بخيوط من الإصرار والعزيمة، نسج اللاجئ الفلسطيني غازي العمري حلمه بأن يصبح معلقاً رياضياً لأهم مباريات كرة القدم العالمية. حلم لم تبدده عقبات اللجوء وصعوبات الحياة مع مرور السنوات، بل أصبح حقيقة  بعد أن نقل كرة أحلامه من ملاعب مخيمات اللجوء في لبنان إلى أحد أهم الملاعب الرياضية في العالم.

"اليوم الذي اتصلوا بي الرابطة الإيطالية ليطلبوا مني الانضمام للفريق العربي كمعلق صوتي، كان يوماً تاريخياً والفرحة كانت كبيرة لدرجة أنني ضحكت مع نفسي"، بهذه الكلمات يستذكر العمري كيف تحقق حلم الطفولة لديه بهذه السرعة ودون سابق انذار، وأصبح معلقاً صوتياً لمباريات كأس إيطاليا.  

من المخيم إلى إيطاليا

ابن الثلاثين عاماً حائز على بكالريوس بالفنون التواصلية - اختصاص صحافة، وماجستير بالعلاقات الدولية، وقد قضى حياته متنقلاً بين مخيمي البداوي شمال لبنان والرشيدية جنوباً، لكن خطوة التعليق الصوتي الرياضي شكلت منعطفاً كبيراً في حياته لينتقل بعدها للعيش في مدينة ميلانو بإيطاليا.

 

6-1.jpg

في حديث لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" يقول غازي العمري: "العمل الصحفي، وتحديداً الصحافة الرياضية، كانت شغفاً عندي منذ الصغر سواء على صعيد التعليق أو الكتابة أو إعداد التقارير. فبدأت إلى جانب عملي أمارس الصحافة والإعلام الرياضي بدوامات جزئية في مؤسسات متنوعة في لبنان".

ويضيف العمري: "البداية كانت من راديو صوت الفرح عام ٢٠١٤،  بدأت بتقديم برنامج اسمه يوميات المونديال في أوقات كأس العالم العام نفسه. واصلت العمل معهم لأربع سنوات تقريباً للوقت الذي سافرت به إلى إيطاليا، حيث عرض عليّ عملاً  من مجلة extra sport، وأصبحت اكتبت بالشأن الرياضي الإيطالي عن الدوري الإيطالي بحوالي ٣ أو٤ مقالات أسبوعياً.

ويتابع العمري: كما حللت ضيفاً دائماً على نشرات الأخبار الرياضية في تلفزيون العربية للحديث عن كرة القدم الإيطالية. بعدها بدأت جائحة كورونا وأصبحت بلا عمل للوقت الذي قررت فيه الرابطة الإيطالية أن تفتح قناة للدوري الإيطالي تبث بالعربية، وتواصلوا معي وتم تعيني ضمن الفريق العربي الذي يعمل في الدوري الإيطالي".

غياب الدعم الشعبي

الداعم الأول لمسيرة العمري كانت عائلته، فأكد أنهم "كانوا دائماً حاضرين ومشجعين في أصعب الظروف، إضافة للدائرة الصغيرة من الأصدقاء أيضا".

ويأسف العمري لأن الدعم الشعبي لم يكن كبيراً مقارنة مع دعم زملائه في الفريق من الدول الأخرى، "حيث يوجد حاضنة شعبية لنجاحاتهم وتألقهم وإنجازاتهم". ويضيف :"أنا لم أحس بهذا الشعور أبداً، لكن كان هناك تعويض لناحية الدعم من أماكن ثانية كالخليج وشمال إفريقيا كالجزائر وتونس".

"التحديات التي واجهتني للوصول إلى العمل هذا أن السيرة الذاتية المتعلقة بالخبرات لكل شخص يجب أن تكون قوية جداً ليصل إلى أماكن كبيرة مثل هذه. لذا كان لدي صبر واشتغلت تدريجياً بأكثر من مكان، وكونت خبرة لحد ما أصبحت مؤهلاً لأعمل في مثل هذا المكان"، وفقاً للعمري.

ويرى العمري، أنّ من الصعوبات الكبيرة التي كانت في حياته، هي خلال جائحة "كورونا"، فإيطاليا من الدول التي تضررت كثيراً في ظل الجائحة، "وبهذه الفترة كنا من دون عمل بسبب حظر التجول بالتالي كانت فترة صعبة على الصعيدين المهني والإنساني".

وحول رفع اسم فلسطين عالياً، يؤكد العمري أن "بكل مناحي الحياة يحاول الإنسان أن يكون اسم فلسطين موجود دائماً سواء في حديث عابر مع شخص إيطالي تتعرف عليه لأول مرّة أو بأي مجال مهني أو أي عمل يشكل مناصرة دائمة ويرفع اسم فلسطين عالياً".

لا مستحيل في الصرار

ويتابع: "طبعاً كل نجاح أحققه يعود لي على الصعيد الشخصي أولاً، ويعود للبلد الذي أمثله وهو فلسطين بالدرجة الثانية. هذا فخر لي أن أكون سفير فلسطين في المجال الرياضي، وأتمنى أن أترك بصمة جميلة تعكس صورة فخر عن الشعب الفلسطيني".

6-2.jpg

لطموحات لا تنتهي طالما هناك نبض داخل الإنسان الذي يطمح للتطور للأفضل. طموحي مهنياً هو أن أعلق على مبارة في نهائيات كأس العالم في يوم من الأيام، وأيضاً أعلق على مباريات المنتخب الفلسطيني"، بحسب العمري.

ويؤكد أن "لا مستحيل في الحياة مهما كانت المصاعب كبيرة، فدائماً هناك أمل وإمكانية للوصول للنجاح. كل إنسان يجب أن يقوم بما يحب، فحين تفعل ما تحب تنجح وتبدع به ولا تشعر بالملل".

 ووجه العمري دعوته  "لكل شاب وفتاة لعدم الاستسلام ووضع الأهداف والسعي للوصول إليها، وان لا يوجد مستحيل في الحياة مهما كانت المصاعب كبيرة".

ويبقى شعار العمري الدائم ورسالته للاجئين الفلسطينيين أينما حلوا أن "الصعوبات والعوائق متواجدة دائماً، لكن في نهاية المطاف بالتأكيد نصل إلى النجاح  بالعزيمة والمثابرة والسعي الدائم".

 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد