تناول فيلم وثائقي للمؤرخ "الإسرائيلي" ادام راز والذي نُشر ملخصه في تقرير نشره ملحق صحيفة "هآرتس" العبرية، شهادات جديدة لجنود سابقين في جيش الاحتلال خدموا في لواء الكسندروني حول مذبحة الطنطورة التي نفذوها في إطار التطهير العرقي خلال النكبة الفلسطينية.
وخلال التقرير الذي حمل عنوان: "عندما بلغوا سن التسعين.. جنود لواء الكسندروني قرروا الاعتراف: في عام 1948 نفذ الجيش الاسرائيلي مذبحة في الطنطورة"، قال المؤرخ إنّ السؤال الأهم الآن هو كم هو عدد ضحايا هذه المجزرة؟ لافتاً إلى أنّ ضحايا المذبحة دُفنوا في قبر جماعي.
وأشار المؤرخ إلى أنّه في العالم تُقام نصبٌ تذكارية لضحايا المذابح التي يتم اكتشافها، بينما في "إسرائيل" مازالوا يحاولون طمس النكبة وما حدث فيها، حيث يقول أحد الجنود الذين شاركوا في المذبحة للمؤرخ، ويُدعى موشي ديامنت، إنه يجب حظر أي كلام في هذه المذبحة، لأنّها قد تكون فضيحة كاملة.
ويُبيّن المؤرخ راز أنّه انقضى 22 سنة على "العاصفة" التي حدثت حول تفاصيل احتلال قرية الطنطورة خلال النكبة، في أعقاب دراسة أكاديمية للطالب ثيودور كاتس، تضمنت شهادات عن جرائم نفذها لواء الكسندروني بحق أسرى فلسطينيين، حيث تناولت صحيفة "معاريف" في حينه التفاصيل في تقرير حمل عنوان "المذبحة في الطنطورة"، وذلك بعد أن تقدم جنود اللواء بشكوى تشويه سمعة ضد الطالب، ما دفعه إلى التراجع عن بحثه.
ويُتابع المؤرخ: الشهادات التي وثقها كاتس ظلت محور خلاف بين المؤرخين "الإسرائيليين"، لكن الآن وبعدما بلغ جنودٌ من اللواء سن الـ90 اعترفوا بارتكاب المذبحة في شاطئ دور قرب كيبوتس "نحشوليم"، واستخدام عدة طرق في قتل ضحاياهم، وروايات الجنود تبيّن أنّ عدد الضحايا الفلسطينيين يفوق كثيراً العدد الذي تم إعلانه، وهو 20 ضحية، إذ لم يتم إحصاء عدد القتلى في نهاية المذبحة، والشهادات المتراكمة على امتداد السنوات ذكرت أعداداً متفاوتة للضحايا، وقد وصل العدد في إحدى الشهادات إلى 200 شهيد.
وخلال التقرير، يقول الجندي ديامنت: إنّ "المتوحشين" -يقصد الجنود- أطلقوا النيران على أهل الطنطورة حتى الموت، وعندما تقدموا بشكوى ضد الطالب كاتس، زعموا أنهم لم يكونوا على علم بأمر المذبحة، "لكن في الواقع كان الجميع على علم بها"، فيما أكَّد جندي آخر يُدعى حاييم لوين، أنّ أحد الجنود تقدم نحو 15 - 20 أسيراً وقتلهم جميعاً.
وفي شهادة أخرى للجندي ميخا فيتكن، قال إنّ ضابطاً في اللواء -أصبح بعد المذبحة بسنوات مسؤولاً كبيراً في وزارة الجيش- قتل فلسطينيين واحداً تلو الآخر بمسدسه الشخصي، فيما قال جندي آخر: "ليس من الجميل رواية هذه الحادثة. لقد أدخلوهم داخل برميل ثم أطلقوا النار عليهم. أنا أتذكر الدماء داخل البرميل". كما أكد جندي آخر أن الجنود "لم يتصرفوا داخل القرية كبشر".
المؤرخ راز أكَّد هذه الشهادات وأخرى مماثلة تم توثيقها ضمن فيلم وثائقي "مثير" للمخرج ألون شتارتس يحمل عنوان "الطنطورة، عُرِضَ مؤخرًا في مهرجان "ساندنس" بالولايات المتحدة الأمريكية، لكن شهادات الجنود في الفيلم كانت قصيرة، "فهي شظايا اعترافات. لكن الصورة الشاملة واضحة بأن جنوداً من لواء الكسندروني ذبحوا أشخاصًا غير مسلحين بعد انتهاء معركة الطنطورة".
وبحسب معد الفيلم، فإنّه يحدّد مكان المقبرة الجماعية التي دفن فيها أهالي قرية الطنطورة، مستنداً إلى تحقيقات معمقة وبراهين علمية تشير إلى أن المقبرة الجماعية تقع في مكان يستخدم اليوم كموقف لسيارات المستوطنتين "دور" و"نحشوليم"، وهما مستوطنتان أقيمتا على أنقاض قرية الطنطورة المهجرة، كما أكّد الفيلم، أنّ جهة رسمية "إسرائيليّة" حرصت بعد عامٍ من ارتكاب المذبحة على إخفاء معالمها، من خلال تفريغ المقبرة الجماعية من رفات الشهداء، إذ يُظهر الفحص وجود قناة فارغة على شكل قبرٍ جماعي.