أنها غير قادرة على رفض المطلب الفلسطيني الجامع حول تأمين بطاقة تموينية للاجئين. وفي حال لم تبذل وكالة الأونروا جهداً في إصدار البطاقة، سوف يتم تنفيذ اعتصامات حاشدة ضدها كي تقوم بواجباتها في تأمين لقمة عيش للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
ضغوطات دولية
يتهم مدير "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين"، علي هويدي، وكالة "أونروا" بالتقصير إلى حد كبير في متابعة ملف إصدار البطاقة التموينية للاجئين الفلسطينيين، قائلاً: "حتى هذه اللحظة لا يوجد أي مؤشر نحو عزم وكالة الأونروا اتخاذ قرار بإصدار البطالة التمونية للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
ويتابع هويدي: "طالبنا وكالة الأونروا مرات عدة أن تطلق نداء طوارئ خاص لفلسطينيي لبنان، ولكن للأسف لم يؤخذ طلبنا بعين الاعتبار، رغم أن الوكالة كانت تطلق نداءات استغاثة سابقاً في سوريا وقطاغ غزة رغم عدم وجود أزمات مستفحلة".
ويكشف هويدي وفقاً لمعلومات من مصدر موثوق في الأمم المتحدة أن "وكالة الأونروا تتعرض لضعوطات من قبل الإدارة الأمريكية والكيان الإسرائيلي وفرنسا، لعدم إطلاق نداء طوارئ خاص بفلسطينيي لبنان، بهدف بقاء الأزمة الاقتصادية والسياسية قائمة على ما هي عليه، وعدم وجود تحسينات تتمثل بإدخال دولارات في لبنان".
ويؤكد هويدي أن وسائل الضغط على وكالة "أونروا" ستبقى مستمرة، حتى تشعر بحجم المخاطر الاجتماعية والاقتصادية التي تحيط باللاجئين الفلسطينيين، خاصة بعدما وصل معدل الفقر في المخيمات إلى 80%، وناهز معدل البطالة 90% في أوساط اللاجئين في لبنان، مشيراً إلى أن الاعتصامات ستبقى مستمرة، فضلاً عن الاجتماعات المتواصلة كمؤسسات مجتمع مدني مع هيئة العمل الفلسطيني المشترك، للمساهمة في مزيد من الضغط على وكالة الأونروا".
ويرى هويدي أن هناك وضعاً إنساني مستفحلاً للاجئين في لبنان، ولم تطلق "أونروا" أي نداء عاجل، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن ما سربه مصدر موثوق في الأمم المتحدة صحيح، بحسب قوله.
الأونروا: ضرورة تطبيق مسح للمحتاجين
"لا توجد ضغوط سياسية على وكالة الأونروا لعدم تقديم أي مساعدات طارئة يحتاجها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، لكن هناك منافسة قوية للحصول على تمويل من المانحين، وهم يتوقعون أرقاماً وتقييمات دقيقة"، هكذا ردت وكالة الأونروا في لبنان، على لسان المتحدثة باسم وكالة الأونروا في لبنان، هدى السمرا، بشأن ما سربه مصدر موثوق في الأمم المتحدة، حول ضغوطات تمارس على الوكالة لعدم إغاثة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
وقالت السمرا في حديث لـ بوابة اللاجئين الفلسطينيين: تدرك الوكالة الواقع الصعب الذي يعيشه اللاجئون الفسطينييون في لبنان، بفعل الأزمات التي يشهدها لبنان وأثرت على أوضاعهم المعيشية بشكل كبير، إذ تبذل الأونروا قصارى جهدها للتخفيف من معاناة اللاجئين عبر مواصلة توفير الخدمات المنتظمة التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين (تعليم، صحة وإغاثة) بدون انقطاع، والعمل على توفير مساعدات نقدية إضافيسة".
وتضيف: بدأت الأونروا منذ مطلع أيلول/ سبتمبر بتوزيع مساعدة نقدية للأطفال الفلسطينيين قيمتها 40 دولار أمريكي للفرد الواحد، وستواصل طلب مساعدات مالية إضافية حتى تتمكن من تقديم دورات أخرى من المساعدات النقدية.
في موازاة ذلك، "ستقوم الأونروا بعملية مراجعة وتقييم لكل العائلات المحتاجة من اللاجئين الفلسطينيين. لكن من أجل التمكن من تنفيذ برنامج مستدام للمساعدة، شبيه بالبطاقات التموينية التي يتم العمل على تطبيقها في لبنان، تحتاج الوكالة لتأمين تمويل إضافي مستدام، وهي تواصل كل جهودها بهذا الخصوص، بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية والبنك الدولي ووكالات الأمم المتحدة الأخرى، مثل مفوضية شؤون اللاجئين"، بحسب السمرا.
وتتابع: "من أجل تأمين التمويل المستدام يتوقع المانحون تحققاً حول من يحصل على المساعدات وأعدادهم من اللاجئين، لكن رفضت الجهات الفلسطينية تنفيذ تقنية مسح بصمة العين، وهي الطريقة المثلى التي تعتمدها وكالات الأمم المتحدة الأخرى في لبنان للتحقق من الأعداد، لذا تستخدم الأونروا في إطار برنامجها الحالي للمساعدات النقدية وسائل أخرى لإحصاء أعداد اللاجئين والتحقق من ظروفهم المعيشية لإجراء الحملات الإغاثية اللازمة".