لعل خيار التعليم حضورياً في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" كان محبذاً لدى أهالي الطلاب الفلسطينيين في مخيمات لبنان خلال العام الدراسي 2021-2022. قرار جاء بعد عامين متتاليين من التعلم عن بعد عبر "الأونلاين"، ما أدى لتراجع المستوى التعليمي للطلاب في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية سيئة، شكّلت عوامل رئيسية في فشل العام الدراسي عن بعد، بحسب وصف معظم الأهالي الذين استطلع بوابة اللاجئين الفلسطينيين آراءهم.
رغم أن الفصل الدراسي الأول من العام الحالي الذي تلقاه الطلاب حضورياً لم يخل من بعض الشوائب في العملية التعليمية، إلا أن أهالي الطلاب يفضلون استمراره بدلاً من العودة إلى التعليم أونلاين، وسط تداول معلومات عن إعادة التعلم عبر الانترنت بعد عطلة رأس السنة بسبب ارتفاع معدل الإصابات بجائحة كورونا في لبنان، وتسجيل حالات إصابة بمتحور "أو – ميكرون"
صعوبات متعددة
يفضل الناشط الشعبي، اللاجئ في مخيم عين الحلوة، وديع علي، التعليم الحضوري في مدارس "أونروا" ويصفه بـ "الممتاز" مقارنة بالتعليم عبر الأونلاين.
بحسب علي، "لا يخلو الأمر من الصعوبات، بعضها له علاقة بظروف لبنان الاقتصادية، والبعض الآخر يتعلق بإعادة دمج الطلاب بعد عامين من الدراسة عن بعد بسبب جائحة كورونا".
يقول علي لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "كانت عطلة طويلة جدا على الطلاب، وليس من السهل أن يندمجوا بالتعليم الحضوري من جديد. معظم الطلاب احتاجوا لمساعدة خارجية من أساتذة، وليس جميع الأهالي قادرين على دفع كلفة الدروس الخصوصية. كما أن حجم المادة التي تعطى للطلاب كبير جداً، والأساتذة لا يراعون أن الطالب لا يتلقى فقط مادة واحدة، وأن هناك أستاذة ومواد كثر".
ويؤكد "علي" وجود صعوبات اقتصادية أيضاً، فغلاء كلفة نقل الطلاب من وإلى المدارس ارتفعت بشكل كبير العام الحالي مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان، وتدني القدرة المالية للأهالي، وعدم قدرتهم على تأمين مصروف أولادهم اليومي ومتطلباتهم المدرسية.
ويشير إلى أن وكالة "أونروا" وعدت بتوزيع قرطاسية للطلاب، إلا أن ذلك تم متأخراً بعد أن اشترى الطلاب احتياجاتهم المدرسية قدر المستطاع، فضلاً عن أن ما تم توزيعه غير أساسي ومفيد للطلاب، وغير مراعٍ للمرحلة الاقتصادية الحالية".
"كنا نعاني كثيراً مع أولادنا خلال تعليم الأونلاين بسبب عدم قدرتهم على الالتزام جدياً خلال الدراسة عن بعد والتعامل مع الأساتذة والمعلمين والمادة المرسلة"، بحسب علي.
ويتابع: "بالنسبة لحجم المادة التي يتم إرسالها كانت غير واقعية بالنسبة للوقت والظروف وغير مراعية لموضوع الكهرباء والأنترنت وانقطاعهم بشكل دائم. كما أنهم غير مراعون للوضع المادي للأهالي وقدرتهم على تأمين تلفونات حديثة".
"انا شخصياً لدي ستة أولاد في المدرسة، وغير قادر على تأمين 6 أجهزة "أيباد" ليدرسوا عليهم في نفس الوقت. الأونروا قدمت لنا جهازاً واحداً لستة أولاد، وهذه كانت مشكلة كبيرة لدي، وغير ذلك المواد التي كانت ترسل كان في نفس الوقت فمستحيل أن يدرسوا مباشرة مع بعض على الأونلاين"، وفقاً لعلي.
جملة من السلبيات والايجابيات
هذا العام، حين تم تداول أقاويل بأن الدراسة يحتمل أن تكون عن بعد مثل العام الماضي بعد عطلة رأس السنة انزعجت كثيراً، لا أحبذ ذلك لأن الطالب يظلم كثيراً بسبب الصعوبات التي تحيط بتعليم الأونلاين"، بهذه الكلمات تتمنى اللاجئة الفلسطينية رولا أسعد أن تبقى الدراسة حضورياً داخل مدارس الأونروا".
تقول أسعد لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "مر العامان على أولادي الثلاثة بصعوبة كبيرة، فقد اضطررت لأن أخصص لهم معلمة خصوصية لتساعدهم في دروس الأونلاين، إلا أنه بسبب الحجر والمعيقات اضطررت لأن أوقفهم من التعلم عندها".
"الجيد بتعليم الأونلاين أنه جعل ابني يعتمد على نفسه ويتعب أكثر في وقت أصبحنا غير قادرين على توظيف معلمة خاصة. إضافة إلى أن المعلمين الأساسيين في مدارس الأونروا كانوا يشرحون للطلاب بشكل جيد وكانوا متعاونين لدرجة كبيرة في أي وقت نتواصل معهم. فقد كنا أحياناً نستفسر من المعلمات الساعة 12 ليلاً، وكانوا يلتزمون بالشرح عبر الفيديو"، بحسب أسعد.
أما الجانب السلبي في التعليم عن بعد، تعتبر رولا أن "هناك طلاباً كثر ظلموا وابني كان واحداً منهم. فهو في الصف السابع وكان يتعب كثيراً لينجز النشاط المطلوب، لكنه لم يكن من الطلاب الذين يعيدون الامتحان أو النشاط المطلوب ليحصلوا على درجة 10 من 10، بالرغم من أن غيره من الطلاب كانوا يعيدون الامتحان، وهذا ضرهم كثيراً ولم ينفعهم".
تدني المستوى التعليمي
بالنسبة لرولا ميعاري، ابنة مخيم عين الحلوة، فهي تعتبر أن "أولادها استفادوا كثيراً حين باتوا يدرسون حضورياً، فخلال تعليم الأونلاين لمدة عامين واجهوا صعوبات كثيرة ليتعودوا على النمط الجديد من الدراسة ويفهموا دروساً جديدة".
تقول ميعاري أن "أولادها حين بدأوا بالتعليم الحضوري من جديد دخلوا إلى المدرسة بمستوى ضعيف جداً، لكن تدريجياً بدأ يتحسن مستواهم".
وترى أنه "يمكن إرسال الوظائف فقط أونلاين، لكن حين كانت الدراسة أونلاين كان الطالب يحل وظيفتة دون أن يفهم. ناهيك عن معيقات التعليم عبر الأونلاين كانقطاع الكهرباء والانترنت. فأنا ليس لدي اشتراك مولد الكهرباء في بيتي وانتظر الكهرباء فقط".
بدورها، تقول اللاجئة الفلسطينية لينا شحادة إن "الدوام حضورياً لم يكن سهلاً على طفليها، فالولد تعود أن ينام براحته ويصحى براحته، ويحل الوظيفة ويرسلها مباشرة، لكن الآن الأمر اختلف، عليه أن يجتهد ويتعب ويدرس أكثر".
التعليم المدمج ليس صحيحاً مئة بالمئة لأن أسبوع في المدرسة وأسبوع في البيت لا يكفي للطلاب، ويؤسس لفترة كسل للطلاب
وتضيف شحادة: "هذه الصعوبات كانت في بداية العام حين بدأ التعليم حضورياً، أما الآن فأصبح ابني مؤهلاً بشكل جيد في صف التاسع، حيث أن علاماته تؤهله على التحصول على تقدير جيد".
من ناحيتها، تصف اللاجئة الفلسطينية فاطمة سعودي، "السنة الدراسية الحالية بالناجحة مقارنة بالعام الماضي"، بالنسبة لها "فكرة التعليم المدمج مقبولة وأفضل من لا شيء، فالتعليم عبر الاونلاين لم يكن لصالح الطلاب أبداً".
تعتبر سعودي أن "التعليم المدمج ليس صحيحاً مئة بالمئة لأن أسبوع في المدرسة وأسبوع في البيت لا يكفي للطلاب، ويؤسس لفترة كسل للطلاب في أسبوع البيت، لكنها لا تعد سيئة فوجود الطالب بالمدرسة وتلقي المعلومات مباشرة جيد".