يدخل الأسير شادي أبو عكر البالغ من العمر (37 عاماً) من مُخيّم عايدة للاجئين الفلسطينيين في بيت لحم يومه الـ(56) على التوالي في معركة الأمعاء الخاوية داخل سجون الاحتلال الصهيوني رفضاً منه للاعتقال الإداري الظالم، إذ يعتقله الاحتلال على خلفية ما يُسمى بـ"الملف السري" ويجدّد له الاعتقال على هذا الأساس.

يقبع الأسير أبو عكر بين جدران سجن "عيادة الرملة" في حالةٍ صحيّة صعبة خاصّة وأنّه يشرب الماء فقط ويرفض قطعياً تناول أي نوعٍ من المدعّمات، فيما قابلت سلطات الاحتلال هذه العزيمة مؤخراً بإصدار أمر اعتقال إداريّ جديد بحق شادي لمدة 6 شهور، وأرجأت المحكمة قرار التثبيت إلى يومٍ لاحق.

ضعف في التضامن

تقول ساجدة أبو عكر، زوجة شادي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إنّ زوجها في حالةٍ يُرثى لها في ظل أنّه يواجه السجّان وحيداً وسط حالةٍ من ضعف التضامن الشعبي والرسمي مع شادي وسائر الأسرى الأبطال المُضربين عن الطعام داخل زنازين الاحتلال.

قلقون في ظل منع الزيارات وعجز الصليب الأحمر الدولي

تروي لنا ساجدة جزءًا من معاناتها مع رحلة الاعتقال المتكرّر التي تعرّض لها شادي بين العام والآخر: "منذ زواجنا لم أعش مع شادي كبقيّة العالم، تم اعتقاله لعام كامل، ومن ثم سنتين، ومن ثم عشنا ستّة أشهر، ومن ثم عام ونصف، ومن ثم أعادوه إلى السجن..، وهكذا، حتى أولاده لم يشبعوا منه، فمثلاً ابني محمد كان عمره سنتين عندما خرج شادي من السجن بصعوبة بالغة تقبّل والده، واليوم متعلق فيه جداً ودائماً يسألني: أين بابا، متى مروّح بابا؟

17-1.png

نور التي تبلغ من العُمر عاماً واحداً لم تر والدها شادي إلى هذه اللحظة ولم يراها، تقول الزوجة وتتابع: هذه معاناة بمعنى الكلمة ومتواصلة خاصّة وأنّ المحامي أبلغني أنّ شادي دخل مرحلة الخطر خاصّة وأنّه يرفض تناول المدعمات والفيتامين وهذا مقلق جداً بالنسبة لنا كعائلة في ظل منع الزيارات، وفي ظل أنّ الصليب الأحمر لا يفعل أي شيء بتاتاً.

وحول حالة التضامن في الشارع، تُبيّن ساجدة لموقعنا أنّ الأسرى يقاتلون وحدهم بلا تضامن حقيقي على الأرض، وكل ما أتمناه هو الالتفات لقضية الأسرى من أبناء شعبنا ومن المستوى الرسمي خاصّة المُضربين منهم الذين تجاوزا مئة يوم من الإضراب، وحتى على مواقع التواصل نرى التضامن خجولاً جداً وكل الاهتمام انصب في الأيّام الأخيرة تجاه حادثة تكسير تماثيل الأسود الموجودة على دوّار المنارة برام الله، فكان صادماً لنا هذا التفاعل مع هذه الحجارة، وأبناؤنا من لحمٍ ودم يواجهون السجّان لوحدهم.

المخيم يفتقده

شادي اللاجئ المتواضع صاحب محلٍ صغير لبيع المأكولات الشعبيّة (فول، فلافل، حمص..) يقضي يومه كاملاً فيه من الصباح حتى المساء في مُخيّم عايدة ليعتاش منه ويُطعم أطفاله، يفتقده أهالي المُخيّم اليوم، خاصّة وأنّه متواضع ومحبوبٌ من الجميع في المُخيّم.

17-2.png

يقول شقيقه تامر لموقعنا: إنّ شادي يُعاني الأمرّين في عيادات سجن الرملة في حالةٍ صحيةٍ صعبة ويعيش على الماء فقط والعائلة قلقة جداً على حياته، لا سيما وأنّ له تجارب مريرة مع سجون الاحتلال التي قضى فيها قرابة 17 عاماً غير متتالية.

 لا أحد يتحرك من أجل الأسرى

ولفت تامر إلى أنّ شادي اعتقل بعد أن أنهى الثانوية العامّة وأكمل دراسته في السجن وأفرج عنه والتحق في الجامعة، وبعد ذلك تم اعتقاله من جديد، مُبيناً أنّ لديه ولد اسمه محمد وبنت اسمها نور، إذ كان عمر نور شهر واحد عند اعتقال شادي وهي اليوم لا تعرف حتى شكل أبيها بسبب هذا الاحتلال وسياساته.

يُتابع تامر: نحن نصبنا خيمة بجانب المنزل في المُخيّم ويأتي الجيران والأهالي من المُخيّم للتضامن معنا والوقوف إلى جانبنا في هذه الأجواء القلقة، ولكن بكل أسف لا أحد يتحرّك، وأنا ذهبت للصليب الأحمر لأطمئن ولو بمعلومةٍ واحدة عن وضع شادي ولكن دون جدوى ولم يأتوا لنا بأي معلومة عنه ويتبجّحون ويقولون لنا: "نحن على تواصل ونُتبّع موضوع الأسرى"، ولكن كل هذا دون أي فعل حقيقي من جانب الصليب.

معنويات مرتفعة

يتابع تامر: كل يوم اثنين نعتصم نحن كعائلة أمام مقر الصليب الأحمر، ولكن نرى نفس الوجوه من أهالي الأسرى وبعض المتضامنين الذين لا يتعدّى عددهم 20 أو 30 شخصاً، وهذا بكل صراحة مُخجل للغاية، وأؤكّد أنّ التضامن مع الأسرى وقضيتهم ضعيف جداً جداً سواء من جانب المؤسّسات المعنية أو السلطة الفلسطينيّة أو الصليب الأحمر، فلا أحد يقف مع الأسرى، ومنذ 56 يوماً من إضراب شادي لم يتصل بنا أي مسؤول من المعنيين بشؤون الأسرى في السلطة، ولم يأت أحدٌ منهم ليطمئنوا على أبناء شادي ووالده ووالدته وزوجته.

 يتابع تامر: إنّ المحامي نقل لنا أنّ صحة شادي مقلقة وهو مستمر رغم ذلك في الإضراب عن الطعام، ولكن أكَّد أيضاً أنّ معنويات شادي مرتفعة جداً وهذا هو الأهم في ظل تهميش إدارة السجن لأخي شادي ومن قِبل المخابرات التي تأتي عادةً للتفاوض مع الأسير لفك إضرابه أو للتوصّل إلى حل وفك الاضراب.

يُشار إلى أنّه وقبل عدّة أيّام، قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، إنّ الأسير شادي أبو عكر محتجز في ظروفٍ قاسية وصعبة، حيث يقبع في زنزانة قذرة وضيقة، ولا تتوفر فيها أدنى شروط أو مقومات الحياة الآدمية، مُبينةً نقلاً عن محاميها جواد بولس، أنّ الأسير أبو عكر يُعاني من تراجع على وضعه الصحي، ومشاكل واضحة في قدرته على النظر، حيث أنّ الزنزانة لا تتوفر فيها الإضاءة، كما أنّه محروم من الفورة أي الخروج إلى ساحة السجن الأمر الذي أثر بشكلٍ كبير على نظره.

وأشارت الهيئة إلى أنّ عزل الأسرى المضربين تُشكّل إحدى أبرز السياسات التنكيليّة التي تُمارسها إدارة السجون بحقّ المضربين منذ شروعهم في المعركة في محاولة للضغط عليهم، وعزلهم عن العالم الخارجي، إضافة إلى سلسلة إجراءاتٍ تنكيليّة تفرضها.

أحمد حسين / صحفي فلسطيني

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد