فوق خشبات المسارح، اختار اللاجئ الفلسطيني عزالدين أبو حويلة "أن يضمد جراحه بعد أن نزفت حروفه حد الموت، فعند الاحتضار تولد الكلمات" هكذا يلخص الفنان المسرحي والشاعر عز الدين علاقته بالكتابة والتمثيل، بعيداً عن الطقوس الممتعة التي يعيشها لحظة استحضار النص، فما ينزفه في الكتابة يفرغه تمثيلًا.

عزّ الدين المنحدر من  مدينة الرملة  المحتلة، واللاجئ الفلسطيني في الأردن، عشق المسرح والكتابة منذ صغره ، فبدأ مسيرته المسرحية عام 2011 في المرحلة الأساسية المدرسية، وكان يكتب ويخرج ويمثّل المسرحيات آنذاك، ومن أهم مسرحياته في تلك الفترة مسرحية البيئة والاستقلال والكرامة، والعديد من الأعمال الأخرى.

كغيره من الأطفال الفلسطينيين، تربى في كنف عائلة  تعشق فلسطين، اتخذت من الكلمة وسيلة نضالٍ وكفاح ٍومقاومةٍ، فوالده شاعرٌ ترجم الكلمات إلى عمل وطني يرفض واقع الهزيمة.

صقل الموهبة

في عام 2013  وقف للمرة الأولى على منصة المسرح يلقي الشعر، وسط جمهور كبير يقول: "في البداية كنت أكتب الشعر نثرًا وخواطر ثم تعلمت الكتابة الصحيحة على أسس و عناصر موسيقى الشعر".

   ظل يثابر ويتعلم وحده، يقرأ ويتابع الأعمال المسرحية، ويكتسب الخبرات والمعرفة والثقافة المسرحية، وفي عام 2016 انضم لفرقة "خطوة بخطوة"، ومن أهم مشاركاته مع الفرقة مسرحية "حكاياتنا ما بتخلص" والتي تدور أحداثها حول أدب السجون .

يقول عزّ الدين لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن الهدف من المسرحية إيصال  رسالة للناس أن السجن ليس السجن الذي  يقبع به السجين خلف الزنزانة، إنما  هو السجن  الفكري والعقلي وسجن العادات والتقاليد، ومن لا يطلق العنان لأفكاره للإبداع فهو سجين.

WhatsApp Image 2021-10-02 at 2.40.07 PM.jpeg

أغلب الأعمال المسرحية التي شارك بها أبو حويلة من كتاباته وتمثيله، و إن لم تكن تدور أحداثها ومحتواها عن القضية الفلسطينية  بشكل كامل، هناك خيط يتحدث عنها، يقول أبو حويلة: نتحدث عن فلسطين ولفلسطين في معظم الأعمال من أجل توعية جميع أبناء المخيمات بحق كل لاجئ  فلسطيني بالعودة إلى دياره المحتلة، وحتى تبقى فلسطين هي البوصلة التي توحدنا جميعًا".

يضيف: أن الفلسطيني على صراع دائم مع الاحتلال الصهيوني، ليس على الأرض  التي اغتصبها المحتل فقط، ولكن لتفنيد الرواية الكاذبة التي ينشرها، من أجل إلغاء  التراث والوجود الفلسطيني، فالفن حسب رأيه لغة الشعوب ولغة السلام، نقاتل من خلاله لتحيا فلسطين.

قضايا سياسية عبر الفن

مسرحية حواجز تعد من أهم أعماله، تحدثت عن القضية الفلسطينية وهرولة بعض الدول العربية نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتخاذل والاستنكار العربي  اتجاه فلسطين وقضيتها، وعرضت ثلاثة عروض في عمّان والزرقاء ولواء رصيفة.

وعن اختيار اسم "حواجز" يوضح أبو حويلة أن الاسم أصعب من كتابة النص وتمثيله،  وأنه يسعى دوماً إلى اختيار اسم شمولي، يوحي بأكثر من فكرة للمشاهد في ذات اللحظة،"فالحواجز" الإسرائيلية" هي التي تحد من التنقل بين الأراضي الفلسطينية، وهناك حواجز وحدود  بين الأوطان العربية فرضت على شعوبها، إضافة إلى الحواجز والقيود التي كبلت علاقة الأخ بأخيه والجار بجاره، فالحاجز قد لا يكون في الطرقات إنما في داخلنا يسيطر على مشاعرنا، "يكفينا حواجز بيننا وبين بعض".

يتابع: أن زمن ومكان المسرحية كان في مدينة يافا المحتلة "عروس البحر"، مشيراً إلى أن عدم القدرة على الذهاب إلى فلسطين المحتلة والتعرف على جمالها الآخاذ، جعلهم يحاكون هذا الجمال من خلال مسرحية "حواجز" بهدف أن يعززوا الارتباط بالأراضي والمدن المحتلة.

أعمال هادفة

ومن أعماله مسرحية "بالقراءة نحيا" التي هدفت إلى تشجيع الجيل الجديد وحثه على استغلال وقته بالمطالعة، ومسرحية "خبايا" التي سلطت الضوء على قضية التنمر سواء في البيت  أو المدرسة أو مكان العمل، وكلتا المسرحيتين كانتا ضمن المسرح التفاعلي، الذي يتيح للجهور مناقشة القضايا المطروحة مع طاقم العمل من أجل إيجاد حلول للمشاكل التي طرحت.

وفي ذكرى معركة الكرامة المعروفة بأنها أول انتصار عربي فلسطيني على الكيان الصهيوني بعد هزيمة حزيران عام 1967، شاهم في تمثيل مسرحية "نقطة" التي تمحورت حول الشهادة والشهداء، وحول هذا يقول أبو حويلة: "في حال كان هناك أي  اختلاف في التوجهات السياسية وانقسام في الآراء،  تظل قضايا الوطن والشهادة  في سبيله توحدنا".

يسعى عزّ الدين من خلال أعماله أن تكون القضية الفلسطينية في المقدمة دائماً،  وألا تكون قضية موسمية نتحدث عنها نتيجة أحداث تفرض نفسها على وسائل الإعلام وعلى الساسة، خاصة أن "أغلب الإعلام الدولي والعالمي إعلام موجه لخدمة جهات معينة" بحسب قوله

    وله عدة أعمال مسرحية مونودرامية أهمها "هستيريا خاصة" "صراع مع النفس" "تمرد" "والله زمن" "سلم الهاوية".

حاز عزّ الدين على المركز الأول في مسابقة "موهبتي من بيتي" لأسبوعها الرابع عن قصيدة "خلف النوافذ"، كما نال عدداً من الجوائز والدروع وشهادات التقدير، على مشاركاته الأدبية والثقافية والفنية المختلفة في عدة أمسيات ولقاءات ومهرجانات.

يقول: من الضروي أن نقاوم بشتى الوسائل بالبندقية والريشة والقلم و الفنون، من أجل الحفاظ على الذاكرة والهوية الفلسطينية في وجه الاحتلال.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد