اتسعت رقعة انتشار المخدرات في مخيم إربد للاجئين الفلسطينيين شمالي الأردن، بشكلٍ لم يسبق له مثيل خلال السنوات الأخيرة، ونتيجة لانتشارها وسهولة الوصول إليها ازداد حجم التعاطي، حتى أصبحت خطراً يهدد حياة ومستقبل كثير من شباب المخيم.
عدد من أهالي مخيم إربد يعبرون عن استيائهم من انتشار تجارة وتعاطي المخدرات في منطقتِهم، مطالبينَ الأجهزةَ الأمنية الأردنية بمكافحة هذه الظاهرة.
الفقر والبطالة وتسهيل الحصول على مواد مخدرة رديئة بأسعار متدينة يزيد من نسبة المتعاطين
عضو لجنة العمل الوطني في مخيم اربد، حسين أبو راس، يقول لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن "لمخيم يعاني من حالة فقر مدقع إضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة خاصة بعد تفشي فيروس كورونا، مضيفاً أن عدداً من الشباب لجأ إلى تعاطي المخدرات "ليتناسى الواقع السيء".
وإذ يشير "أبو راس" إلى أن هذه الظاهرة منتشرة في أكثر المناطق الشعبية الموجودة في إربد، يؤكد تزايد إقبال الشباب نحو تعاطي المخدرات، رغم تردي الأوضاع المعيشية لأهالي المخيم، ويقول: "إن بعض البضائع التي يتم ترويجها في المخيم عبارة عن مخدرات مضروبة تباع بأسعار متدنية، وهناك أنواع تصنع في البيوت، حتى تكون بمتناول الجميع ولم تعد هذه المواد المخدرة باهظة الثمن كما كان في السابق، وأحياناً يضطر المتعاطي أن يسرق أو يقتل كي يحصل على المال مقابل شراء السم"
أحد الآباء سرق من ولده من اجل شراء المخدرات وآخر يصرف أجره اليومي عليها
يعبر عضو لجنة العمل الوطني في المخيم عن استيائه وحزنه من الانتشار الكبير لآفة المخدرات بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 35 عاماً، بصورة لا يستوعبها العقل.
ويروي لموقعنا قصصاً حدثت داخل المخيم، قائلًا: إن "أحد الآباء سرق من ولده من أجل شراء المخدرات، وآخر يعمل بالمياومة مقابل 15 دينار، ويفضل صرف ماله لشراء المخدرات بدلًا من توفير احتياجات عائلته".
وأرجع اندفاع الشباب نحو المخدرات، لقله الوعي إضافة إلى الوضع المادي السيء الذي دفع البعض إلى الاتجاه إلى الإدمان كوسيلة تغيبه عن الواقع المتردي الذي يعيشه من هموم ومشاكل، بحسب قوله.
والحال هذه يؤكد "أبو راس" أن مكافحة انتشار المخدرات داخل المخيم من قبل الأجهزة الأمنية ضعيفة جداً، إضافة إلى أن البيوت التي تُصنع فيها المخدرات تكون سرية.
إلا أن الأخطر الذي يكشف عنه "أبو راس" هو وجود مصانع أدوية لكنها متخصصة في المخدرات وتستخدم الأدوية كستار فقط، والحكومة على دراية في الأمر لكنها تغض النظر عنها، بحسب قوله ويشير إلى عمليات التهريب الكبيرة لهذه المواد تتم من خلال حدود سوريا ولبنان.
نسبة الإدمان في صفوف الفلسطينيين داخل المخيم تسجل ارتفاعاً ملحوظاً صار كالكابوس
لاجئة فلسطينية تقطن في مخيم إربد -رفضت ذكر اسمها- تؤكد أن الترويج لبيع الحبوب المخدرة أصبح علناً دون خوف أو خجل، مما أدى إلى انتشارها بشكلٍ كبير بين صفوف الشباب.
تقول هذه اللاجئة: إن عدم حماية المناطق الحدودية واستمرار عمليات التهريب من حدود سوريا ولبنان سبب رئيسي لتفشي هذه الآفة، وتشير إلى أن عدم حماية المناطق الحدودية مقصود ومتعمد، إما لاستفادة جهات معينة أو نتيجة الإهمال، بحسب وصفها.
وتقول: "عندما نسمع بالتبليغ عن تجارة وصناعة المخدرات وأن السلطات وضعت يدها على البضاعة، لا يتم الإعلان عن القضية وتزويد الجمهور بحيثياتها ".
وبينت اللاجئة، أن أهالي المخيم يتساءلون هل يتم إتلاف المواد المخدرة المضبوطة أم لا؟
وأكدت، أن نسبة الإدمان في صفوف اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيم تسجل ارتفاعًا ملحوظًا، حتى أصبحت كابوسًا يؤرق معظم الأهالي.
وفيما يتعلق بنتائج انتشار آفة المخدرات، تقول اللاجئة: نسبة الجريمة من قتل وسرقة زادت بشكل ملحوظ، مشيرًة إلى أن متعاطي المخدرات لا يهمه سوى الحصول على المال بأي وسيلة سواء كانت مشروعة أو غير ذلك.
ما يحدث في المخيمات يهدف إلى طمس الهوية وتفريغها اقتصادياً واجتماعياً
بدوره، قال اللاجئ الذي يقطن ذات المخيم، عمر مصطفى: إن"ما يحدث في المخيمات يهدف إلى تفريغها من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وطمس الهوية، للقبول بالأمر الواقع، والابتعاد عن القضايا الجوهرية المهمة.
يضيف مصطفى: في السابق كان مجرد سماع كلمة "مخدرات" يثير غضب الموجودين داخل المخيم، إلا أن الأيدي الخفية نجحت في دسه في معظم المناطق في المخيم، حتى أصبح هناك بؤرة في كل حي داخله، بحسب قوله.
ويشير إلى أنه عندما يتم إلقاء القبض من قبل الأجهزة الأمنية على مروجي المواد المخدرة، أو أحد المتعاطين، فإنه يدخل السجن منحرفاً ويخرج منه محترفاً، بحسب تعبيره.
يرى مصطفى أن المكافحة الحقيقة والصارمة للحد والقضاء على آفة المخدرات بحاجة إلى فرض عقوبات حازمة وأكثر صرامة.
انتشرت الحبوب المخدرة في السنوات الستة الماضية إلا أن ذلك ينخفض تدريجياً
يقول رئيس لجنة تحسين خدمات مخيم إربد، محمود أبو حميد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: إن ظاهرة المخدرات انتشرت في الأردن منذ 6 سنوات على صعيد واسع، والمخيم جزء من الأردن وهذه الظاهرة موجودة في القرى والمدن والمخيمات والجامعات.
ويضيف أن آفة المخدرات من أكثر الظواهر السلبية التي تتفشى داخل المجتمعات، وتكون سبباً في قتل الشباب.
وبحسب أبو حميد فإن المرحلة الحالية تشهد انخفاضاً تدريجياً في انتشار الحبوب المخدرة وأن الدولة الأردنية تضافر جهودها من أجل معالجة والحد من انتشار هذه الظاهرة ، خاصة أن الأمر لم يعد يقتصر على الشباب بل هناك شابات في الكليات والجامعات أدمنّ المخدرات.
ويضيف: أنهم في لجنة الخدمات بالمخيم عقدوا عدداً من الدورات وورش العمل مع جهات الاختصاص، استهدفت كافة الفئات من طلاب وطالبات مدراس وجامعات وأهالي لتوعيتهم بمخاطر وتداعيات التعاطي وتأثيرها على المجتمع وعلى المتعاطي نفسه.