لم تكن تعلم أم مؤيد، والدة طفل مصاب بمتلازمة داون، أن فرحتها بطفلها البكر ستتحول إلى معاناة كبيرة، لعدم امتلاكها تأميناً صحياً، تحت ذريعة أنها من أبناء قطاع غزة، ولا تحمل الرقم الوطني لهويتها الصادرة في الأردن، حيث تقطن في مخيم جرش الذي يعرف بمخيم غزة.
منذ ولادة طفلها لم يزد وزنه، مما دفعها لزيارة طبيب أطفال خاص لتشخيص حالته، وبدوره أجرى لطفلها كامل الفحوصات وطلب منها أن تتوجه إلى طبيب آخر، ومن طبيب إلى طبيب حتى علمت أن طفلها لديه مشاكل عدة في القلب وفتحة بين البطينين والأذنين وبحاجة إلى عملية جراحية في قلبه.
أشعر بالذل والقهر عند زيارتي للمستشفى ولا مال كان لدي لإجراء عمليته الجراحية
تقول والدة مؤيد: "عانينا كثيراً بمرضه، مناعته ضعيفة جداً وبحاجة إلى زيارة المستشفى بشكل دوري، وإجراء عدة فحوصات أسبوعية، وجميعها تكلفتها المادية باهظة مقارنة بوضعنا المادي المتردي، إضافة إلى حاجة الطفل لحليب وحفاضات من نوع خاص".
من عمر يوم إلى 4 سنوات وعائلة مؤيد، تبحث له عن متبرع يتحمل تكلفة العملية الجراحية والتي تتجاوز الـ 14ألف دينار أردني
"أصبحت حياة طفلي سلسلة لا تنتهي من الفحوصات وزيارة المستشفيات، كنت أشعر بالذل والقهر عند زيارتي للمستشفى وكأني بشحت الاعفاء شحته" كما وصفت
وتلفت أم مؤيد، أن الطبيب الذي تابع حالة طفلها منذ البداية تبرع بإجراء العملية مجانًا. مشيرًة إلى أن طفلها مؤيد وبعد إيجاد متبرع وإجرائه العملية، اضطر للبقاء لمدة عام كامل تحت أجهزة التنفس داخل المستشفى، مما أرهقهم ماديًا.
الأشخاص ذوو الإعاقة من أبناء قطاع غزة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بالأردن معاناتهم مضاعفة، لعدم امتلاكهم تأميناً صحياً يخفف من التكلفة المادية لمتابعة وضعهم الصحي.
وكالة "أونروا" لم تلتزم منذ تأسيسها بتلبية احتياجات الأشخاص الفلسطينيين ذوي الإعاقة
يوضح الناشط المجتمعي د. محمد الأنطاكي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: أنه منذ عام 1950 وقعت الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" اتفاقية تقضي بأن تتحمل "أونروا" المسؤولية القانونية والأخلاقية في رعاية شؤون اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات داخل الأردن بما في ذلك التعليم والصحة والإغاثة.
وبحسب ما يقول الناشط المجتمعي" الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمملكة الأردنية لا تسمح لها بتقديم الخدمات المميزة للأشخاص ذوي الإعاقة، عدا أن هناك مشاكل تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة الأردنيين أنفسهم في تلبية احتياجاتهم" وفق قوله.
ويؤكد أن وكالة "أونروا" لم تلتزم منذ تأسيسها بتلبية احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، سواء من أبناء قطاع غزة المحرومون من خدمات المملكة الأردنية الهاشمية أو حتى من يحملون الرقم الوطني، الخدمات المقدمة لهم محدودة جدًا، رغم أن الرعاية الصحية حق.
يستذكر الأنطاكي، أنه في عام 1951 قامت "أونروا" بإنشاء أول مركز برامج نسائية، وفي عام 1983تم إنشاء أول مركز للتأهيل المبني على المجتمع المحلي في مخيم "سوف" وأن نجاح التجربة دفع "أونروا" إلى إنشاء 10 مراكز في مختلف المخيمات، مما أعطى بارقة أمل للأشخاص ذوي الإعاقة بتلقي الخدمات الأساسية والضرورية لهم، ولكن سرعان ما خابت آمالهم".
ويقول الناشط الأنطاكي، أن "هذه الخدمات جزء من حقوق اللاجئين الأساسية وليست منّة من الوكالة، وفقًا للاتفاقية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة".
ويلفت، إلى أن "أونروا" بدأت بتقليص جميع خدماتها في مخيمات اللاجئين في الأردن، رغم زيادة عدد اللاجئين والأشخاص ذوي الإعاقة واحتياجهم للخدمات، وهكذا تكون الوكالة فعلياً تخلت عن المبدأ القانوني والأخلاقي، وتعمل بناء على قرار سياسي، لذا بدأت بوضع العراقيل أمام مراكز التأهيل وهي على وشك الفشل والاغلاق، بحسب وصفه.
شاهد أيضاً
اللاجئون الفلسطينيون من قطاع غزة إلى الأردن لا يملكون تأميناً صحياً لعدم امتلاكهم رقماً وطنياً
منسقة حملة "بهمونا" التي أطلقتها مؤسسة "أهل" في الأردن فوزية المغربي تقول: إن هدف الحملة مطالبة رئاسة الوزراء في الأردن ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين " أونروا"، بضرورة توفير تأمين صحي للأشخاص ذوي الإعاقة من أبناء قطاع غزة.
توضح المغربي، إن الأشخاص ذوي الإعاقة عندما يولدون يكون لديهم مشاكل صحية كثيرة، وبذلك يضطر الأهالي إلى التردد على المستشفيات بشكل مستمر، إضافة إلى اجراء فحوصات وعمليات جراحية وتصوير مغناطيسي وأشعة.
يذكر أن اللاجئين الفلسطينيين من أبناء قطاع غزة في الأردن لا يملكون تأميناً صحياً نتيجة عدم حصولهم على الرقم الوطني، وتعاني العائلات التي يوجد فيها أطفال ذوو إعاقة الكثير من الصعوبات في الحصول على الخدمات الصحيّة لأطفالهن.
وتشير المغربي، إلى أن حملة "بهمونا" بدأت بثمانية من أمهات الأطفال ذوي الإعاقة، ثم أصبحت الأعداد مضاعفة، من خلال إيصالهم تجربتهم وأهداف الحملة إلى المجتمع.
وتبين، أن القائمين على الحملة يقومون بزيارات منزلية للعائلات، إضافة إلى عقد لقاءات بين الأمهات المشاركات في الحملة وأمهات غيرهن لحشد أكبر عدد ممكن.
المغربي كانت متطوعة في مركز التأهيل لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة وكانت تلامس معاناة الأهالي من خلال الزيارات الميدانية التي تقوم بها مما دفعها أن تكون جزءاً من حملة بهمونا.
بدورها، توضح النائب السابق، ورئيسة لجنة التنسيق العليا لمراكز البرامج النسائية في مخيمات ومناطق تجمع اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، نجاح العزة، أن اللاجئين الفلسطينيين ا في الأردن، ينقسمون إلى جزئيين، الأول: من يحملون الرقم الوطني ولديهم حقوق المواطنة الأردنية كاملة، والآخر: أبناء قطاع غزة الذين لا يحملون الرقم الوطني، وبالتالي لا يتمتعون بالحقوق خلافًا للقسم الأول.
وتضيف العزة، أن "المملكة الأردنية تقدم مخصصات مالية للأشخاص ذوي الإعاقة، في حال كان المستوى الاقتصادي لعائلتهم متدنياً، بشرط أن يكونوا من حملة الرقم الوطني".
وتتابع، أن "الطفل الذي يحمل الرقم الوطني، وتحت عمر الـ 6 سنوات، يملك تأمينًا صحيًا". مشيرةً إلى أنه عند حاجة أي مريض للحصول على إعفاء المطلوب منه مخاطبة رئاسة الوزراء ويتم الموافقة على طلبه، على خلاف أبناء قطاع غزة المحرومين من هذه الامتيازات، باستثناء مكتب سمو الأمير الذي يمنحهم الإعفاء الطبي، لكنه بحاجة إلى أسبوعين كحد أقصى.
وتذكر العزة، أن "داخل مخيم جرش يوجد مركز واحد فقط للأشخاص ذوي الإعاقة تابع لوكالة الغوث، ولا يكفي لتقديم الخدمات". مشيرةً إلى أن الوكالة تقدم خدمات لحالات العسر الشديد، بما يعادل 70 دولار في السنة".
ولفتت، إلى أن الوكالة في الوقت الحالي تتنصل من مهامها، ولا تدفع المخصصات السنوية.
ووفقًا لآخر الإحصائيات، يوجد 3000 طفل في مخيم جرش من ذوي الاحتياجات الخاصة.
تؤكد النائب السابق أن" الأسرة التي لديها طفل من ذوي الإعاقة هي أسرة فقيرة ومعاناتها مضاعفة؛ نظرًا للاحتياجات الباهظة التي يجب توافرها للطفل والرعاية".