من منّا ينسى مشهد الطفل محمد الدرّة في حضن والده، مضرجاً بدمائه ووالده يصرخ بأعلى صوته: "إسعاف إسعاف.. مات الولد، مات الولد"، وبعدها بدقائق غرق الطفل محمد في دمائه وبقي جُرح والده مفتوحاً على المدى.
21 سنةً مرّت على هذا المشهد، حيث هزّ استشهاد الطفل محمد الدرة في أحضان والده برصاص الاحتلال الصهيوني وجدان العالم، وبكل تأكيد ما زالت هذه اللحظة ماثلة في حياة والدة ووالد هذا الطفل الشهيد.
يقول جمال الدرة والد الطفل الشهيد محمد الدرة لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ هذه الصورة هزّت العالم لأنّها كانت تصوير مباشر وفي حالة إطلاق النّار عليّ وعلى ابني، وكل العالم شاهد مدى هذا الإجرام والإرهاب الصهيوني في حق هذا الطفل الفلسطيني، لافتاً إلى أنّ الـ 21 سنة التي مرت كأنّها 21 ثانية فقط، وهذه اللحظة ما زلت أعيشها كل يوم، لا يمكن أن تمحى من ذاكرتي، والجرح الذي خلفته من المستحيل أن يندمل.
يُتابع والد الشهيد وهو لاجئ فلسطيني يقطن في مخيم البريج شرقي غزة: حتى عندما أتوجه إلى غزة وإلى مخيم البريج ومعي أفراد من عائلتي أو من أبنائي أذهب بهم إلى المكان وأريهم المكان الذي استشهد فيه محمد وهناك الكثير من الشهداء في منطقة مفترق "نتساريم" ومفترق الشهداء روي بدماء أبناء شعبنا.
أمّا والدة الطفل الشهيد محمد الدرة، تقول لموقعنا: في كل يوم نتذكّر محمد، ويوم استشهاده كان من أصعب يوم في حياتي في 30/9 من العام 2000 أمام الكاميرا، وأنا عندما شاهدته على التلفاز لم أصدق، كنت جالسة أتابع أحداث "نتساريم" وعرضوا صورة لمحمد فشبّهت عليه أنّه هو، لكنّ قريبتي التي كانت تزورني قالت لي لا يشبهه، وفعلاً لم أشك 1% أنّ ابني هو هذا الشهيد.
تتابع الأم: في ذلك اليوم تأخر محمد هو ووالده وكانا خارج المنزل منذ الصباح، لكن لم يخطر على بالي في يوم من الأيام أن محمد سيستشهد أو يمون بهذه الطريقة، هذه أصعب طريقة وكانت أمام الكل.
وحول الجانب القانوني من القضية، يوضح والد الشهيد: طبعاً لا تسقط أي قضية بالتقادم إلا في قوانين الوضعية التي تعمل بها "إسرائيل" وهذا الاحتلال الذي ما زال يحاكم النازيين إلى يومنا هذا كيف لا تسقط لهم أي قضايا وقضايا الشعب الفلسطيني تسقط!.
ويُشير إلى أنّه لن يستسلم، ولن نسلم لهم بذلك، وأنا طلبت وما زلت أطلب من الرئيس أبو مازن ومن كل مسؤول عربي ومن كل مسؤول فلسطيني إيصالنا إلى محاكم لاهاي ونحن جاهزون أن ندافع عن أنفسنا ونثبت للعالم مدى إرهاب هذا الاحتلال.
يذكر أن الاحتلال الصهيوني سعى مراراً، لتكذيب شريط الفيديو الواضح حول قتل جنوده الطفل الفلسطيني محمد الدرة في 30 أيلول/ سبتمبر عام 2000 ، وبعد جولات عدة في القضاء الفرنسي تركز معظمهما حول ما يسمى "حقيقة الشريط المصور وأنه غير مفبرك" بين قناة (فرانس 24) وجهات ادعت أن الشريط مفبرك، انتهت ببراءة المصور "شارل إندرلان" الذي نقل الشريط للقناة من أجل بث.
بعد ذلك، قرر رئيس حكومة الاحتلال السابق "بنيامين نتياهو" في أيلول/ سبتمير 2012 تشكيل لجنة للتحقيق في الأمر، انتهت بعد عام إلى الزعم بأن "لا دليل على أن الطفل محمد الدرة قتل بنيران إسرائيلية".
فيما قال والد محمد الدرة: إنه رفع قضية بالقدح والذم والتشهير من قبل الاحتلال الصهيوني وربح القضية عدة مرات في محاكم فرنسية ولكن القضاء الفرنسي فسخ الحكم لعدم حضور جمال إلى المحكمة العليا الفرنسية كونه لم يستطع السفر إلى فرنسا ولم تساعده جهة فلسطينية في السفر أو في مجريات الدعوة.
ما يعني أن الاحتلال لم يحاسب بعد على الجريمة التي اقترفها بحق هذا الطفل، كما جرائم كثيرة بحق أطفال فلسطينيين.