يعيش اللاجئون الفلسطينيون في مخيّم دير بلوط بريف مدينة عفرين شمالي سوريا، تهميشاً متواصلاً منذ تأسيس المخيم عام 2018، إثر تهجيرهم عن مخيمات اليرموك وخان الشيح ومناطق جنوب دمشق، عقب معارك سيطرة النظام السوري على المخيم، والتسوية التي سيطر بموجبها على البلدات الجنوبية، وأفضت إلى تهجير المئات.
مراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" نقل عن عدد من اللاجئين الفلسطينيين، مخاوفهم من أن يتحول المخيم إلى مركز احتجاز وتهميش أبدي لأكثر من 200 عائلة مهجّرة، تعيش في المخيّم، وسط غياب أي حديث عن حلّ لمشكلتهم، وغياب أي أفق لتغيير واقعهم نحو الأفضل.
المخيّم تحوّل إلى منطقة شبه معزولة
لا يشبه مخيم دير بلوط، سواه من مخيمات التهجير المنتشرة في مناطق شمال سوريا، لجهة الاهتمام الإعلامي والإغاثي بمشاكله، بحسب مراسلنا، الذي أشار إلى أنّ النشاط الإغاثي والمؤسسي في المخيّم، قليل جداً، ويمر بضوابط تفرضها المؤسسة التركية لإدارة الأزمات " فيدار"، التي تتولى الشؤون الخدمية، فيما تغيب الجمعيات والمؤسسات الّا ما ندر، حيث تقوم بعض المؤسسات بتوزيع بعض مواد التدفئة ولوازم الإغاثة بين الحين الآخر.
وآخر نشاط إغاثي سجّل في شهر شباط\ فيراير، قامت به "هيئة فلسطين الخيرية" ووزعت 20 لتر من مادة المازوت لكل عائلة، وسبقها "الحراك الشبابي الفلسطيني" بتوزيع مادة الفحم، وهي مواد يكثر الطلب عليها شتاءً، في ظل عدم كفاية الكميات التي توزعها جمعية "فيدار".
ومن هنا يصف اللاجئ من سكان دير بلوط " أبو محمد" المخيّم بالمنطقة المعزولة، ويقول: " لا أحد يسأل عنّا في هذا المخيّم، وأصبحنا معزولين عن العالم". ويعلل اللاجئ قوله بأنّ كافة الحملات التي شهدتها المنطقة لإغاثة اللاجئين والمهجرين في الشمال السوري، لم تطل فلسطينيي دير بلّوط. ويشير :" المخيّم كأنه موضوع تحت رقابة وتضييق، ولا أحد يريد لوضعنا أن يتحسن".
آفات اجتماعية
ونبّه مراسل " بوابة اللاجئين الفلسطينيين" من عدّة مشاكل وأزمات بدأت تظهر في المخيّم، ومنها مشاكل اجتماعية بفعل التهميش وانسداد الآفاق المعيشيّة، واستغلال بعض "المُتاجرين" لأوضاع المخيّم وعزلته، ليكون مكاناً لترويج المخدرات والحبوب الممنوعة.
وأشار مراسلنا، إلى أنّ العديد من "ضعاف النفوس" يقومون باستخدام المخيم كمان لانطلاق عمليات توزيع وترويج الحبوبالمخدرة وأنواع من المخدرات، الأمر الذي عرّض المخيّم للكثير من الحملات الأمنية خلال الفترة السابقة، من قبل القوى الأمنية التابعة للحكومة المؤقتة بالتنسيق مع الجانب التركي،وجرى اعتقال عدد من المروجين.
ولفت مراسلنا، إلى أنّ سكان المخيّم، باتوا ضحايا تهميشهم من قبل المنظمات الإغاثية والجهات الفلسطينية على رأسها منظمة التحرير، وكذلك وكالة "أونروا" التي لا تضع هذه الشريحة من اللاجئين ضمن نطاق عملها واهتمامها، وهو ما بات يعرضهم لمشاكل عديدة تهدد أطفالهم ومستقبلهم، دون وجود أي افق للحل.
لا تبدّل كبير في الواقع الإيوائي
وحول الواقع الإيوائي في المخيّم، حيث الخيمة هي المأوى الوحيد للأهالي، أشار مراسلنا إلى أنّ السلطات المعنيّة، باتت تغض النظر عن عمليات إعمار جدران اسمنتية بمحيط الخيمة، لتدعيمها إيوائياً.
وأظهرت صور حديثة وافانا بها مراسلنا، قيام العديد من الأهالي ببناء جدران من البلوك، في عملية طالما منعتها السلطات التركيّة في أوقات سابقة، حيث سبق وقامت " الجندرما" التركية خلال عامي 2018 و 2019 وفصائل مسلحة في المنطقة، بهدم مداميك اسمنتية همّ اللاجئون لتشييدها لحمايتهم من الأمطار والفيضانات.
وأشار مراسلنا، إلى أنّ بناء الجدران، دعّم الخيام وجعلها أكثر متانة تجاه العواصف، الّا أنّ ذلك ليس حلّاً حسبما نقل عن الأهالي، نظراً لكون الجدران بلا سقف، وما يزال تأثير العواصف الشتوية كبير، لناحية تسّب المياه إلى داخل الخيام.
ويكمل اللاجون الفلسطينيون في أيّار\ مايو المقبل عامهم الرابع في خيام التهجير، في وقت تتواصل المطالبات لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" بانهاء حالة التهميش والحرمان من خدماتها منذ تهجيرهم قسراً.
وتزداد المخاوف في أوساط المهجّرين، على مستقبل أطفالهم، في ظل صعوبات الحصول على تعليم جيد، والاكتفاء بمدارس محليّة، وسط معانات طلبة المراحل الأساسية بالوصول إلى مدارسهم في المناطق المجاورة.
ويضم المخيّم، خيمة تعليمية تأسست وفق مبادرة أهلية، تقدم التعليم للمراحل الابتدائيّة، في وقت لا يتاح للطلبة الذين اتموا الابتدائية، الالتحاق في المدارس الإعداديّة، لعدّة عوامل تعترضهم، أبرزها بُعد تلك المدارس عن منطقة المخيّم، وصعوبة المواصلات، في حين تحول ظروفهم المعيشيّة دون قدرتهم على التنقّل وتحمل مصاريف الانتقال والاستئجار في المدن والبلدات المحيطة، لانعدم الموارد الماليّة واعتمادهم المعيشي على المعونات الشحيحة التي تقدمها الهيئات المسؤولة عن المخيّم.
وتتولّى منظمة " آفاد" الشؤون الإغاثيّة في مخيّم دير بلّوط منذ انشائه في العام 2018، لاستقبال المهجّرين قسراً من مناطق جنوب دمشق، في حين تنمع المنظّمة أي نشاط مباشر للهيئات الإغاثيّة الأخرى الا بشكل محدود، حسبما أكّد " مراسل بوابة اللاجئين الفلسطينيين".