ما يزال تفشي فيروس كورونا داخل عددٍ من المخيمات الفلسطينية في سوريا يشكل خطراً يواجهه اللاجئون الفلسطينيون، نظراً لنقص الخدمات الصحية والطبية وطبيعة الأوضاع المعيشية في هذا البلد.

وصار التخوف من الموجة الرابعة للوباء في التجمعات الأكثر عرضة لانتشاره كمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث تزداد الكثافة السكانية، قضية تشغل مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات اجتماعية فلسطينية في الآونة الأخيرة.

مخيم خان الشيح أحد هذه المخيمات التي لم تنته فيه بعد تبعات الحرب التي عصفت بالبلد على مدار تسع سنوات، وأسفرت عن دمار للمستشفيات والمراكز الطبية وشبه انهيار للقطاع الصحي، حتى أثار وصول الموجة الرابعة من فيروس كورونا " كوفيد 19 " شبح مخاوف جديدة لدى أهل المخيم من انتشارها داخل المخيم، وبدأت تظهر تلك المخاوف بعد إصابة عدد من أبناء المخيم بفيروس "كورونا" وأدت هذه الإصابات إلى وفاة عدد منهم في الآونة الأخيرة.

مناشدات أطلقها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ودعوا فيها جميع أبناء المخيم إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة تفشّي الوباء عقب الارتفاع بإعداد الإصابات، كما دعوا أبناء المخيم إلى عدم الاستهتار والحد من المناسبات والزيارات.

 الازدحام اليومي على فرن الخبز الوحيد في المخيم أحد أسباب تفشي العدوى

"أبو كرم" لاجئ فلسطيني يشتكي من الاصطفاف الكثيف أمام فرن الجليل في مخيم خان الشيح، معتبراً أن الأمر يساهم في ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا.

أيضاً اللاجئة الفلسطينية "أم مصطفى محمود" كما تسمي نفسها على فيسبوك قالت: أن تجمهر الناس بأعداد كبيرة في دور الفرن دون أي إجراءات للوقاية هو الذي يزيد من ارتفاع الإصابات، وتطالب بإعادة عمل المعتمدين داخل المخيم لتوزيع الخبز على الأهالي الى حين انخفاض أعداد الإصابات وحل مشكلة التجمهر أمام الفرن.

ويصطفّ الأهالي يوميّاً لساعات عدة، بينهم نساء وكبار في السنّ، من أجل الحصول على الخبز، لتضاف مخاطر تلقي عدوى "كورونا"  إلى مشقّة الحصول على الخبز وتحمّل صعوبة الاصطفاف الطويل.

والجدير بالذكر، وجود صعوبة في الحصول على الخبز في المخيّم، نظراً لوجود فرن واحد فقط جرى إعادة تأهيله منذ توقّف العمليات الحربية بين النظام السوري والمعارضة في منطقة المخيّم عام 2016، ما يزيد من الازدحام والتدافع في الطوابير.

 أعداد الوفيات بسبب "كورونا" ترتفع وسط غياب شبه كامل من قبل "أونروا"

وارتفع عدد الوفيات جراء الإصابة بفيروس كورونا إلى أعلى مستوى له منذ انتشار الوباء في كانون الأول / ديسمبر 2019 داخل المخيم، حيث وثقت بعض صفحات مخيم خان الشيح على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 10 حالات وفاة خلال أقل من شهر.

 وأفاد مصدر من أبناء المخيم لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، رفض ذكر اسمه أن اغلب الوفيات خلال الأسبوعين الأخيرين في مخيم خان الشيح هي لحالات إصابة بفيروس كورونا .

وأضاف: أن الوضع الصحي في المخيم مزرٍ للغاية في ظل غياب شبه كامل للخدمات الصحية والطبية، وأرجأ ذلك لتقاعس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عن تأمين اللقاح للاجئين الفلسطينيين أو تزويد المخيم بكادر طبي متخصص للتعامل مع هذه الحالات .

 وحذّر من أن الاستمرار بهذه الوتيرة من عدم الوعي والاستهتار من البعض في المخيم سيفاقم الوضع إلى اسوأ وسنسمع عن حالات وفاة أكثر.

تأتي هذه الأنباء، وسط ارتفاع في تسجيل حالات إصابة بفايروس " كورونا" المتحور في عموم أنحاء سوريا، حيث بلغ عدد الإصابات وفق أرقام وزارة الصحّة التابعة للنظام  إلى 280 حالة مؤكّدة 26 حالة منها في محافظة ريف دمشق حتى لحظة إعداد هذا التقرير .

 المخيم يفتقد لكادر طبي والمرضى يضطرون للعلاج خارجه

ويعاني مخيّم خان الشيح كسواه من المخيّمات الفلسطينية في سوريا من ضعف في الخدمات الصحيّة والطبية وقلة الأطباء والمراكز الطبية في ظل تهميش من قبل وكالة "أونروا"، وسط مطالب بتعزيز الواقع الصحّي، وزيادة الخدمات الطبيّة وتقديم الأدوية، في ظل واقع صحّي شبه منهار.

ويضم المخيم مستوصفان أحدهما تابع لوكالة "أونروا" يقدم خدمات طبية بسيطة إذ يوجد طبيب عام واحد وآخر طبيب أطفال، ويقتصر عمل المستوصف على المعاينات البسيطة ووصف أدوية الضغط والسكري للمرضى بشكل دوري ومراقبة الحوامل .

ومستوصف عبد القادر الحسيني التابع لجيش التحرير الفلسطيني والذي يعتبر مُعدماً خدماتياً من حيث الكادر الطبي والمعدات منذ سنوات طويلة وتقتصر خدماته على المعاينة فقط مقابل أجور بسيطة .

محمد أبو جعفر من أهالي المخيم يقول لموقعنا: إن المخيم يفتقد بشكل كبير لكادر طبي من أطباء متخصصين وممرضين، وخاصة في ظل الموجة الرابعة من وباء كورونا المتحور.

 ويضيف أبو جعفر:  أن الإصابات بفيروس "كورونا" لاتجد من يتابعها من اختصاصين لديهم القدرة والكفاءة لمواجهة الفايروس والحد من ارتفاع الإصابات .

ويشرح أبو جعفر بعيداً عن تداعيات فايروس كورونا أن أي مريض يحتاج الى أي طبيب من اختصاص معين ولايجد ذلك داخل المخيم يضطر للخروج إلى المناطق المحيطة بالمخيم أو إلى العاصمة دمشق للعلاج وذلك يزيد من أعباء اللاجئ المادية من حيث أجرة كشف الطبيب المرتفعة والمواصلات.

ويعتبر مخيم خان الشيح  ثالث أكبر المخيمات الفلسطينية  المعترف بها في سوريا، وهو من أقدم المخيمات الفلسطينية والأقرب إلى حدود فلسطين المحتلة بمسافة لا تتعدى ستين كيلومتراً، فيما يعاني اللاجئون الذين بقوا فيه اليوم ظروفاً معيشية صعبة، لا سيما على صعيد الخدمات والصحة.

ويذكر أنّ مطالبات اللاجئين الفلسطينيين في المخيم، لم تتوقف منذ بدء جائحة "كورونا" سواء لوكالة " أونروا" أو "للهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب" من أجل التصدي لمسؤولياتهما، وعلى رأسها تأهيل المستوصفات الصحيّة في المخيّم وتجهيزها لمواجهة المرض، سواء لجهة تزويدها بالمعدّات والمستلزمات الطبيّة والمختبريّة اللازمة، وتوفير أماكن للحجر الصحّي.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد