كحال العديد من العائلات الفلسطينيّة في قطاع غزّة على مر سنوات الحصار الصهيوني، فُجعت عائلة أبو رجيلة من خانيونس جنوب قطاع غزّة، إثر فقدان أحد شبابها الذين فرّوا من موتٍ إلى موت، أملاً في إيجاد حياةٍ أفضل ولو قليلاً عمّا هي في غزّة، لكنّ التيار في بحر إيجه بين تركيا واليونان كان عكس آمال المهاجرين في تلك الليلة.

الشاب العشريني أنس أبو رجيلة هاجر قبل 10 شهور إلى تركيا، كخطوة أولى نحو حياة كريمة حلم بها في دول اللجوء الأوروبي، وجاء الموعد ليلتحق  بسفينةٍ يونانية يستخدمها مهربون لإيصال اللاجئين والمهاجرين إلى الجزر اليونانية انطلاقاً من مدينة بودروم التركية.

الحضن الأخير

تقول والدة أنس أبو رجيلة لوكالة (APA): إنّها لا تُطالب بشيء سوى جثة ولدها لاحتضانه، وتقبيله، ولمسه، وربما وشوشته بكلماتٍ يُعاتب فيها المُحب حبيبه للمرّة الأخيرة، لذلك ناشدت الأم كافة المسؤولين وسفارة  السلطة الفلسطينية في تركيا لترحيل جثمان أنس إلى غزّة.

يلاليب.jpg

 

حصار وحاجة دفعاه للسعي وراء اللجوء

تؤكّد الوالدة أنّ الحصار والحاجة هما اللتان دفعتا أنس للخروج من قطاع غزة قبل ما يقارب 10 شهور باحثاً عن لقمة عيشه ولسد حاجة أهله الذين نهش الفقر حياتهم، فيما تتذكّر الأم لحظات وداع ابنها قبيل السفر، تقول: "حكتلو الله يسهل طريقك يما"، وحين هاتفها من رقم هاتف محمول لأحد أصدقائه قبل أن يصعد للسفينة اليونانية، مرت ساعتان ثم تناقلت الأخبار نبأً يفيد بغرق ركاب سفينة مهاجرة فسارعت الأم بالاتصال على ذات الرقم ليجيبها صديقه الذي لم يكن على ذات السفينة، طالباً منها الاتصال بشخص آخر للاطمئنان، وفي الليل وصل الخبر: إنه طفا على سطح الماء وكانت هناك تطمينات من جهات مختلفة أن لا أحد غرق من ركاب السفينة وأن الجميع بخير، لكن الخبر اليقين كذَّب كل تلك الأخبار، بعد أن شاهدت صورته المرسلة إليهم.

غبفغ.jpg

تقول الوالدة المفجوعة: إن أنس قضى مدة شهر ونصف في أحد الفنادق بانتظار إشارة من صاحب سفينة التهريب اليونانية، فيما كانت ترسل له مبالغ مالية من فترةٍ إلى أخرى من أجل تيسير أمور رحلته، فيما حمّلت المسؤولين الفلسطينيين السبب وراء هجرة الشباب من قطاع غزة، قائلة: "لو تم توفير لقمة عيش كريمة لهؤلاء الشباب لما اضطروا للخروج بهذا الشكل".

يُذكر أنّه وفي آخر بيانٍ نشرته وزارة الخارجية والمغتربين في حكومة السلطة الفلسطينيّة حول هذه الحادثة، أشارت الوزارة إلى أنّ الجهود متواصلة لنقل جثمان المرحوم أنس أبو رجيلة من بودروم إلى مسقط رأسه في قطاع غزّة، بناءً على رغبة ذويه، ويجري التنسيق مع جمهورية مصر العربية من أجل الحصول على الموافقات اللازمة، ومن المتوقع الانتهاء من ترتيبات نقل الجثمان في غضون يومين.

بطالة عالية ولا مستقبل

الجدير ذكره، أنّ نسبة البطالة في قطاع غزة بلغت في آخر إحصائية ما نسبته 70%، جراء الحصار الصهيوني المستمر منذ العام 2006م، والذي فرصاً أوضاعاً وظروفاً اقتصادية صعبة.

يُشار إلى أنّ قطاع غزة شهد في السنوات الأخيرة وما زال، الكثير من حالات الهجرة لشبان وبعض العائلات في ظل الظروف الحياتية الاقتصادية الصعبة وغالبيتهم يتوجهون إلى تركيا ومنها يحاولون الهجرة براً أو بحراً إلى اليونان وأوروبا على أمل الحصول على فرصة حياةٍ أفضل.

أرقام صادمة

أظهرت نتائج مسح الشباب الفلسطيني للعام 2015 والذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أنّ حوالي 24% من الشباب (15-29) سنة في فلسطين لديهم الرغبة للهجرة للخارج.

وأكَّد المسح أنّ الأوضاع السائدة في القطاع لها دور كبير في زيادة نسبة الرغبة في الهجرة للخارج، إذ بلغت نسبة الشباب الذين يرغبون في الهجرة للخارج في قطاع غزة 37% مقابل 15% في الضفة الغربية، كما يُلاحظ أنّ الذكور الشباب أكثر ميلاً للتفكير في الهجرة للخارج مقارنة بالإناث الشابات إذ بلغت هذه النسبة للذكور 29% مقابل 18% لدى الإناث الشابات.

وعالمياً، يتعدى عدد المهاجرين ما يزيد عن 243 مليون شخص أي ما نسبته 3% من سكّان العالم، حسب إحصائيات نشرت في العام 2018م، إلا أنّ الدول العربية تعتبر من أكثر الدول التي يسعى شبابها للهجرة إلى دول الاتحاد الأوروبي باحثين عن لقمة عيشهم ومكانٍ آمن للعيش الكريم.

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد