صرخةٌ ممزوجةٌ بالدّموع أطلقتها الطالبة الفلسطينية في لبنان إيمان عدنان اسماعيل، طالبة فرع الاقتصاد والاجتماع بمدرسة الجليل في بيروت، بعد قرار وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الذي يقضي بمنع الطلاب الراسبين بالشهادة الثانوية الرسمية العام الماضي من الاستمرار بالتعلم في المدارس، وحرمانهم من حقهم بالاعادة الذي كان يُعمل به خلال السنوات الماضية.

القرار كان صادماً لإيمان التي تتابع عامها الدراسي الجديد منذ شهرين، تقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن الظروف التي قطعها الطلاب العام الماضي وطريقة التعلم عن بعد أثّرت بشكلٍ كبير على مستواها التعليميّ، فقد رسبت في الدورة الأولى للامتحانات الرسمية بفارق علامتين، وفي الدورة الثانية بفارق علامة.

  كفكفت إيمان دموعها على ما لم تحصله العام الماضي، وقررت فتح صفحة جديدة  هذا العام لتعوّض ما فاتها، لكن بشكلٍ مفاجئ تبلّغتمع زملائها المعيدين أنّه لا يمكنهم متابعة دراستهم في المدرسة، لذا هي تطالب بحقها وحق جميع التلاميذ بالعودة إلى المدرسة، والتعلّم على مقاعد الدراسة في المكان الذي خصص للطلاب الفلسطينيين في مدرسة الجليل.

تضيف إيمان أن من حقها أخذ فرصة ثانية في الدراسة وتقديم الامتحانات الرسمية، وتعتبر قرار "أونروا" ظالماً  للطلاب وللأهالي الذين يعانون من ضائقةٍ مالية بسبب الظروف الاقتصادية في لبنان، والتي لن تسمح لهم بأيّ شكلٍ من الأشكال تسجيل أبنائهم في مدارس خاصة.

القرار صادم وسيؤثر سلباً على الطلاب الذين لا يستطيعون التسجيل بمدارس خاصة

صوتٌ غاضبٌ آخر علا من مخيم الجليل، رفعه هشام والدُ الطالب محمد ظاهر، الذي قال  لبوّابة اللاجئين الفلسطينيين: إن هذا القرار المجحف يبدو أنه بداية قرارات ثانية وانهيارات ثانية في مجال التعليم.

محمد تابع عامه الدراسي الماضي مثل بقية الطلاب عن بُعد، لكنّ وقت الامتحانات مرض بشكل شديد وارتفعت درجة حرارته، ورغم وضعه الصحي ذهب إلى الامتحانات لكنّه لم يوفّق، بحسب والده الذي أبدى صدمته من القرار قائلاً: " أنا مصدومٌ وضائع لا أعرف ماذا افعل بابني وأين سأضعه، ابني يحبّ التعلّم، ومن حقّه أن يأخذ فرصة ثانية في مدارس الأونرو، خصوصاً أنّ عدد الطلاب الراسبين قليل جداً".

 يضيف هشام ظاهر: يقال إن القرار قديم لكن نفّذ هذا العام وهذا يدل على تخلّي الأونروا عن اللاجئين الفلسطينيين بشكلٍ تدريجي وفق خطّةٍ مدروسة، نتمنى على جميع الادارات والمسؤولين الوقوف بوجه هذا المشروع الذي سيدمّر مستقبل أبنائنا.

ومن الجليل إلى مخيّم الرشيدية جنوباً، حيث الأزمة واحدة، "دلع سعيد السعيد" طالبة علوم الحياة بمدرسة الأقصى من ضمن الطلاب الذين صدر بحقّهم قرار عدم الإعادة، تقول دلع: رسوبي كان بسبب الوضع الذي مررنا به، بسبب فايروس كورونا الذي أجبرنا على متابعة الدراسةعن بعد ( online ) والذي اختلف تمامًا عن الحضور المدرسي.

 وترى بأن القرار صادم وسيؤثّر سلباً على الطلاب، تقول: إنها لم ترسب لكونها فاشلة بل على العكس اجتهدت لسنوات كي تدخل فرع العلوم وهو أصعب الفروع، ودرست كثيرا وقامت بواجباتي لكن لم يحالفها الحظ، وأنها حزنت كثيراً وبكت  لحظة اعلان النتائج، لكن أدركت بأن الحياة لم تقف هنا، فكثيرون تعلّموا من فشلهم، مضيفة أنها هذا العام تتابع دراستها بشكل يوميّ وكلّها أمل أن تعوّض ما فاتها، إلا أن هذا القرار يدمر حلمها وحلم كل الطلاب المعيدين الذين يكافحون في هذه الظروف لمتابعة دراستهم، كحالها هي، فأهلها من محدودي الدخل وبالكاد يستطيعون دفع مواصلات نقلها وأخواتها الى المدرسة، وبالتالي لن تتمكن من الدخول إلى مدرسةٍ خاصّة أو رسمية.

جهاد الخطيب معيدٌ في ثانوية بيسان بمخيم عين الحلوة، صعق وفق وصفه بالقرار، ويتساءل: بعد شهرين من بدء العام الدراسي تذكّرت الوكالة أنّه لا يمكننا الإعادة، ولماذا يؤخذ بحقّ الطلاب المعيدين هذا القرار ولماذا الآن، فالطلاب المعيدون في الأعوام الماضية أخذوا فرصتهم وأعادوا بشك لطبيعي، قرار صادمٌ في سنة استثنائية لا تشبه أي عام دراسي آخر، "بدلاً من احتضاننا لمتابعة دراستنا يصدر بحقّنا قرار يدمّرنا أكثر، إنه لأمر عجيب غريب".

تخفيض عدد الطلاب يعني تخفيض عدد المعلمين وهذه ضمن سياسة وكالة "أونروا" التقليصية

ويبلغ عدد الطلاب المعيدين هذا العام حوالي مئة وخمسين طالباً، موزّعين على سبع ثانويات تابعة لوكالة "أونروا" في مخيمات لبنان.

يقول رئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني (أشد) في لبنان يوسف أحمد: إن هذا القرار جديد من نوعه وغير مفهوم ويشكّل أزمةً حقيقية لدى الطلاب، ويدعوهم بشكل غير مباشر للجلوس في منازلهم، والمفاجئ بالأمر أنّه صدر بعد شهرين من بدء العام الدراسي وحضو رالطلاب إلى صفوفهم بشكل عادي,

ويضيف الأحمد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين إن هذا الإجراء غير مبرر وخلفياته واضحة وهدفه المزيد من التقليص فتخفيض عدد الطلاب يعني تخفيض عدد المعلمين وهذه ضمن سياسة وكالة "أونروا" التقليصية، التي سيذهب ضحيتها عشرات الطلبة الذين لا ذنب لهم، ولهم الحق بمتابعة دراستهم وإعطائهم الفرصة لتمكينهم من متابعة دراستهم وفتح الآفاق أمامهم للتقدم بمسيرتهم التعليمية، بحسب قوله.

15 طالباً معني بالقرار وفق "أونروا"

وبينما يشير الأحمد الى أنّ عدد الطلاب المستهدفين يفوق مئة وعشرين طالباً، تقول المتحدثة الإعلامية باسم وكالة "أونروا في لبنان هدى السمرا:  إنّ 15 طالباً فقط معني بهذا القرار في كلّ لبنان.

 وتضيف السمرا لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن هؤلاء الطلاب نجحوا بمدارس وكالة "أونروا" ولكن رسبوا بالامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية، وبالتالي لا يمكن لبرنامج الوكالة إعادة تسجيل أسمائهم على أنهم راسبون وإعادة صفّهم، وعليه فإنّ هؤلاء الطلاب سيدرسون لوحدهم المواد التي أخذوها من مدرستهم التابعة لوكالة "أونروا" وسيقدمون طلباً حرًّا للامتحات الرسمية النهائية  وسيساعدهم على تقديمه مدراء المدارس التي درسوا سابقًا بها.

وأكد أحمد أن العديد من مدراء المدارس بدأ بتنفيذ القرار وقاموا بابلاغ الطلبة بعدم المجيىء للمدرسة والتوقف عن الحضور، الامر الذي خلق صدمة كبيرة لهؤلاء الطلاب الذين يقدر عددهم بالعشرات وموزعين على مختلف المناطق والمدارس الثانوية.

واعتبر احمد ان تبرير هذا القرار برسوب الطلاب في الامتحانات الرسمية هو حجة  ومرفوضة، وعلى ادارة التربية والتعليم ان تكون شفافة وتكشف حقيقة وخلفية اجراءاتها وقرارتها، وان تتوقف عن سياسة التذاكي لتمرير تقليصاتها من خلال ابتكار الحجج المكشوفة والمفتعلة والمجحفة، بحسب وصفه.

وتساءل الأحمد، هل كان العام الدراسي الماضي في مدارس "أونروا" نموذجياً، وقدمت فيه  الوكالة الفائدة التعليمية المطلوبة لتمكين الطلاب من اكتساب العلوم والمعارف المطلوبة؟ ام كان عاماً دراسياً مليئاً بالمشكلات وبالتخبط الاداري وغياب الخطط العلمية، الى جانب اعتماد التعليم عن بعد الذي لم توفر له الوكالة أبسط مستلزماته، الأمر الذي فيه الكثير من الاجحاف لهؤلاء الطلبة الذين لم تتوفر لهم البيئة والمناخ الملائمين لتجاوز الامتحانات الرسمية بنجاح، بحسب قوله.

واعتبر مسؤول اللجان الأهلية في لبنان محمد الشولي أنّ قرار وكالة "أونروا" بمنع طلاب الباكالوريا ثانية المعيدين من إكمال عامهم الدراسي هو قرار فيه إجحاف بحق هؤلاء الطلاب وانتهاك لحقهم في التعلم.

 وأضاف الشولي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين أنّ طلاب العام الماضي مرّوا بظروف صعبة وتكاد تكون الأقسى، فهم انقطعوا عن التعلّم الحضوري لمدّة عامين، ولم تساعدهم البنى التحتية الضعيفة في المخيمات فهناك غياب الكهرباء وضعف شبكة الانترنت الذين أثّرا على تحصيل الطلاب، وبالتالي هناك مجموعة من الطلاب تدنّى مستوى نجاحها في التقديم الرسمي، وهذا ليس معناه ضعفاً دراسيّاً إنّما هي الظروف التي فرضت عليهم.

وأكّد الشولي، أنّ من حقّ الطالب الأساسي التعلم خصوصاً ان عدد الطلاب الذين رسبوا ليس بالعدد الكبير الذي يشكّل عبئًا على إدارة مدارس "أونروا" وبالتالي يمكن استقبالهم داخل المدارس، وهو حقّ طبيعي وفق قانون وزارات التربية والتعليم في كل أنحاء العالم.

وطالب الشولي إدارة التعليم في وكالة "أونروا" الفرصة لهؤلاء الطلاب للالتحاق بمدارسهم ليتابعوا عامهم الدراسي بشكل طبيعي أسوة بباقي الطلاب، ورفع أسمائهم على لوائح وزارة التربية كي يتمكنوا من تقديم الامتحانات بشكل منتظم وليس عبر طلبات التقديم الحرّة.

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد